هل ستختفي مراكز التسوق من المدن الألمانية؟
١٧ نوفمبر ٢٠١٣رمزت مناطق التسوق في مراكز المدن الألمانية في الخمسينات من القرن الماضي إلى ازدهار اقتصاد البلاد. وتم تدشين أولى تلك المناطق التي تتميز بخلوها من حركة المرور عام 1953 في مدينة كاسل، أي قبل ستين عاما.
اليوم، لا نلحظ تغييرا لوضع المباني فحسب، وإنما أيضا لنوعية المتاجر الموجودة فيها والتي باتت غالبيتها تشكل فروعا للشركات الكبرى، في ما اختفت المحلات والمشاريع الصغرى التي كانت تدار من قبل عائلات.
وفي المدن الكبيرة التي يزيد عدد سكانها على 500 ألف شخص، لا يزال هذا النوع من مناطق التسوق مركزا يؤم إليه السكان والزوار على حد سواء. وهذا ما يفسر مثلا، ارتفاع قيمة كراء المحلات التجارية في المدينة القديمة بميونيخ خلال العقد الأخير إلى مستوى الضعف. في المقابل، تراجع الطلب على مثل هذه المحلات في بعض المدن الصغيرة والمتوسطة، حيث محالات تجارية مقفلة وتراجع في أعداد الزوار.
المزج بين التاريخ والتجارة
إلا أن الأخصائيين في مجال تخطيط المدن يرون أن الوضع "يتعلق بمدى قدرة المدينة نفسها على تقديم مركز تسوق مميز وناجح. وذلك إلى جانب إدراج مطاعم باختصاصات مختلفة، وعروض ثقافية متنوعة"، كما يقول أوفيه ألتروك، مدير معهد تجديد وإعمار المدن من جامعة كاسل الألمانية.
وحسب ألتروك، يجب الحفاظ على هيكل المراكز التاريخية التي هي بالأساس النواة المعمارية للمدن العصرية، كما يجب جذب اهتمام الزوار عبر عروض إضافية حتى لا ينخفض عددهم. وتتمثل هذه العروض بالدرجة الأولى في عرض سلع مختلفة تفي بمتطلبات العديد من الأذواق. ويقول ألتروك أيضا، إن المطاعم والمسارح ودور السينما والمتاحف تلعب هي الأخرى دورا هاما، لأنه لا يمكن الاعتماد على مراكز التسوق وحدها لجلب المزيد من الزوار.
إيكيا (IKEA) كعنصر "مدمر"
من جهة أخرى، حمل الخبير ألتروك شركة "إيكيا" السويدية العملاقة لإنتاج الأثاث، مسؤولية "تدمير" مراكز المدن، معلّلا ذلك بكونها تعمل على بيع كل مستلزمات المطبخ والبيت من كؤوس زجاجية وشموع وغير ذلك بأسعار منخفضة جدا. وهي بالذات المنتوجات التي كانت تطرح عادة في مراكز المدن ومن قبل محلات كان يديرها حرفيون. ورغم ذلك، ترى مدن كثيرة أنه من الضروري أن تضم فرعا لـ"إيكيا"، لأن التجربة أثبتت أن سكان المدن الخالية من متجر الشركة السويدية، عادة ما يتوجهون إلى المدن المجاورة للتسوق في "إيكيا".
الإنترنت كمنافس
وهناك أيضا تحدٍ آخر تواجهه مراكز التسوق، وهو الانترنت. فعدد متزايد من الناس يدخلون المحلات التجارية ويستشيرون الباعة، لكنهم في نهاية المطاف يتسوقون من الانترنت نظرا لانخفاض سعر البضاعة ذاتها على النت.
وأطلق المختصون على هذه العملية لقب "التصفح"، وبموجب دراسة قام بها معهد لأبحاث السوق، يلجأ نحو68 بالمائة من الألمان إلى هذا الأسلوب، أي إلى تصفح السلع في المحلات، لكن شراءها يتم عبر الانترنت. ورغم ذلك، يستبعد ميشائيل راينك من اتحاد التجارة في ألمانيا، خطر إفلاس محلات البيع في مراكز المدن، باعتبار أن التجارة الالكترونية في عام 2025 لن ترتفع إلا بنسبة "تتراوح بين 20 و25 بالمائة"، ما يعني أن ثلاثة أرباع المبيعات ستقام في محلات البيع والمراكز التجارية الكلاسيكية، كما يقول راينك. ولا يعتقد كل من أوفيه ألتروك وميشائيل راينك أن مراكز التسوق ستختفي يوما ما كليّا، لأنها "تمثل وستمثل دائما الوجهة الأولى لزوار المدن"، كما يقول راينك. أما ألتروك فيتساءل عما "إذا سيبقى بإمكان أحد التوجه إلى مراكز المدن في حال اختفت منها مراكز التسوق؟!".