ليبيا- حملات لإلغاء قرار يمنع سفر المرأة دون محرم
٢١ فبراير ٢٠١٧ثلاثة أيامٍ مرت على قرار الحاكم العسكري لمنطقة شرق ليبيا (من درنة إلى بن جواد)، اللواء عبد الرازق الناظوري، حول منع النساء في ليبيا من السفر دون محرم. لكن القرار الذي حمل الرقم 6 للعام 2017 أثار زوبعةً من الاحتجاجات والانتقادات، التي بدأت في العالم الافتراضي وانتقلت إلى أرض الواقع للوقوف ضد تنفيذ ما أعتبره عديد من الليبيين والليبيات "العودة لعصر الجاهلية"، بحسب تعبيرهم.
القرار الذي برره الحاكم العسكري بأنه جاء حرصاً منه على الأمن القومي، وانطلاقاً من مبدأ الحفاظ على أمن المواطن والمواطنة، واجه انتقاداتٍ كثيرة من قبل عدد من النشطاء والناشطات والجمعيات المدنية والنسوية في ليبيا وخارجها، على اعتبار أنه يتناقض مع حقوق الإنسان، وحق حرية الحركة والتنقل، لتبدأ حملة توقيعات على موقع آفاز لمنع العمل به.
الليبيون دعوا لوقفةٍ احتجاجية في بنغازي في ساحة الكيش عصر الحادي والعشرين من شباط/ فبراير للتعبير عن رفضهم لمنع السفر الموضوع على النساء، حيث تمت الدعوة لهذه الوقفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي كافة، لكن تم إلغاؤها بحجة عدم وجود ترخيص، في الوقت الذي استخدم فيه الليبيون عبر العالم الافتراضي "وسمين" (هاشتاغين) منذ بداية الحملة هما: #لا_لمنع_سفر_المراة_دون_محرم والذي تجاوز الخمسمئة ألف تداول على موقع تويتر خلال يومين، ثم #wonenTravelBan والذي تجاوز المليون ونصف تداول وتمت مشاركته من قبل منظمات وجمعيات عالمية ومحلية في ليبيا وخارجها.
التبريرات غير مقنعة!
تبريرات الحاكم العسكري للقرار لم تقنع الناشطات، بحسب ما أفادت الصحفية الليبية والناشطة النسوية مبروكة المسماري لـ DW عربية، حيث قالت المسماري إن "الحاكم برر قراره بأن بعض النساء يتم استغلالهن باسم المجتمع المدني للسفر لحضور مؤتمرات وورشات عمل قد تستخدم في أغراض التجسس على ليبيا." وتضيف مبروكة المسماري: "لكن هذا الكلام غير مقنع إذ يمكنهم في حال الشك بأهداف بعض النشاطات استدعاء النساء أو الرجال على حد سواء والتحقيق معهم، وليس منع النساء من السفر، كما أن الرجال يحضرون مثل هذه الورشات ولهم حرية السفر فأين المنطق في ذلك؟".
الناشطة النسوية الليبية زهراء النقي كانت أبرز الذين حملوا لواء هذه الحملة في العالم الافتراضي حيث بدأت مع عدد من الجمعيات والمنظمات حملة التغريدات لتعريف الليبيات بحقوقهن ولماذا عليهن رفض القرار، وكتبت بدايةً "أيتها الليبية اعرفي حقك جيدا...قرار الحاكم العسكري بمنعك من السفر إذا كنتِ أقل من الستين عاما دون محرم باطل وجاري الطعن فيه، فدستور الاستقلال الليبي يحفظ حقك في حرية التنقل والسفر."
وتؤكد الناشطة مبروكة المسماري لـ DW عربية أن "القرار باطل حكماً، فليس للحاكم العسكري الحق في التدخل بالشؤون المدنية لليبيا، وهذه المسألة هي من مهام لجنة الأمن القومي في البرلمان، والحاكم العسكري بقراره تجاوز الجميع، وتجاوز وزارة الخارجية، وقانونياً القرار ساقط."
اليوم الطيارة وغداً السيارة
الحملة كانت تعبيراً عن حراك مدني في ليبيا بشكلٍ خالص، لم تقف وراءها منظمة أو جهة بعينها، بل كانت نتيجة تحرك شعبي رأى في القرار انتهاكاً لحرية المرأة وحقوقها. واللافت كان عدد المتحمسين ضد القرار من الرجال في ليبيا وخارجها وهم أكثر من النساء، بحسب ناشطاتٍ ليبيات.
العالم الافتراضي أصبح ساحةً لنشر الصور والتعريف بالحقوق والتنبؤ بالمستقبل حيث غردت إحدى السيدات تؤكد على ضرورة التحرك لوقف القرار قائلة "اليوم طيارتك وبكرا سيارتك" في إشارة للسعودية التي تمنع فيها المرأة من قيادة السيارة أو السفر دون محرم.
كما تم تداول صور لنساء ليبيات عبر التاريخ كان لهن دورٌ رائد للتذكير بحقوق المرأة ومكانتها.
فيما أنتج شاب ليبي أغنية للتهكم على القرار، على غرار لحن الأغنية الشهيرة "Hero" للمغني انريكيه اغليسيس بعنوان. وجعل هذا الشاب الليبي أغنيته بعنوان: "I can be your Muhram bebe"، أي "يمكنني أن أكون محرمك يا حبيبتي"
"لا يمكن تطبيق القرار، فالعديد من الليبيات يعملن بالخارج أو يسافرن للدراسة أو العمل، وبعضهن لا يملك محرماً أساساً إذ فقدنا العديد من الرجال منذ انطلاقة الثورة الليبية عام 2011"، تقول مبروكة المسماري لـ DW عربية. وتعتقد الناشطة النسوية اللليبية أن القرار "جاء بضغط من دائرة الأوقاف في ليبيا بتأثير شيوخ السعودية، لكن الأزهر لم يقل ذلك، وقراره كان واضحاً بأنه يمكن للمرأة السفر إلى دولة آمنة دون الحاجة لمحرم."
بيد أنه ليس كل الليبيين ضد القرار، إذ كانت هناك بعض التغريدات، التي تؤيد منع السفر دون محرم، معتبرين أن ذلك تطبيقاً للدين والشرع.
في حين سلك البعض أسلوب التهكم حيث غرد أحد الليبين قائلاً "للأخوات الراغبات في السفر ولا يملكن محارم، لدينا محارم من جميع الأشكال والأحجام والأسعار.. شركة الناظوري للمحارم"
على القانون أن يأخذ مجراه
الحملة المستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي يرافقها تحركات مدنية وقانونية أيضاً بحسب ما تقول مبروكة المسماري إذ "سيعقد اجتماع للجنة الأمن القومي في البرلمان مع عدد من الناشطات النسويات في ليبيا يوم 22 شباط/ فبراير للبحث بالقرار ومناقشة العدول عنه".
وتضيف المسماري "لقد حُرمت من دخول ليبيا بسبب داعش سابقاً وعندما تم دحرهم في منطقتي لم يعد بإمكاني العودة إلى وطني لأني أعمل خارجه معظم الوقت، لقد انتهينا من داعش لتخلق داعش بشكلٍ آخر".
راما الجرمقاني