070409 Kunst Blinde
٢٤ مايو ٢٠٠٩قدرة زيغفريد زيربرغ على تحديد الاتجاهات جيدة بشكل مدهش، ولولا أنه يمسك بعصا العميان، لاعتقد المرء أنه مبصر، لكنه كفيف البصر منذ الثالثة والعشرين من عمره. بيد أن ذلك لم يمنعه من أن يعيش حياته بشكل عادي؛ فهو رب أسرة ويعمل، وله علاقاته الاجتماعية، كما أنه محب للأسفار، ويهوى الثقافة والفن، ويرى أنه لا يجوز القول بأن نوعا معينا من الفن قد يكون غير مناسب لمكفوفي البصر؛ كأن يقال مثلا بأنهم لا يستطيعون رسم اللوحات الفنية أو تذوقها.
زيغفريد زيربرغ يزور المتاحف
وزيغفريد زيربرغ يهوى الفن، وكثيراً ما يذهب إلى المتاحف والمعارض برفقة صديق له متخصص في تاريخ الفنون، باستطاعته أن يصف له بشكل جيد ليتيح له الاتصال بما يُعرض من أعمال فنية.
لكن عندما يذهب زيغفريد زيربرغ بمفرده إلى المتحف، فإنه يفضل أن يتحسس الأعمال المعروضة، الأمر الذي لا يكون مسموحا به دائما. ولذلك فإنه يطالب بالسماح بذلك لمكفوفي البصر قائلاً:"أعتقد أنه لا بد من إعادة التفكير في ذلك، إذ إن السؤال الذي يجب أن يطرح فعلا هو: ألا يمكن جعل المزيد من الأعمال المعروضة قابل لأن يتحسسها العميان؟".
معرض فارينا في كولونيا - أقدم مصنع للعطور في العالم
وتحقق ذلك فعلا في بيت فارينا بمدينة كولونيا الألمانية، وهو متحف للعطور، يضم بين حجراته مصنع العطور الذي أسسه قبل ثلاثمائة عام منتج العطور يوهان ماريا فارينا، الذي ابتكر عام 1709 "ماء كولونيا" "Eau de Cologne". ويعد هذا المصنع الذي تحول إلى متحف، أقدم مصنع للعطور في العالم يديره الجيل الثامن لعائلة مؤسسه. يتولى ماريك ليزاكوفسكي إرشاد زوار المعرض، مرتدياً الزي الخاص بيوهان ماريا فارينا. ولا يسمح لزوار المعرض في العادة لمس أي من المعروضات كما يؤكد ليزاكوفسكي، لكنه يضيف أن هناك استثناء بالنسبة للعميان، ويقول: "على سبيل الاستثناء أسمح للعميان بأن يتحسسوا أثناء شرحي بعض المعروضات، مثلا الزي الذي أرتديه وهو من عصر الروكوكو، وكذلك الباروكة، ليمكنهم أن يتصوروا كيف كان يبدو الزي آنذاك". يسمح كذلك فقط للعميان بلمس زجاجات العطر القديمة والمكتب الأصلي الخاص بمبتكر عطر "ماء الكولونيا"، والذي يرجع تاريخه لعام 1680.
جمعية "العميان والفن" - معارض في الظلام للمبصرين
من ناحية أخرى، تنظم جمعية "العميان والفن" معارض خاصة للمبصرين، تدار في الظلام وتهدف لجعلهم يشاهدون الفن بطريقة جديدة. ويقول زيغفريد زيربرغ أحد المشاركين في إعداد تلك المعارض إن الفكرة تكمن في دفع المبصرين إلى تحسس الأعمال الفنية. ويريد زيبربرغ، وهو كفيف، أن يتيح الفرصة للمجتمع بأكمله لتجنب التركيز على العين، والتركيز بدلا من ذلك وبشكل كبير على اللمس والتحسس. وبذلك يتحول فقدان الضوء إلى فرصة للتعامل مع الظلام.
الكاتب: تامارا هيميل / محمد الحشاش
تحرير: سمر كرم