نجاح الانتخابات التشريعية العراقية يبعث على الأمل في عودة الاستقرار
أدلى العراقيون بأصواتهم بأعداد كبيرة في الانتخابات التي جرت يوم امس الخميس (15.12.2005) غير أبهين بإعمال عنف متفرقة، مع تصميم العرب السنة الذين يشكلون أقلية والذين قاطعوا الانتخابات السابقة على ألا يهدروا فرصة أن يكون لهم نصيب في السلطة مرة أخرى. في هذه الأثناء تتواصل عمليات فرز الأصوات وسط توقعات بان تكون المنافسة شديدة بين القوى السياسية الرئيسية في العراق.
يذكر أن هذه الانتخابات ستتيح تشكيل برلمان لمدة أربع سنوات يتولى اختيار الحكومة القادمة التي ستكون مسؤولة عن استتباب الأمن ولاستقرار وإعادة البناء. كما يؤمل من هذه الانتخابات إن تمكن من إنهاء معاناة العراقيين وأن تمهد لانسحاب القوات الأجنبية من البلاد.
مشاركة غير مسبوقة....
قدرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق عدد المشاركين في الانتخابات التشريعية بنحو 10 إلى 11 مليون شخص من اصل حوالي 15 مليون من الذين يحق لهم التصويت. وإذا ما تأكد هذا الرقم فان نسبة المشاركة تكون قد بلغت أكثر من 70 في المائة، وهو ما يعني أن نسبة المشاركة هذه المرة تفوق نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة التي جرت في كانون الثاني/يناير الماضي (59 في المائة) ونسبة المشاركة في التصويت على مشروع الدستور التي تمت في تشرين الأول/أكتوبر (63 في المائة). وكان الإقبال على التصويت قويا إلى حد أن مراكز الاقتراع ظلت مفتوحة ساعة إضافية في بعض المناطق للسماح للناخبين الذين اصطفوا في طوابير بالادلاء بأصواتهم.
....وعودة سنية مكثفة إلى حلبة اللعبة السياسية
هذا الإقبال الكبير هذه المرة يرجع في نظر المراقبين إلى المشاركة الواسعة من قبل السنة العرب بعد أن أدى رفضهم المشاركة في الانتخابات التشريعية الماضية إلى قيام برلمان كان تمثيلهم فيه ضعيفا جدا. وقد حرص السنة هذه المرة على الإدلاء بأصواتهم بعد أن تأكد لهم أن المقاطعة تعود بالضرر عليهم قبل غيرهم وسعيا منهم في أن يكون لهم دورا اكبر في الحكومة القادمة. كما أن بقاءهم خارج اللعبة الديمقراطية لن يعيد لهم المجد والنفوذ الذي فقدوه بسقوط نظام صدام حسين. كما حرصت جميع القوى السياسية والفئات الطائفية والقوميات والأقليات في البلاد على المشاركة في هذه الانتخابات.
أفاق الخارطة السياسية
لازال مبكرا الحديث عن طبيعة الخارطة السياسية المستقبلية التي ستتمخض عن نتائج هذه الانتخابات التي سيستغرق الإعلان عنها رسميا بعضا من الوقت. غير أن هناك قوى رئيسية ينتظر، وفقا لاستطلاعات الرأي وقياسا إلى حجم القاعدة الشعبية التي تمثلها، أن تشكل ملامح الخارطة السياسية القادمة في العراق. في هذا السياق أظهرت التوقعات غير الرسمية واستطلاعات في مناطق مختلفة من العراق بان التحالف الإسلامي الشيعي الشريك الأكبر في الحكومة الحالية وحلفائهم الأكراد مازالوا مهيمنين في المناطق الجنوبية والشمالية بالترتيب وهو ما يبدو منطقيا إلى حد كبير نظرا لوجود القاعدة الشعبية لهاتين القوتين في تلك الأقاليم ونظرا للإقبال الكبير فيها. لكن يبدو أيضا، وفقا لتلك التوقعات والاستطلاعات، وجود منافسة قوية من قبل "القائمة الوطنية العراقية" التي يرأسها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي. وبصرف النظر عن النتائج التي ستتمخض عنها الانتخابات والتي ستحدد حجم كل طرف، فان الخطاب السياسي للقوى العراقية المختلفة يشير إلى حرص الجميع تقريبا على حكومة وحدة وطنية تشارك فيها مختلف الفئات والطواف والقوميات وهو ما يحتاجه العراق في الوقت الحالي. التوقعات تشير إلى أن الحكومة العراقية القادمة ستكون ائتلافية تشارك فيها جميع القوى السياسية في البد.
دويتشه فيله + وكالات