كورونا: الجريمة في زمن الأزمة
١٨ أبريل ٢٠٢٠حافلات النقل ومحطات القطار والساحات العامة هي حاليا شبه خالية. فقيود التجول أثناء جائحة كورونا تمنع حالات الازدحام المعتادة. وفي الوقت نفسه يعمل الكثير من الناس من بيوتهم. وهذه أوقات سيئة بالنسبة إلى الجناة على الأقل فيما يرتبط بأعمال السطو والسرقات واقتحام البيوت.
ولا يوجد إلى حد الآن إحصائيات رسمية حول تأثير كورونا على الجريمة في ألمانيا. وهذا ما أعلنته شرطة الجنايات الألمانية جوابا على سؤال من دويتشه فيله، وأشارت إلى أنه تم قبل مدة قصيرة نشر إحصائيات الجريمة لعام 2019، وإلى حين نشر الإحصاء الرسمي الخاص بعام 2020 سيتطلب الأمر نحو سنة. وبالرغم من ذلك توجد شواهد على تأثير متبادل بين وباء كورونا والجرائم.
ووزارة الداخلية في ولاية شمال الراين وستفاليا الأكبر من ناحية كثافة السكان كشفت عن أرقام مؤقتة لدويتشه فيله. قارنت الوزارة الفترة الممتدة بين الأول من مارس و الخامس من أبريل 2020 مع الفترة نفسها من العام الماضي. ومما تبين لها أن حوادث السطو على البيوت تراجعت خلال هذه الأسابيع الخمسة من 2483 في عام 2019 إلى 1620 في السنة الجارية يعني بحوالي الربع. وقد انخفضت سرقة الجيوب من 3592 إلى 1857 حالة يعني إلى النصف. وفي هذا الموضع تمت الإشارة إلى أمرين: فمن جهة يشمل إحصاء الجريمة عدد البلاغات، وهذا يعني أن المخالفات التي لن يتم الإبلاغ عنها لا تظهر في الإحصاء ـ وبالتالي فإن عدد الجنح المسجلة رهن بسلوك الناس في الإبلاغ عنها. ومن جهة أخرى يتعلق الأمر بالإحصائيات المذكورة آنفا بأعداد مؤقتة قد تتغير. لكنها تكشف عن توجه معين. والأعداد المسجلة في ولاية ألمانية أخرى تبين نفس التوجه.
أوقات سيئة للصوص
وفي ولاية ساكسونيا السفلى قارنت الشرطة الجنائية الأعداد المؤقتة لبعض الجرائم خلال الأسبوع من 30 مارس حتى 5 أبريل 2020، أي الفترة التي بدأت فيها قيود الحجر الصحي سارية المفعول مع الأعداد المسجلة في نفس الفترة من السنة الماضية، والنتيجة: فيما يخص الجروح الجسدية هناك تراجع بأكثر من 45 في المائة وفيما يتصل بالسطو على البيوت بلغ التراجع أكثر من 50 في المائة وفيما يتعلق بسرقة الجيوب زاد على 90 في المائة.
والواضح أن الجنح التي تمت مقارنتها في ساكسونيا السفلى تراجعت أكثر مما هو عليه الحال في ولاية شمال الراين وستفاليا. وتفسير ممكن لهذه النسب قد يعود للفترة الزمنية التي سُجلت فيها تلك الجنح. ولا عجب أن بعض الجنح باتت نادرة، إذ أن وزارة الداخلية في ولاية شمال الراين وستفاليا كتبت أن "ظروف العيش المتغيرة تتعارض مع بعض أشكال الجريمة أو على الأقل تقيدها في طريقة ارتكابها ". وبالتالي فإن سرقة الجيوب تكون صعبة التحقيق في زمن التباعد الاجتماعي بين الأشخاص. وحتى اللصوص الذين يقتحمون عادة البيوت قلما يجدون فرصة لتنفيذ مبتغاهم بحكم أن غالبية الناس تبقى في بيوتها.
كريستيان بفايفار، المدير السابق لمعهد بحوث الجريمة في ساكسونيا السلفى ينطلق من أن التراجع سيطرأ أيضا على جريمة المخدرات. فتجارة المخدرات (على الأقل للاستهلاك اليومي ) تحصل في الغالب في أماكن عامة، وهذا لا يتأتى حاليا في مساحات خالية يمكن مراقبتها بشكل أفضل. وهذا ينطبق أيضا على أعمال العنف تحت تأثير الكحول، لأنه "إذا ظلت الحانات والمراقص وحدائق الجعة مغلقة، فإنه لا تحصل هناك مشاجرات"، كما يقول كريستيان بفايفار في حديثه مع دويتشه فيله.
احتيال بمنتجات كورونا
لكن الجناة يبتكرون أيضا أساليب جديدة لبلوغ أهدافهم في زمن كورونا. فالشرطة الجنائية في ولاية شمال الراين وستفاليا تحذر من الخدعة الجديدة التي يتصل فيها محتالون بأشخاص كبار في السن ويقدمون أنفسهم كحفيد مصاب بكورونا. وبعدها يطلبون الحصول على بعض المال لشراء أدوية. كما أن بعض اللصوص يقرعون أبواب البيوت ويقدمون أنفسهم كموظفين من وزارة الصحة وقد حضروا للقيام بتجارب كورونا. وحين يصبحون داخل البيت فإنهم يقومون بسرقة المال أو الحلي. كما أنه بالاحتيال يمكن تحقيق الربح المادي في زمن كورونا، إذ أن خبراء يتحدثون عن أعمال تسوق زائفة أو منتجات وهمية مرتبطة بكورونا. فبعض المواقع الإلكترونية تعرض مواد التعقيم والأدوية أو الكمامات. وتطلب بدفع المبالغ مسبقا، لكن المنتجات لا تصل أبدا لأصحابها. وهناك بعض الجناة الذين يرسلون البضاعة ـ لكن ما يصل عبارة عن مستنسخات أو بضاعة مقلدة لا تفي بمعايير الجودة الضرورية.
جنح أقل في العلن
وكاستنتاج أولي يمكن القول بأن الجريمة تتطور في اتجاهين. جنح لها علاقة بتقارب الناس أو غيابهم وهي تتراجع مثل سرقة الجيوب والسطو على البيوت. وهناك أعمال الاحتيال عبر الانترنيت التي تزداد ولها علاقة بمنتجات زمن كورونا.
وأزمة كورونا قد تفتح المجال أمام الجريمة المنظمة وغسل الأموال. "فإذا أفلست بعض الحانات، فإن المافيا قد تشتريها بثمن بخس لتوظيفها مستقبلا في غسل الأموال" ،كما يحذر كريستيان بفايفار الذي أضاف بأن العديد من شركات الحجم المتوسط ينقصها حاليا المال، وبالتالي فإن عصابات الجريمة المنظمة قد تقرضها أموالا بفوائد عالية أو تشتريها كليا.
ماركو مولر/ م.أ.م