معركة الموصل- عناصر داعش "تتفنن" في التنكيل بالمدنيين
٤ نوفمبر ٢٠١٦مع اقتراب القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من مدينة الموصل، تتأزم وضعية المدنيين هناك أكثر. فبحسب المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، رافينا شامداساني، فإن تنظيم "داعش" قام بنقل 1600 شخص من بلدة حمام العليل إلى تلعفر القريبة من الموصل لاحتمال استخدامهم كدروع بشرية ضد الضربات الجوية. كما قام أيضا بنقل 150 أسرة من حمام العليل إلى الموصل يوم الأربعاء وفق ما أفادت المتحدثة.
شامداساني قالت أيضا إن متشددي تنظيم "الدولة الإسلامية" قتلوا مئات الأشخاص بينهم 50 من المنشقين و180 من الموظفين السابقين في الحكومة العراقية حول معقل التنظيم في الموصل.
واختار "داعش" أسلوب الترهيب لتخويف سكان الموصل والمناطق المحيطة من الانشقاق أو الهروب من المدينة. فعلى سبيل المثال قامت عناصر من "داعش" بقطع رأس أب سَبَّ زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وفق ما أفادت تقارير إعلامية دولية. كما قاموا أيضا بإعدام مجموعة من الشيعة في وسط المدينة وأمام أنظار الكثيرين، عن طريق رمي قنبلة وسطهم وهم أحياء، لاتهامهم بالتخابر. "مثل هذه الأفعال هي إشارة واضحة على أن التنظيم الإرهابي بدأ يخسر الدعم ليس من طرف السكان فقط، وإنما أيضا من طرف عناصره"، يوضح المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، صباح النعماني.
صعوبة الهروب
تمكن الكثير من مقاتلي "داعش" في الأشهر الأخيرة من مغادرة الموصل والاستقرار في سوريا. أما الباقون في الموصل فقرروا الدفاع عن أنفسهم بكل الوسائل. وفي هذا السياق قام مقاتلوا داعش عند طردهم من القرى المجاورة للموصل، بجلب سكان تلك القرى معهم لوسط الموصل لتعزيز دروعهم البشرية هناك، وفق ما أفاد بيورن بلاشكه، مراسل قناة "ايه ار دي" (ARD) الألمانية .
أثناء ذلك أفاد شهود عيان أن العديد من الأشخاص تحصنوا في منازلهم بالموصل حتى ينجوا من تنظيم "داعش". بيد أن رد فعل التنظيم الإرهابي على ذلك كان وحشيا "حيث تم إخراج هؤلاء الأشخاص من منازلهم وقتلهم بطريقة وحشية حتى يكونوا عبرة للآخرين، الذين يفكرون في الهروب من المدينة"، يقول بلاشكه.
وحسب شهود عيان فإن ابتكار طرق أكثر وحشية في الإعدام تحول الآن لهواية مفضلة لمقاتلي التنظيم الإرهابي، حسبما تؤكد الصحفية الألمانية أَنـَّا أوسيوس، التي كانت تعيش حتى وقت قريب في العراق. وتشير الصحفية الألمانية إلى أن تطبيق العقوبات الصارمة ضد المخالفات الصغيرة صار أمرا اعتياديا في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم. وتضيف "تحكي نساء أنه لا يسمح لهن بالخروج من البيت إلا مع ارتداء النقاب والقفازات. كما أن استخدام الهاتف المحمول ممنوع على جميع السكان، والأطفال ممنوعون من لعب كرة القدم".
وتوضح الصحفية الألمانية أوسيوس أن "الجهاديين لا تأخذهم رأفة حتى بالنسة للصغار والضعفاء." ويروي أطفال صغار هربوا من الموصل أن عناصر التنظيم الإرهابي قامت بقطع أيادي مدنيين. وتضيف أوسيوس "حكت لي امرأة تحمل معها رضيعها وهي تبكي، أن (عناصر) داعش قامت بتعذيبها وهي في الأشهر الأخيرة من الحمل. هنا يبدو في الواقع أنه لا وجود لأي صلة (بصفات) الإنسانية".
الخوف على مصير المدنيين
وبالإضافة إلى "جحيم" داعش، تزداد معاناة المدنيين مع احتدام معركة استرجاع الموصل. وهنا يؤكد منسق الصليب الأحمر الدولي في العراق أليكس موليتونوفيتش على ضرورة إيجاد سبل لتمكين المدنيين من مغادرة المدينة في أقرب وقت ممكن. ويقول موليتونوفيتش بهذا الخصوص "لا ينبغي لنا أن ننسى أن الغالبية العظمى من الناس في الموصل هم أبرياء وعانوا كثيرا من بطش داعش هناك".
بالمقابل هناك مخاوف أيضا من تعرض سكان الموصل ونواحيها للاعتداءت على أيدي الميلشيات الشيعية، التي تقاتل مع القوات العراقية. وقد أكدت تقارير صادرة عن الأمم المتحدة في وقت سابق حدوث مذابح ضد عائلات سنية في مدينة الفلوجة التي كانت تعتبر معقلا لداعش.
من جهته أعلن التحالف الدولي ضد داعش الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية أنه يتفادى قدر الإمكان سقوط مدنيين خلال قصفه لمواقع "داعش"، لذلك وحسبما يوضح مراسل "ARD" بلاشكه، يتفادى التحالف في الكثير من المرات قصف ملشيات داعش لتواجدهم وسط تجمعات بشرية. وهو ما يعني أن "القتال سيتحول في وقت ما لمواجهات برية"، يؤكد بلاشكه.
وحتى إذا تمكن المدنيون من الفرار من الموصل، فإن مأساتهم لن تنتهي بالكامل وذلك لصعوبة احتواء جميع النازحين الفارين من الموصل في المناطق القريبة. وبالرغم من وجود مخيمات بالمناطق الكردية في العراق، تتسع لحوالي 60 ألف شخص، إلا أن ذلك لن يكفي لاستيعاب كل النازحين من الموصل، الذين تتوقع الأمم المتحدة أن يصل عددهم إلى مليون شخص.