نقاشات حادة بشأن مستقبل بعض مدربي البونديسليغا
٢ نوفمبر ٢٠١٠عملية التسريح وما إذا كانت ضرورية ومجدية للفريق تتوقف على أمور كثيرة. فتسريح المدرب المخضرم فليكس ماغات ليس بالأمر السهل وليست عملية تسريح كغيرها، نظراً لما سيُرافقها من ضجة إعلامية كبيرة. فقبل أيام قليلة قررت إدارة نادي كولونيا إقالة المدرب الكرواتي تسفونومير زولدو من منصبه، لكن هذه الخطوة لم تتسبب في ضجة إعلامية تُذكر. خلافاً لذلك سيكون لإقالة ماغات من منصبه، مثلاً، صدى آخر، نظراً للاهتمام الإعلامي والجماهيري الكبير المتوقع.
ففليكس ماغات الذي يتولى مهاما عديدة في النادي يحظى بمكانة مرموقة بين المدربين ويتمتع بمشوار حافل بالألقاب والإنجازات الكروية. وهو يتمتع دون أدنى شك بقدرات وكفاءات كبيرة منحته لقب "صانع الأبطال". فمن الناحية الكروية لا يستطيع أحد أن يضمن بأن يكون المدرب الجديد أفضل من الذي سبقه، وأن يكون هذا المدرب المحتمل قادراً على إعادة شالكه إلى سكة الانتصارات.
لماذا اللجوء إلى تغيير المدرب في كل أزمة؟
حال بروسيا مونشينغلادباخ لا تختلف كثيراً عن حال شالكه. فبعد هزيمة متذيّل قائمة الدوري فريق مونشينغلادباخ مؤخراً أمام كايزرسلاوترن بثلاثة أهداف لصفر، أخذ البعض يتساءل، ولو سراً: أليس من المُجدي تسريح المدرب فرونتسيك والتعاقد مع مدرب جديد؟ هل من الممكن تحقيق ثلاثة انتصارات متتالية، بقيادة مدرب جديد، تُبعد الفريق عن مراكز الهبوط إلى دوري الدرجة الثانية؟
هذه تساؤلات تراود الكثيرين، لكن في المقابل ألا يُمكن تحقيق هذه الانتصارات مع فرونتسيك نفسه الذي وضع حجر الأساس لهذا الفريق ويعرفه جيداً ويعرف قدراته ونقاط ضعفه؟ ربما يكون من المستحسن منح فرونتسيك المزيد من الوقت، لاسيما وأنه أحد العناصر الهامة في تركيبة نادي مونشينغلادباخ.
المشكلة هي أن اللجوء إلى تغيير المدرب بشكل سريع وطارئ يؤثّر في أغلب الأحيان سلباً على الفريق. وهذا ما يحدث منذ وقت طويل لفريقي شتوتغارت وكولونيا اللذيْن أقدما، خلال الموسم الحالي، على تسريح مدربيهما بدافع الخوف أو الحيرة أو ما شابه ذلك. وعملية تسريح كهذه تُشير بوضوح إلى وجود مشاكل في تركيبة إدارة النادي واختلافات كبيرة بين الأعضاء الإداريين في الخطط الإستراتيجية للنادي. وفي مثل هذه الحالة تكون عملية التسريح التالية للمدرب الجديد المُحتمل ليست إلا مسألة وقت.
هناك أندية أخرى في البونديسليغا تتعامل مع مدربيها بشكل آخر. فثمة مدربين كبار ومخضرمين يتمتعون بصلاحيات واسعة تدفعهم إلى التمسك بآرائهم في جميع الأحوال، وأحياناً إلى عدم أخذ آراء الآخرين على محمل الجد أو حتى إلى عدم احترام رأي أي شخص آخر. وهذا ما دفع برئيس نادي بايرن ميونخ أولي هونيس إلى انتقاد مدرب الفريق البافاري، الهولندي لويس فان خال.
فان خال يتعرض لانتقادات لاذعة
وعلى الرغم من استعادة بايرن ميونخ شيئاً من بريقه بعد سلسلة من النتائج المخيبة في البونديسليغا، إلا أن رئيس النادي البافاري أولي هونيس وجّه انتقادات لاذعة لمدرب فريقه الهولندي لويس فان خال. وقال هونيس إنه من الصعب الحديث مع فان خال لأنه لا يحترم آراء الآخرين ويُسيء تقدير اللاعبين أو على الأقل بعضهم. وأكد هونيس أن الفريق البافاري يضمّ عدة لاعبين لا يحظون بالتقدير الذي يستحقونه من المدرب. وهنا يقصد هونيس بالدرجة الأولى لاعبين، مثل الأرجنتيني مارتين دميكيلس ومهاجم المنتخب الألماني ماريو غوميس والأوكراني الدولي أناتولي تيموشتشوك. لكن مثل هؤلاء اللاعبين يحتاجون إلى دعم خاص من المدرب لرفع معنوياتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم وتحفيزهم إلى بذل المزيد من العطاء.
والغريب في الأمر أن هذه الانتقادات جاءت بعد ثلاثة أسابيع من تمديد العقد مع فان خال، وجاءت في وقت استعاد فيه الفريق البافاري توازنه وعاد إلى تحقيق انتصارات كبيرة وإنجازات كروية، كفوزه مؤخراً على غريمه التقليدي فيردر بريمن في منافسات كأس ألمانيا، إضافة إلى النتائج الجيدة التي حققها في المباريات الثلاث الأخيرة للدوري الألماني "بونديسليغا" واقترابه من التأهل إلى ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.
صحيحٌ أن الكثيرين مُجمعون على أن مستقبل فان خال في ميونخ غير مُعرّض للخطر، لكن في حال عاد البافاريون إلى تحقيق نتائج مخيبة وتراجعوا على قائمة الدوري إلى المراكز السفلية، فلن يسلم فان خال من الانتقادات التي ستزداد، بكل تأكيد، حدة. وربما لن تكتفي إدارة النادي البافاري العريق بتوجيه الانتقادات.
مدربان متحمسان وناجحان
في الوقت الذي يتعرض فيه بعض المدربين لانتقادات لاذعة ويواجه البعض الآخر مصاعب جمة في ممارسة مهماتهم، يحظى آخرون بمديح كبير ويستطيعون ممارسة مهامهم بثقة كبيرة بالنفس، مثل مدرب فريق بروسيا دورتموند يورغن كلوب الذي نجح في قيادة أصغر فرق البونديسليغا سناً إلى صدارة الدوري. وهذا ما يُثير دهشة الكثيرين في أوساط الكرة الألمانية، لاسيما وأن متوسط أعمار لاعبي دورتموند لا يتجاوز 23 عاما، ما يعني أن اللاعبين لا يتمتعون بخبرات واسعة. لكن وعلى الرغم من ذلك استطاع يورغن كلوب بأسلوبه في التدريب وإستراتيجيته الناجحة تشكيل فريق متكامل تقريبا هجوماً ودفاعاً، ليُصبح من أبرز الفرق المرشحة للظفر بدرع الدوري.
إلى جانب كلوب يُقدّم مدرب آخر في البونديسليغا حالياً أداء قوياً ومُلفتاً ويُحقق مع فريقه نجاحاً يحلم به كثيرٌ من المدريبن الآخرين، ألا وهو مدرب فريق ماينتس توماس توخل الذي لم يتجاوز بعد السابعة والثلاثين من عمره. على الرغم من صغر سنه، إلا أن توخل يعرف جيداً كيف يُمكنه تحفيز اللاعبين كي يبذُل كل منهم أقصى جهد لديه. وهذا ما تحقق بالفعل، فلاعبو فريق ماينتس يلعبون بشغف وحماس كبيرين وبروح جماعية قلّت أمثالها. وفريق الكرنفال، كما يُطلق عليه، يحتل حالياً المركز الثاني على قائمة دوري البونديسليغا، متقدماً على حامل اللقب فريق بايرن ميونخ.
وفيما يتعلق بفليكس ماغات، المدرب ومدير الأعمال والمدير الرياضي في نادي شالكه، فمن شبه المستحيل تسريحه والاستغناء عن خدماته أثناء الموسم، لأن من شأن ذلك أن يترك فراغاً كبيراً داخل الفريق. ويرى كثيرٌ من المراقبين الرياضيين حتى أن نادي شالكه "لا يُمكن أن يستغني عن ماغات على الإطلاق".
علاء الدين موسى البوريني
مراجعة: أحمد حسو