نزعة الإباء البريطانية تتحدى عدمية الإرهاب
أفاق اللندنيون من صدمة الخميس وبدؤوا، رغم استمرار مظاهر الكابوس، في استخدام أجهزة النقل التي استهدفتها الهجمات القاتلة. وتغلب الصورة العامة التي عرف بها البريطانيون على ردود أفعالهم: الدم البارد والتصميم. وعادت شبكة مترو الأنفاق إلى العمل في لندن بعد أقل من 24 ساعة من التفجيرات التي أدّت إلى مصرع وإصابة العشرات.وبدا الكثيرون من أبناء الضواحي اللندنية، بدوا مترددين بعض الشيء في استخدام شبكة مترو الأنفاق غير أنّه لم يكن أمامهم من حلول أخرى. ونقلت وسائل الإعلام عن المسافر راج فاراثاراج قوله:"إنني خائف ولكن ماذا أفعل؟ إن مترو الأنفاق هو الوسيلة الأنجع للذهاب إلى مقرّ عملي. الحياة تستمرّ." وفتحت محطات المترو أبوابها بين الخامسة وعشرين دقيقة والخامسة والنصف صباحا مثلما هو معتاد، رغم توقّع تأخير في مواعيد بعض الرحلات بسبب غلق جزئي أو كامل لبعض الخطوط. ومن من ضمن 12 خطّا للمترو، مازال اثنان فقط مغلقين. أما شبكة الحافلات فقد أعيد فتحها بالكامل مع تغيير بعض المسارات لاسيما في المواقع التي شهدت الانفجارات.
وتكرّرت يوم الجمعة المشاهد التي طبعت ردود الأفعال العفوية للندنيين مباشرة إثر هجمات الخميس، حيث كان الهدوء هو السمة الغالبة. وحافظ سكان لندن على أعصابهم فيما بدت المدينة هادئة الجمعة لاسيما أنّ عدة موظفين، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، حصلوا على تراخيص بالتغيّب عن العمل. وأغلقت 54 مدرسة وستمنستر أبوابها. ولم يثر إجلاء محطّات القطارات في أوستن، وسط العاصمة، وشرينغ كروس وشارع ليفربول، صباح الجمعة في ساعة الذروة لفحص حقيبة مشبوهة، أي مظاهر غضب أو ارتباك. وقال متحدث باسم الشرطة إنّه من المتوقع أن تصدر عدة إنذارات "من هذا النوع طوال اليوم وهو أمر عادي."
ورغم ذلك مازال من الممكن مشاهدة الازدحام الذي عادة ما يميّز العاصمة البريطانية لاسيما في وسطها بسبب اضطرار اللندنيين إلى استخدام سياراتهم الخاصة بدلا من القطارات. فيما انتشر أفراد الشرطة البريطانية بسياراتهم بينما شددت الحراسة حول القصور الملكية. وتعيش الطرقات السريعة التي تربط لندن ببقية المدن البريطانية ازدحامًا شديدًا إذ بلغ طول اصطفاف السيارات التي تتحرك ببطء عليها عدة كيلومترات، فيما اضطرت شركات الطيران إلى تأخير رحلاتها لبعض الوقت لإتاحة الفرصة للمسافرين للوصول إلى المطارات.
وفي علامة على استئناف الحياة بشكلها الطبيعي، وفيما تتزامن الجمعة مع العطلة الإدارية الأسبوعية في بريطانيا، كان من الممكن مشاهدة عدّة أشخاص بصدد التوجه إلى حلبة سيلفرستون أين تبدأ في وقت لاحق منافسات بطولة بريطانيا لسباقات السيارات الفورمولا واحد والتي تستمر لثلاثة أيام فيما يعدّه المراقبون علامة على شجاعة البريطانيين وتصميمهم على عدم الرضوخ "لابتزاز الإرهابيين."
وقال عربي مقيم في لندن:"إنّ هذه العاصمة قدّمت درسا آخر للعالم حيث أثبتت أنّه، وحتى في حال تمّت مهاجمة الديمقراطية فإنّ مبادئها هي التي تشكّل سلاحا ضدّ هذا الهجوم." ولا يشاهد زائر لندن أي مظاهر غضب تستهدف المسلمين المغتربين. وقد خلفت تصريحات بلير نوعا من الارتياح في صفوف المسلمين حيث أعربت شخصيات إسلامية بارزة تقيم هناك عن تثمينها لتصريحاته التي أكّد فيها أنّ "الأغلبية العظمى من المسلمين أشخاص لائقون، يحترمون القانون ويمقتون الإرهاب بقدر ما نمقته نحن."