مصر- وضع اقتصادي ضاغط وترقب لخفض محتمل في قيمة العملة
٢٦ أغسطس ٢٠٢٢
قرر البنك المركزي المصري الخميس (25 أغسطس/آب 2022) رفع الحد الأقصى للمبلغ النقدي الذي يُسمح للعملاء بسحبه من حساباتهم المصرفية وأزال القيود المفروضة على المبلغ الذي يمكنهم إيداعه.
وأعلن محافظ البنك بالوكالة - المعين حديثاً - حسن عبد الله في منشور أنه سيُسمح الآن بسحب ما يصل إلى 150 ألف جنيه (7800 دولار) بعد أن كان 50 ألفاً فقط منذ أبريل/نيسان 2020.
وكان البنك المركزي قد فرض قيود السحب والإيداع في 2020 في إطار خطة للتخفيف من الآثار السلبية لجائحة فيروس كورونا. لكن مصرفيين يقولون إن هذه القيود ساعدت في تضييق الخناق على السوق السوداء في العملة الأجنبية من خلال تقليل كمية السيولة المتاحة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تترقب فيه الأوساط الاقتصادية قرار عبد الله بالبت في مسألة خفض قيمة العملة، والجدول الزمني لتنفيذ ذلك إذا كان هناك خفض بالفعل.
أوضاع اقتصادية ضاغطة
ويواجه عبد الله مهمة شاقة في الوقت الذي يحاول فيه إصلاح اقتصاد تضرر بفعل تقييم العملة بأعلى من قيمتها الحقيقية وارتفاع التضخم واستنزاف غالبية ما لدى النظام المصرفي من نقد أجنبي.
واختار الرئيس عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي عبد الله للمنصب بعد استقالة المحافظ السابق طارق عامر المفاجئة قبل ما يزيد قليلا عن عام على انتهاء فترة ولايته التي مدتها أربع سنوات.
وقال رجال أعمال إن مساعي عامر لدعم الجنيه المصري تضمنت فرض قيود على رأس المال قوضت الواردات التي يُنظر إليها على أنها غير أساسية، وقيدت مدخلات الإنتاج للمصانع وأعاقت تحويل الشركات والمسافرين للعملات الأجنبية إلى الخارج. ويقول مصرفيون إن العملات الأجنبية اختفت إلى حد كبير في الأشهر القليلة الماضية من سوق المعاملات بين البنوك.
وستكون الأدوات المتاحة أمام البنك المركزي محدودة. فالحرب في أوكرانيا ، التي أحدثت هزات عالمياً، أضعفت الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية والسياحة كما رفعت تكاليف استيراد السلع.
وتشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن العام المالي المنتهي في 30 يونيو/حزيران شهد خروج نقد أجنبي بأكثر من 35 مليار دولار من البنك المركزي والنظام المصرفي، مع تحول صافي الأصول الأجنبية لتسجيل سالب 370.1 مليار جنيه مصري من 251.7 مليار جنيه.
واستنزف عجز ميزان المعاملات الجارية 5.79 مليار دولار من الاقتصاد في الربع الأول فقط من 2022.
وتضرر الكثير من سكان مصر البالغ عددهم 103 ملايين نسمة من إجراءات تقشف منذ اتفاق بقيمة 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في 2016. ويبلغ معدل التضخم السنوي الآن 13.6 بالمئة، وهي أسرع وتيرة له منذ مارس/آذار 2019.
مساعدة من صندوق النقد
كانت مصر قد بدأت محادثات في مارس/آذار للحصول على قرض جديد من صندوق النقد، لكن الصندوق قال الشهر الماضي إنه لا يزال ينبغي للقاهرة إحراز "تقدم حاسم" على صعيد الإصلاحات المالية والهيكلية.
وقدمت دول خليجية استثمارات وودائع بعشرات المليارات من الدولارات لدعم مصر منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط الذي أجج موجة تضخم في الاقتصاد العالمي. ومن المتوقع أن تقدم تلك الدول المزيد لمساعدة القاهرة في التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وفي الشهر الجاري، قامت الحكومة المصرية بإطفاء الأنوار في ميدان التحرير بالقاهرة وأمرت المتاجر والمراكز التجارية بإيقاف أجهزة التكييف لتوفير الغاز الذي يمكن تصديره بالعملة الأجنبية.
ويبلغ سعر الدولار في مصر بين 19.13 و 19.15 جنيهاً للشراء، وبين 19.15 و 19.21 للبيع. وعلى الرغم من الحملة على السوق السوداء، يقول مصرفيون إن العملة الأمريكية تباع بنحو 20 جنيهاً فيها، وتتراوح بين 21 و25 جنيهاً بين العملاء الأكبر.
خفض "لازم" لقيمة العملة
وقال جيمس سوانستون من كابيتال إيكونوميكس إنه ينبغي خفض قيمة الجنيه المصري بنسبة 24 بالمئة أخرى. وقال "نعتقد أن العملة بحاجة إلى مزيد من الانخفاض، وأنها ينبغي أن تنخفض إلى مستوى 25 مقابل الدولار بحلول نهاية 2024. السيناريو المثالي أن يكون هذا خفضا تدريجيا محكوما للجنيه لتجنب التخفيضات الحادة في قيمة العملة التي يمكن أن تكون أكثر ضرراً".
ويبدو أن خفض قيمة العملة وبيع أصول حكومية من الشروط الأساسية للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي . وتعهدت مصر هذا العام ببيع أصول مملوكة للدولة بعشرة مليارات دولار سنوياً على مدى السنوات الأربع المقبلة.
ع.ح./ع.ج.م. (رويترز)