هاينرش فون بيرر: تاريخ حافل بالنجاحات

ولد رجل الأعمال الألماني هاينرش فون بيرر في مدينة إرلانغن الألمانية عام 1941. وفي بداية مشواره الجامعي، درس فون بيرر العلوم القانونية في جامعة هاينرش-ألكسندر في إرلانغن. وبعد إكمال الدراسة الجامعية، أعد في عام 1968 أطروحة دكتوراه أهلته للالتحاق بالحياة العملية. وفي عام 1969 التحق بمؤسسة سيمنس الألمانية ومارس وظيفة بسيطة في القسم القانوني، كانت ربما لا تبشر بمستقبل مهني ناجح. وخلال العشرين سنة اللاحقة، تسلم فون بيرر مراكز وظيفية عدة في الشركة الألمانية ذاتها، فقد اختير في عام 1988 رئيسا لقسم المبيعات وعضواً في مجلس إدارة إحدى الشركات التابعة لسيمنس. ولكن بعد عام من ذلك تولى رئاسة مجلس الإدارة ليصبح بذلك عضواً في مجلس إدارة الشركة. ويبدو أن الزمن لم يطل قبل انتخابه رئيسا للمجلس، ليتربع بذلك على عرش الشركة الألمانية العملاقة لمدة 12 سنة.

أسس إدارية وانتشار عالمي

في الفترة التي تولي فيها فون بيرر رئاسة مجلس إدارة الشركة، حدث تحول كبير على سياساتها. فبعد فترة طويلة من اعتمادها على عملاء معروفين في الأسواق، دخلت سيمنس إلى مضمار التنافس العالمي كشركة كان عليها أن تراعي مصالح المساهمين. كما تم خلال هذه الفترة تطوير وتنمية الكثير من البرامج التي أثرت إيجابياً في هذا التحول. ومن اللافت للنظر أن هذه البرامج التي أشرف فون بيرر على تنفيذها كانت تهدف إلى تطوير نظام إدارة شركة سيمنس والاهتمام بمواضيع ذات إستراتيجية مهمة تتعلق بالابتكار والإبداع والتركيز على العملاء والقدرة على المنافسة عالميا. كما تضمنت هذه البرامج إيجاد آليات إدارية صحيحة، على حد تعبير بيرر. وقد لخص فون بيرر زبدة عمله بكلمات مختصرة: "عالج، أشتري وتعاون". وبعد هذا المشوار الطويل تم انتخابه أوائل عام 2005 رئيساً لمجلس أمناء سيمنس بعد أن قررت الشركة تعزيز المراكز القيادية فيها بالطاقات الشابة.

ادوار جديدة

يبدو أن مشوار فون بيرر لم ينتهِ بعد تنحيه عن منصب رئاسة مجلس إدارة سيمنس وتوليه منصب آخر يحتم عليه مراقبة قرارات وخطوات مجلس إدارتها. فقد اتجه إلى العمل السياسي، ليتسلم منصب المستشار الاقتصادي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أثناء الحملة الانتخابية التي خاضتها عام 2005 ضد المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر. وفي الفترة التي تولي فيها غيرهارد شرودر منصب المستشارية كان فون بيرر عضواً في "مجلس الابتكار والنمو" الذي كان استمراره أحد شروط الاتفاق بخصوص الائتلاف الموسع بين الحزبين الاشتراكي الديمقراطي والمسيحي الديمقراطي. وقد أُنيطت بـ فون بيرر مهمة رئاسة المجلس المكون من عشرة أعضاء. هذا وما تزال بصمات فون بيرر ماثلة للعيان، ليس فقط على صعيد السياسة الإدارية والتسويقية لشركة سيمنس، بل وعلى انتشارها عالمياً وخصوصاً في الأسواق الآسيوية التي كانت نسبة مبيعات الشركة فيها عام 1992 قرابة 26.1 مليون يورو ولكنها اليوم شهدت على يدي فون بيرر قفزة كبيرة بلغت 8.7 مليار يورو.

العودة إلى الربوع الأولى

بعد أن حصل فون بيرر مقابل إنجازاته الكبيرة على تقدير المؤسسات الثقافية والعلمية كحصوله مثلا على "جائزة الاستحقاق البافارية" و"خاتم الشرف الذهبي لمدينة إرلاينغن" و"صليب الاستحقاق العالي لجمهورية ألمانيا الاتحادية"، عاد فون بيرر إلى الأروقة الجامعات مجدداً. ولكن هذه المرة بصفته أستاذا. فقد عينته الجامعة التي تخرج منها أستاذا بالمكافئة في قسم العلوم الاقتصادية الاجتماعية، الذي اعتاد أن يقيم فيه الكثير من الحلقات الدراسية والمحاضرات المتعلقة بأسس إدارة المؤسسات التي تعمل في مجال التكنولوجيا. كما نال فون بيرر دكتوراه فخرية من جامعة ميونيخ التقنية عام 1997 وأخرى من جامعة غراس التقنية النمساوية عام 2005. الجدير بالذكر أنه نشر كتاباً يحمل عنوان "بين المنفعة والأخلاق" صدر عن دار نشر هانزر الألمانية.