كردستان : المشروع القومي في مواجهة المشروع الإسلامي!
٢ أغسطس ٢٠١٣بلا رتوش تتناقل وكالات الإنباء أخبار ما يجري في" غرب كردستان"، والمقصود به كردستان سوريا، حيث أنّ أكراد المنطقة التي انسحبت منها قوات بشار الأسد بسبب - ضعفها في الغالب ـ قد وجدوا أنفسهم في مواجهة مفتوحة مع مشروع إسلامي تقوده جبهة النصرة، واجهة القاعدة في سوريا، ومن تحالف معها من عناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام.
الفراغ الذي تركه انسحاب قوات الأسد وتشكيلاته الأمنية في المنطقة، دفع التنظيمات الكردية إلى تشكيل نوع من الإدارة المحلية لتسيير حياة الناس وحماية أرواحهم وممتلكاتهم، كما كشف الإعلامي الكردي السوري، عارف جابو، مسؤول العلاقات العامة في المركز الكردي للدراسات القانونية بألمانيا ( ياسا)، في حديثه لمجلة العراق اليوم من DWعربية مبينا أن قوات من هذين التنظيمين بدأت تشن هجمات منظمة على أهداف كردية بعضها مدني في مناطق ديرك وحلب وعفرين لفرض قيام دولة إسلامية.
"21 كتيبة من المعارضة تحاصر مدينة عفرين الكردية منذ شهرين"
آخر هذه الهجمات قام بها عناصر من جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام، حيث سيطر مقاتلوهم على بلدة تل عرن في ريف حلب بشمال البلاد واختطفوا ما يقارب 200 مواطن من أهالي البلدتين يوم 31 تموز / يوليو 2013 ، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي معرض شرحه للوضع في المناطق الكردية أشار عارف جابو إلى أن مدينة " عفرين ما زالت منذ أكثر من شهرين تحت حصار أكثر من 21 كتيبة من جبهة النصرة وفصائل من الجيش الحر التي تمنع دخول المواد الغذائية والطبية ".
رد الفعل الكردي جاء مفصلا، فقد دعت وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا الثلاثاء إلى "النفير العام" في مواجهة التنظيمات الجهادية . ومع أن أكراد سوريا غير متفقين بشأن موقفهم من التغيرات الجارية، لكن تسريبات إعلامية تشير إلى أن المجموعة التي تولت حمل السلاح تضم المجاميع التي حضرت مؤتمر هولير(اربيل) برعاية رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني عام 2011 والتي وقعت اتفاق هولير .
ولا يخفى أن إقليم كردستان العراق يمثل العمق الاستراتيجي الوحيد الذي يمكن أن يدعم لوجستيا وعملياتيا الكرد في سوريا. ضمن هذا التصور، وتطورات الوضع ميدانيا في سوريا، زار رئيس حكومة إقليم كردستان، نجريفان بارزاني، تركيا، في مسعى لتقريب وجهات النظر بين الحكومة التركية وبين أحزاب كردية سورية أعلنت مؤخرا إدارة مناطقها على الحدود مع تركيا، علاوة على الرغبة في التنسيق مع الحكومة التركية لإنجاح المؤتمر القومي الكردي الذي سيحضره أكراد من تركيا وإيران وسورية و العراق.
" ألعمق الحقيقي للكرد في هذه المنطقة هو الديمقراطية"
من اربيل شارك في حوار مجلة العراق اليوم الكاتب والإعلامي كفاح محمود كريم، المستشار الإعلامي في مكتب الرئيس الكردي مسعود بارزاني، وعلّق على زيارة نجريفان بارزاني إلى تركيا بالقول" ألعمق الحقيقي للكرد في هذه المنطقة هو الديمقراطية، وعلى الأتراك والإيرانيين والسوريين والعراقيين أن يدركوا أنهم لن يذهبوا إلى المستقبل بخطوات ناجعة دون أن يسلكوا طريق الديمقراطية".
واعتبر كفاح محمود كريم أنّ شعوب المنطقة عليها أن تؤمن بالديمقراطية الحقة، وبحق الآخر في الحياة حتى أن كان مختلفا عنهم عرقيا ومذهبيا ودينيا، مبينا أن الأوربيين بهذه الطريقة نجحوا في أن يصنعوا دولا عصرية ناجحة تنأى بنفسها عن الحروب والخوض في العنف.
وعاد كريم ليؤكد أن الأتراك قد سبقوا كل دول المنطقة في تبني الخيار الديمقراطي منذ سقوط الدولة العثمانية وأنجزوا خطوات مهمة بهذا الاتجاه.
وأكد الإعلامي الكردي أن" لا خلاف من حيث المبدأ في العمقين التركي والكردي في الخيار الديمقراطي، والخيار الكردي في سوريا هو فدرالي كما هو في العراق وهذا يخدم تركيا في المدى البعيد".
ضمن هذا السياق اعتبر كفاح محمود كريم أن زيارة نجريفان بارزاني إلى تركيا تأتي" لتوضيح الصورة للمسؤولين الأتراك".
وذكّر كريم بمواقف الأتراك منذ عام 2003 ومخاوفهم من كردستان العراق ومن مطالب حزب العمال الكردستاني، والتي وصلت إلى حد إعلان الحرب والتحشيد على حدود الإقليم مبينا " أن مرور الأيام اقنع العسكر والساسة في تركيا أن الكيان الكردي في المنطقة سيكون كيانا ايجابيا وليس سلبيا" وهو أمر يمكن أن يخدم ويطور التعاون بين الجانبين.
"الجغرافية لن تكون عائقا "
و يمكن القول، إن تطورات الوضع في سوريا قد وضعت المدن الكردية تحت تصرف أهلها، ولكن هذه المدن والمناطق المحيطة بها غير متصلة جغرافيا، فكيف يمكن تسميتها غرب كردستان، وكيف يمكن أن تشكل منطقة وجود فدرالي كردي في سوريا؟
عن هذا السؤال أجاب الإعلامي عارف جابو مستشهدا بأمثلة لم يتحقق فيها ارتباط جغرافي لكنها شكلت توحدا عرقيا وسياسيا في شكل دولة " الامتداد الجغرافي ليس شرطا، وهناك أمثلة على مناطق مرتبطة بدول ليست متصلة بها جغرافيا، وعلى سبيل المثال ولاية بريمن تتبع لها مدينة تفصلها عنها ولاية أخرى ، وأنظر إلى ألاسكا، هي ولاية أمريكية لكن يفصلها عن الوطن دولة كندا".
وأكد جابو وجود تواصل جغرافي بين المناطق الكردية في سوريا لكن تعاقب الأنظمة السياسية الشوفينية قد أعقبه "تغيير جغرافي ديموغرافي عبر تغيير خارطة هذه المناطق في الفترة التي تلت الاحتلال العثماني وبعده الفرنسي ".
ويذكّر هذا الوضع بالوضع الذي نشأ في العراق فيما بات يعرف بالمناطق المتنازع عليها( كركوك، ومناطق من ديالى، وصلاح الدين) بعد التغيير الديموغرافي الذي طرأ عليها.