فوبيا الانترنت في العالم العربي ـ سوريا نموذجاً
١٠ يناير ٢٠٠٨"شرطة الانترنت"، لقب يطلقه المدافعون عن حرية الصحافة في مصر على ما يصطلح عليه هناك "إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة المعلومات". هذه الإدارة التي أنشئت قبل أعوام قليلة، لا تهدف في رأي المراقبين الحقوقيين إلى أكثر من مراقبة المواقع الإلكترونية والإقدام على حجب بعضها أحياناً.
وفي تونس تتخذ الحكومة إجراءات قاسية ضد الشباب من مستخدمي الانترنت، خصوصا أولئك الذي يقدمون على زيارة مواقع إسلامية، انتهت بتوقيع أحكام بالسجن ضدهم تجاوزت عشر سنوات.
أما في سوريا فتتوالى الشكاوي باستمرار في أوساط السوريين منذ بدء خدمة الإنترنت، إذ تقدم السلطات المسؤولة عن الإعلام بحجب الكثير من المواقع واستدعاء العديد من المواطنين بتهمة "الشتم والسب" والتحقيق معهم وسجنهم أحيانا. ويتم هذا الحجب رغم عدم انتماء عدد كبير منهم إلى أي تيارات سياسية. فقد حجب موقع داماس بوست ولحقه موقع النزاهة كما تلقت جميع مزودات الخدمة مؤخرا أمراً بحجب موقع شبكة سيريا نوبلز syrianobles.com. وجاء هذا الحجز بعد أيام على حجب أحد المواقع التابعة للشبكة وهو موقع شباب لك دوت كوم Shabablek.com:، بالإضافة إلى حجب موقع الفيسبوك العالمي وموقع أمازون دوت كوم.
غياب المعايير
يشتكي معظم ضحايا الرقابة على الانترنت في العالم العربي من افتقاد السلطات القائمة إلى معايير واضحة وضوابط محددة للتعامل مع الانترنت، كما يقول الدكتور محمد نعيم الجابي مدير شبكة سيريا نوبلز syrianobles.com للمعلومات التي سعت منذ نهاية التسعينيات إلى خلق محتوى سوري متطور وملفت على شبكة الانترنت.
وذكر الجابي في مقابلة مع موقعنا إنه "من الضروري الاتفاق على معايير معينة، وغياب هذه المعايير يؤدي غالبا إلى سوء الفهم وسوء العلاقة وإلى خطر الفوضى". ويرى الناشط السوري في مجال الانترنت بضرورة "فرض خطوط حمراء على جميع المواقع، مثل احترام الدستور، وشخص رئيس الجمهورية واحترام الديانات السماوية، وهذه الضوابط أو الخطوط يجب أن تكون واضحة لا لبس فيها". كما يرى بأن جزءا من عمليات الحجب يعود إلى أسباب سياسية، في حين يعود الجزء الآخر إلى أسباب أمنية.
نحو وعي جديد بالانترنت
لكن كلما زاد الوعي بشبكة الانترنت ورسالتها وأهميتها، يقول الجابي، كلما أدركت السلطات الحاكمة ماهية الشبكة، وأقدمت على إعداد كوادر تهتم بها وتكتسب ثقافتها، سوف تتراجع آلة الرقابة، لكنه يرى بأن سوريا تفتقد إلى بنية تحتية معلوماتية وإلى رؤية استراتيجية للانترنت رغم تضاعف عدد المستخدمين.
وأكد الجابي على الدور الكبير الذي تلعبه الانترنت في خلق ثقافة الحوار وردم الهوة القائمة بين الحضارات، أما فيما يتعلق بنشر المادة السياسية في سوريا فيقول:"إنه أمر حساس للغاية، إذ نقوم أولا بإخضاع المادة للرقابة الذاتية، لاسيما وأنه ليس لدينا سقف عال من الحرية". وأشار الجابي إلى أن سوريا شهدت في السنوات الأخيرة تطورا إيجابيا، مع ظهور صحف تابعة للقطاع الخاص، إلا أن ذلك يظل مجرد خطوة في رحلة طويلة، حسب تعبيره.