لهذا يغير عدد قليل من طالبي اللجوء "المسار" للعمالة المتخصصة
٢٧ يوليو ٢٠٢٤في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 أُعلن في ألمانيا أن طالبي اللجوء الذين دخلوا البلاد قبل 29 آذار/ مارس 2023، ولديهم مؤهلات أو عرض عمل، أصبح بإمكانهم التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة كعمالة متخصصة، بشرط سحب طلب اللجوء، كذلك تم إعفاؤهم من شرط مغادرة البلاد، للبحث عن تأشيرة عمل من الخارج.
كما يُشترط أيضًا على المتقدمين التحدث باللغة الألمانية، وأن يكونوا قادرين على إعالة أنفسهم، وألا يكون طلب اللجوء الخاص بهم قد تم رفضه قانونيًا في وقت التغيير.
لكن وبحسب تقرير لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" Welt am Sonntag الألمانية، فإن هذا التحول نادرًا ما حدث منذ تطبيق القرار، بناءً على استطلاع أجرته الصحيفة في 10 مدن ألمانية تضم أكبر عدد من السكان، وبحسب الاستطلاع: "استخدم عددٌ قليل جدًا من طالبي اللجوء الفرصة الجديدة للتحول من إجراءات اللجوء إلى إجراءات العمالة المتخصصة".
ماذا تقول الأرقام؟
عندما صدر القرار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 كان الهدف منه تسهيل اندماج طالبي اللجوء في سوق العمل الألماني، وذلك لتلبية حاجة البلاد إلى العمالة المتخصصة في مختلف المجالات، ولتسهيل ذلك تم التخلي عن الشرط بالنظام السابق الذي يؤكد ضرورة مغادرة طالب اللجوء للبلاد والتقدم لتأشيرة العمل من الخارج، ما جعل العملية معقدة وطويلة، لذلك تمت الموافقة على القيام بذلك خلال الإقامة على الأراضي الألمانية.
لكن، وفقًا لتقرير الصحيفة الألمانية يبدو أن هذه الفرصة لم تُستخدم بشكل واسع حتى الآن، إذ أظهرت استطلاعات الرأي في أكبر عشر مدن ألمانية أن عدد قليل جدًا من طالبي اللجوء استغلوا هذه الفرصة، فيما لم تُسجل أي حالة لتحول طالبي اللجوء إلى مسار العمالة المتخصصة، في بعض المدن، وسجلت مدنٌ أخرى حالات قليلة جدًا أو نادرة.
رغم غياب أرقام وطنية على مستوى البلاد، أظهر الاستطلاع أن مدينة ميونيخ، عاصمة ولاية بافاريا، كانت المدينة الوحيدة التي سجلت عددًا أكبر من الطلبات بنحو 25 طلبًا، تمت الموافقة على بعضها.
أما في ولاية شمال الراين-وستفاليا، لم تسجل مدينة دورتموند أي طلب، ولا توجد أي حالات معروفة حتى شهر تموز/ يوليو 2024، بينما سجلت مدينة دوسلدورف حالة واحدة، وذكرت مدينة كولونيا وجود "طلبات قليلة جدًا". فيما قالت بعض المدن الألمانية إنها لا تستطيع تقديم أرقام.
كارولين موهروس من مجلس اللاجئين في ولاية ساكسونيا السفلى ترى أن قلة الأرقام "بسبب الفترة الطويلة التي استغرقها القرار لدخوله حيز التنفيذ"، وتضيف: "سيتم بالفعل البت في العديد من طلبات اللجوء التي تم تقديمها قبل 29 مارس/ آذار 2023. وهذا يقلل أيضًا من دائرة الأشخاص المحتملين المستفيدين - وهي بالفعل صغيرة جدًا بسبب الموعد النهائي.. إذا كنت تريد جديًا أن يستفيد العديد من الأشخاص المؤهلين من اللائحة، فعليك توسيعها وعدم تحديدها بتاريخ".
لماذا لا تزال الأرقام قليلة؟
عند الإعلان عن القرار في العام الماضي، وصف النقاد قواعد تطبيقه بأنها "معقدة للغاية"، أو "غير معروفة بما يكفي لطالبي اللجوء"، مما يحد من الاستفادة منها.
لكن بحسب الخبراء والعديد من التقارير الإعلامية فإن أهم الأسباب محتملة لعدم الاستفادة من فرص التحول إلى مسار العمالة المتخصصة على نطاق واسع في ألمانيا يعود لأسباب تتعلق بالإجراءات البيروقراطية التي تعتبر بالنسبة للعديد من متقدمي طالبات اللجوء "معقدة وتستغرق وقتًا طويلاً"، ما يثني طالبي اللجوء عن المحاولة، لأنهم قد يحتاجون إلى تقديم الكثير من الوثائق والحصول على الموافقات المختلفة، مما يزيد من صعوبة العملية.
كذلك فإن العديد من متقدمي طلبات اللجوء قد لا يكونون على قدر كافٍ من الوعي بشروط ومتطلبات القانون، ما يعني عدم إدراكهم بأنهم مشمولون بالقانون، أو ينقصهم الاعتراف رسميًا بشهاداتهم في ألمانيا، أو تعديلها، كما أن اللوائح عادة ً "ليست مفهومة بشكل واضح ومليئة بلوائح الحالات الفردية المحددة"، ما يجعل الأمر صعبًا على الفهم للعديدين.
لذلك تشير دراسة لـ المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (DIW) وجامعة أوتو فريدريش بامبرغ إلى أن "بعض اللاجئين الحاصلين على شهادات جامعية يعملون في وظائف لا تتطلب مهارات، وذلك من المرجح يعود لأن هؤلاء اللاجئون يستخدمون عملهم كوسيلة لكسب لقمة العيش، بينما يحاولون تلبية جميع متطلبات الوظيفة في مجالهم الفعلي".
كذلك يتردد العديد من طالبي اللجوء عند سحب طلب اللجوء الخاص بهم وتحويله إلى مسار العمالة المتخصصة، خوفًا من فقدان وضعهم الحالي وعدم ضمان الحصول على تصريح إقامة كعمالة متخصصة.
وهذا ما تحذر منه كارولين موهروس من مجلس اللاجئين في ولاية ساكسونيا السفلى حيث تقول: "في الحالات الفردية، عليك أن تنظر بعناية فيما إذا كانت هذه هي الطريقة الأفضل للمتضررين لسحب طلب اللجوء الخاص بهم وبالتالي فقدان فرصة الحصول على وضع الحماية. بالطبع ستوفر الكثير من الوقت، لكن تصريح الإقامة يرتبط دائمًا بالعمل. بينما يضيف عبد اللطيف برغشة من مجلس اللاجئين في ولاية ساكسونيا السفلى: "إذا فقد المتضررون وظائفهم، فيجب عليهم العثور على وظيفة جديدة في غضون ستة أشهر".
أما العامل الآخر لضعف الأرقام قد يكون بسبب الدعم المحدود من أصحاب العمل، وعدم وجود تعاون كافٍ لتقديم عروض عمل لطالبي اللجوء أو لدعمهم في عملية التحول إلى العمالة المتخصصة.
راما الجرمقاني