مؤتمر باريس للمناخ يدق ناقوس الخطر
٢ فبراير ٢٠٠٧حذرت مجموعة الخبراء الحكوميين في التغييرات المناخية اليوم الجمعة في باريس من ان انبعاث الغازات الناتجة عن النشاط البشري سيتسبب في تدهور خطير في المناخ "لأكثر من الف سنة" يترافق مع احتباس حراري وارتفاع في مستوى البحار والمحيطات. ورأى الخبراء انه "من المحتمل جدا ان تستمر وتيرة موجات الحر الشديد ودرجات الحرارة القصوى والأمطار الغزيرة في التزايد". كما انه من "المرجح" ان تزداد حدة الأعاصير الاستوائية والعواصف في المستقبل وان تترافق مع رياح أقوى وأمطار اكثر غزارة. ومن المتوقع بحسب التقرير ان يرتفع مستوى البحار والمحيطات ما بين 18 و59 سنتمتر بحلول نهاية القرن. وجاء في التقرير أن استمرار انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بالمعدلات الراهنة أو بمعدلات أعلى سيؤدي إلى ارتفاع أكبر في درجات الحرارة وربما يتسبب في تغيرات كبيرة بالمناخ العالمي خلال القرن الحادي والعشرين. وخلص التقرير إلى أن الأنشطة البشرية هي السبب الرئيسي وراء ظاهرة الاحتباس الحراري.
وكان حوالي 500 عالم من حوالي 6 بلدا قد اجتمعوا في العاصمة الفرنسية لإصدار هذا التقرير العلمي بعد مناقشات استمرت أربعة أيام وجرت في جلسات مغلقة في باريس. الجدير بالذكر ان مجموعة الخبراء الحكوميين في التغييرات المناخية التي انشأتها الأمم المتحدة في 1988، تعتبر أهم مجموعة علمية تدرس التقلبات المناخية في العالم وأكثرها خبرة في هذا المجال. وكان آخر تقرير نشرته هذه المجموعة في عام 2001.
مسئولية الإنسان في تسخين الأرض
ورسخ الخبراء الدوليون المجتمعون في العاصمة الفرنسية القناعة بتحمل الإنسان مسؤولية القسم الأكبر من الارتفاع المسجل في متوسط حرارة الأرض منذ منتصف القرن العشرين. حيث أكد الخبراء على مسؤولية الإنسان عن تدهور المناخ بنسبة 90 في المائة مقابل 66 في المائة في تقريرهم الأخير عام 2001. وأعطت المجموعة للمرة الأولى "تقويما اكثر دقة" للاحتباس الحراري المتوقع بحلول نهاية القرن، إذ توقعت ان ترتفع الحرارة بين 8.1 درجة وأربع درجات عن مستواها في فترة 1980-1999. وتمثل هذه الأرقام متوسطا للتوقعات، إذ قد تسجل ظاهرة الاحتباس الحراري مستويات أعلى تصل الى 4.6 في المائة بحسب التوقعات الأكثر تشاؤما.
في هذا السياق قال يواخيم ماروتسكا، احد المشاركين في وضع التقرير الدولي ومدير معهد ماكس بلانك لأبحاث الأرصاد الجوية في مدينة هامبورغ الألمانية، بأن الكثير من المبررات التي كانت تضفي الشك حول دور الإنسان في التغيرات المناخية سقطت الآن. وكشف ماروتسكا في مقابلة مع موقع "تاغيس شاو" الألماني الى ان التقرير لا يشير الى ان التغييرات المناخية أسرع واقوي مما كانت عليه حتى الآن بل ان لب التقرير هو التأكيد والتشديد على ما سبق قوله حتى الآن. من ناحيته اتفق مدير معهد بوتسدام لبحوث أثار التغيرات المناخية الألماني هانز يواخيم، مع الرأي القائل بتحميل الإنسان مسئولية التغييرات المناخية. حيث اعتبر الخبير الألماني ان التقرير يزيح آخر الشكوك حول مسؤولية الإنسان في التغيرات المناخية. وأضاف محذرا"في نهاية المطاف يبقى الأمر في أيدينا لتصحيح هذا التطور الخطير من خلال تقليص الإنبعاثات الغازية".
دعوات للتحرك قبل فوات الآوان
وبمناسبة صدور هذا التقرير دعى كلاوس توبفر، المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، الى سرعة التحرك لوقف التغييرات المناخية. واضاف وزير البيئة الألماني الأسبق والرئيس الحالي لمجلس الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في مقابلة مع قناة غرب المانيا (في دي ار)." من لم يفِق حتى الآن، فعليه ان يسأل نفسه ماذا ينتظر ان يحدث حتى يستشعر الخطر؟". ووصف المسئول التقرير الدولي بأنه "تحذير مستديم"، مشيرا الى ان الامر ليس مجرد تنبؤات "فنحن نرى كيف تذوب الثلوج وكيف تنحسر المجاري الجليدية". من جانبها علقت منظمة "غرينبيس" لحماية البيئة على الفور في بيان قائلة "اذا كان تقرير المجموعة الأخير (عام 2001) دعوة الى اليقظة، فان هذا التقرير الجديد هو بمثابة صفارة إنذار". وتابعت غرينبيس "ان النبأ السار هو ان فهمنا للنظام المناخي وللتأثير البشري عليه تطور للغاية. أما النبأ المؤسف، فهو انه كلما تطورت معرفتنا، بدا مستقبلنا اكثر خطورة".